شكرا أيها الأعداء
في كتابه الذي طرحه أخيرا، ينظر الشيخ سلمان العودة إلى الأعداء باعتبارهم عوامل مساعدة وداعمة كما هو حال الأصدقاء، فنقدهم الذي لا يخلو من الصحة يتحول إلى بوصلة للتصحيح والإصلاح للنفس.
هذه الرؤية الجريئة، تجعل كتاب "شكرا أيها الأعداء" من الكتب التي تحفز على إعادة النظر في تقييم الإنسان لقيمة العداء إن استطاع أن يستثمره من أجل إعادة بناء ذاته بشكل أفضل.
العدو ليس مجانبا للصواب في كل الأحوال. فهو يرى فيك نقاطا لا يراها فيك من يحبك، وهو يلتقط أوضاعا ومسالك لا يلتقطها من هو قريب منك، وربما إن رآها فإنه يغض الطرف عنها وينظر إليها بعين المحب لا عين الكاره.
يلفت الانتباه في خطاب الشيخ سلمان العودة هذا السمو والشفافية التي ترقى في أحيان كثيرة إلى المثالية المفرطة، فيما لو قارناها بواقع الحال.
وإذ يتحدث عن قضية التعصب للنفس باعتبارها الأمر الذي يفضي إلى التحول عن الجادة. هذا ينتج عن الانتصار للنفس في لحظة اعتزاز بالذات، وغالبا ما يعقبه إيغال في البعد عن طريق الصواب. باسم الانتصار للنفس تتزايد المناكفات بين هذا وذاك، وتتلاحق الرؤى والاتجاهات التي تخرج عن نطاق المصالح العامة إلى المصلحة الفردية. جيد أن يحاول كل إنسان أن ينصت لما يقوله أعداؤه عنه.