قمة العشرين .. ماذا تعني للسوق؟

تنعقد في «تورنتو في كندا» هذه الأيام قمة العشرين في ظل تباين في مواقف أعضائها نظراً لتعارض المصالح لبعض الدول على حساب الأخرى، فالموقف الأمريكي ما زال يدعم توجه الإنفاق لكون النمو هشاً، ولذا لا يجب التسرع في ركوب عجلة النمو لحين تقوى تلك العجلة، بينما الموقف الأوروبي متمسك بسياسات التقشف وفرض الضرائب على البنوك وتعاملاتها والحد من المكافآت المالية للتنفيذيين، بينما في الصين ما زال الإحجام عن بعض السياسات النقدية المتعلقة بالعملة الصينية. ومن جانب الدول الناشئة كالمملكة فهي ترمق بلا شك ما يتم التشاور عليه لحماية مصالحها الاقتصادية في المقام الأول والتي منها المشاركة بفعالية في إصلاح النظام المالي العالمي، وتقديم مزيد من الشفافية للحد من التلاعب في الأسواق المالية، وإلزام القطاع المالي بالذات، بتحمل الأعباء المترتبة من جرّاء أعمال يتسبب فيها. ومن هذا المنطلق ولكيلا نسترسل في مشكلات العالم فإنني سأختزل الموضوعات الكبيرة في موضوع واحد يهم السوق المحلية إذ إن مديونيات أوروبا أو غيرها ليست بذلك القدر من الأهمية في انعكاسها على اقتصادنا المحلي، بل إن النظام المالي بالذات وعلى وجه الخصوص الدفع بتقديم مزيد من الشفافية هو واحد من الموضوعات التي تدخل في إطار اهتماماتنا الآنية لاقتصادنا المحلي. إن الشفافية لتعد منظومة معلوماتية مدعومة ببيئة تشريعية تطبق وليس فقط تسن لها التشريعات دون تطبيق، ولذا فمهما بذل من جهد نحو تحقيق ذلك المبدأ ووجد خلل في أي جزئية من هذه المنظومة فستكون النتيجة سلبية وغير مرضية. ولعل مبدأ الشفافية خصوصاً في سوق الأسهم هو واحد من أكبر المشكلات التي كانت وما زالت تعانيها على الرغم من التحسن الكبير في بعض المكونات لهذه المنظومة نحو تحقيقها. إلا أن الأمر ما زال أدنى مما هو مأمول والطريق ما زال طويلا، حيث إن من طبيعة الأسواق المالية التسارع والتغير بديناميكية قد لا يتمكن المشرِّع من التعامل معها بسهولة. ولكون الشفافية واحدا من الموضوعات المهمة لإصلاح النظام العالمي المالي، فمن باب أولى أن ندرك أهميتها لدفع فعالية الأداء وكفاءته في السوق والاقتصاد إجمالاً وإلا أصبحت السوق عبئاً على النمو الاقتصادي ومصدر هدر يسطو فيه الكبار نظاماً على مدخرات الصغار.
إن تبعات عدم تحقيق مبدأ الشفافية ليست بالأمر البسيط، بل هي متعلقة بالدورة الاقتصادية ككل ومدى حيويتها، وليس ذلك بغريب وإلا لما صارت هذه واحداً من موضوعات القمة من مفاتيح الحلول للنظام العالمي الاقتصادي. أخيراً .. إن الشفافية ليست متعلقة فقط بسوق الأسهم، بل هي مطلب لكل أجزاء الاقتصاد ومكوناته، ولذا فلن يستقيم نتاج قطاع من قطاعات الاقتصاد إذا كان هناك خلل في تطبيق ذلك المبدأ عليه، وبالتالي لن ننتظر إيجابية في الأداء، بل سنكون على موعد مع الإخفاق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي