الاتفاق على قانون الإصلاح المالي يرفع مستوى تداول الموجودات الخطرة
الترحيب الذي لقيه الاتفاق على قانون الإصلاح المالي في الولايات المتحدة كان من شأنه - في الوقت الحاضر على الأقل - التخفيف من المخاوف المستمرة من أن الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا يمر بحالة تراجع، وبالتالي ازدادت شهية المستثمرين للتداول في الموجودات الخطرة.
ارتفعت أسعار النفط واليورو، وظل مؤشر فاينانشيال تايمز للأسهم العالمية على حاله بعد فترة من الشد والجذب، حيث عاد من مستوى هبوطه بعد تركيز الأسواق الآسيوية والأوروبية على الرياح المباشرة التي تواجه الانتعاش الاقتصادي.
بعض المخاطر المحيطة بأسهم البنوك الأمريكية ربما تكون قد تراجعت الآن بعد أن وضع المشرعون الأمريكيون في واشنطن اللمسات الأخيرة على قانون التنظيم المالي، الذي ستكون له آثار بعيدة المدى، رغم أن هذا القانون لا يعتبر الترياق الشافي التام للنمو العالمي الذي تحتاج إليه الأسواق لتنطلق بمنتهى القوة إلى سابق عهدها بعد فترة مؤلمة من الضعف والتراجع.
قال دوج كليجوت المحلل الاستراتيجي للأسهم لدى بنك كريدي سويس: ''هذا القانون إنجاز إيجابي يقول على نحو لا لبس فيه إنه سيكون هناك بعض الوضوح بخصوص النظام المالي. لكنني أظن أنه لا تزال هناك للأسف بعض الجوانب التي ينبغي توضيحها حين يتم التوقيع على مشروع القانون، قبل أن يكون لدينا اليقين الحقيقي حول أمور من قبيل المتطلبات الرأسمالية''.
في نيويورك ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 0.8 في المائة. وتصدرت القائمة أسهم الشركات المالية، التي سجلت ارتفاعاً بنسبة 2.6 في المائة. وكان في مقدمة الشركات المالية أسهم شركة موديز، التي قفز سهمها بنسبة 7.8 في المائة بعد أن لوحظ أن مشروع القانون الخاص بإصلاح النظام المالي خفف من لهجته حول وكالات التقييم الائتماني.
كذلك كان يبدو على البنوك أنها مقتنعة بأن الأجهزة التنظيمية ستعمل على تخفيف الشروط الواردة في إطار بازل 3، في حين أن عملية البيع التي قام بها بنك سيتي جروب لمحفظة قروض مقدارها 3.2 مليار دولار، هذه العملية ربما تعتبَر علامة إيجابية على أن سوق الموجودات البنكية تعمل بصورة طيبة للغاية. وقد ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز للبنوك العالمية بنسبة 1 في المائة.
إضافة إلى ذلك، تلقى الأشخاص المتفائلون بارتفاع الأسعار وتحسن الأوضاع مساندة من تقرير الأرباح الذي حطم التوقعات من شركة أوراكل، ثالث شركة في العالم لبرامج الكمبيوتر. وهذا ذكَّر المستثمرين (قبيل موسم أرباح الربع الثاني في الشهر المقبل) بأن أرباح الشركات تعطي أساساً متيناً للأسعار في السوق.
لكن المتداولين مستمرون في القلق حول سلامة قطاع الإسكان الأمريكي، بعد صدور بعض التقارير السيئة حول الأرباح والتوقعات من عدد من الشركات التي تتعامل مع المستهلكين، مثل شركة نايك Nike، التي كانت متشائمة حول آفاق الأرباح لبقية العام. كذلك فإن سندات الخزانة الأمريكية، وهي سوق كانت بصورة عامة في حالة تراجع أكثر من سوق الأسهم، مستمرة في التراجع عن الاتجاه العام.
ما أضاف إلى المخاوف المذكورة آنفاً القراءة النهائية يوم الجمعة لأرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول في الولايات المتحدة، التي أظهرت أن النمو في أكبر اقتصاد في العالم تم تعديله إلى الأدنى ليصبح 2.7 في المائة، بعد أن كان 3 في المائة. كذلك فإن أنظار المتداولين ستكون باتجاه أي تطورات يمكن أن تظهر من قمة مجموعة العشرين في تورنتو.
عانت آسيا بعض الألم بسبب التراجع الذي شهده وول ستريت في اليوم السابق، حيث كانت شركات التصدير بصورة خاصة تشعر بالقلق حول الاقتصاد الأمريكي. وقد هبط مؤشر فاينانشيال تايمز لمنطقة آسيا ـ الباسيفيك بنسبة 1.5 في المائة، حيث إنه تضرر بصورة بالغة بفعل التراجع الذي سجله مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بنسبة 1.9 في المائة.
مخاوف مماثلة حول الطلب أضرت بالسلع، وبالتالي أضرت ببورصة سيدني الغنية بشركات الموارد الطبيعية، إلى جانب رد الفعل المتحفظ بخصوص آفاق الضريبة الفائقة على شركات التعدين، التي أثرت في المزاج العام كذلك. وكان من نتيجة ذلك أن تراجع مؤشر ستاندارد آند بورز ـ إيه إس بي S&P/ASX 200 في سيدني بنسبة 1.5 في المائة. وفي هونج كونج تراجع المؤشر 0.2 في المائة. أما في شنغهاي فقد تراجع المؤشر بنسبة 0.5 في المائة.
في أوروبا قدمت البنوك بداية طيبة ولا بأس بها في التعاملات، لكن التراجع في قطاع الموارد الطبيعية كان له أثر معاكس في تلك المكاسب. في لندن تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بنسبة 0.8 في المائة، وكان السبب فيه، كما كانت الحال في السابق، الهبوط الحاد في أسهم شركة بريتش بتروليوم. أما مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا فقد تراجع بنسبة 0.5 في المائة.
شهدت سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات تراجعاً في الطلب بعد تحسن وضع العقود الآجلة على الأسهم في وول ستريت، ولم تستطع أن تواصل التحسن الذي شهدته فور الإعلان عن بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة. لكن العوائد تظل قريبة من مستوى 3 في المائة، وهو المستوى الذي يمكن أن يشعل فتيل مزيد من الحديث عن الركود الاقتصادي الطويل الذي يتبعه انتعاش قصير الأجل، ويمكن أن يسبب مزيدا من الهروب نحو ما يسمى بمنطقة السندات السيادية الأساسية في حال اختراقه. هذا الأسبوع سارت المزادات على السندات الأمريكية سيراً حسناً، ما أعطى مزيدا من المساندة لهذه السندات. تراجعت العوائد بنسبة ثلاث نقاط أساس لتصل إلى 3.10 في المائة.
الأنباء التي أكدت أن الانكماش الاقتصادي ما زال يلاحق تقدم اليابان جعلت العوائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات تصل إلى 1.15 في المائة، وهو رقم قريب من أدنى مستوى لها منذ سبع سنوات.من جانب آخر تشهد أسواق السندات في البلدان ''الهامشية'' في منطقة اليورو نوعاً من الحركة، لكن العوائد تظل عند مستوياتها المرتفعة التي سجلتها في الفترة الأخيرة. على سبيل المثال بلغ العائد على السندات الحكومية اليونانية لأجل 10 سنوات 10.5 في المائة، في حين أن عقود التأمين على السندات ضد الإعسار يتم تداولها الآن بنسبة 970 نقطة أساس، وهو رقم قريب من الرقم القياسي. \