زيادة المبادرات السعودية في «العشرين» تحولها لصانع قرار دولي
أوصى اقتصاديون ومصرفيون سعوديون بتفعيل وزيادة المبادرات السعودية داخل مجموعة العشرين بما يضمن توظيفها ضمن توصيات القادة السياسيون وهم يجرون عمليات الإصلاح الواسعة على النظام المالي العالمي وخطط دعم الانتعاش الاقتصادي، وبتوظيف ذلك ضمن المصالح الاقتصادية للمملكة.
وطرح الاقتصاديون خلال مشاركتهم في ندوة نظمتها ''الاقتصادية'' قبل أيام من انعقاد القمة الرابعة لمجموعة الدول العشرين ثمانية توصيات أساسية يعتقدون أنها مؤثرة ويمكن أن تستهدف المصالح السعودية الاقتصادية المتنامية, إلى جانب عدم تعارضها مع المسار الدولي الراهن، والتي منها الاستمرار في برامج التحفيز الاقتصادي المتبعة وإبقاء أسعار الفائدة في مستوياتها الحالية، ومعالجة سوق العمل محليا ودوليا.
تناول المشاركون في الندوة أجندة قمة قادة دول ورؤساء مجموعة العشرين التي تنطلق اليوم في تورنتو الكندية، واتفقوا على أن هناك تباينا وأجنحة داخل المجموعة تحركها المصالح الفردية، وأن قرارات المجموعة ليست ملزمة لأعضائها، إلا أن هناك اتفاقات وإجراءات تتم بتوصيات من تلك القمم شاركت المملكة بفاعلية فيها وعلينا الاستمرار بذلك.
الندوة التي شارك فيها كل من الدكتور عبد الرحمن الحميد أستاذ المحاسبة في جامعة الملك سعود والكاتب الاقتصادي، والدكتور عبد الوهاب أبو داهش، كاتب ومستشار اقتصادي، ومطشر المرشد، مصرفي وكاتب واقتصادي، والدكتور محمد الجديد، مصرفي وكاتب اقتصادي، تطرقت للعديد من المحاور المرتبطة بالقمة .. فإليكم تفاصيل الندوة:
#2#
#3#
#4#
#5#
ماهية العشرين ودورها الدولي؟
انطلقت الندوة بإعطاء لمحة من المشاركين عن ماهية مجموعة العشرين؟ والأدوار التي أنيطت بها على صعيد إدارة الاقتصاد العالمي باعتبارها المنتدى الرئيس لتداول أزماته المتلاحقة, كما أقرت قمتي لندن وبتسبيرج.
الدكتور عبد الوهاب أبو داهش دشن الندوة بالتذكير بأن مجموعة العشرين خرجت كفكرة إلى العلن نتيجة للأزمة التي ظهرت في المكسيك ومن ثم في جنوب شرق آسيا وكان الهدف من إنشائها مساعدة الدول النامية في اتخاذ قرار يخص الاقتصاد العالمي ككل لأن التأثير أصبح واضحا بعد نظم التجارة العالمية وتحرير التجارة تقريباً وتقابل الأنظمة واشتداد التنافسية بين الدول.
وقال ''تنامت أدوار عدد من دول العالم انتهاء بتأسيس مجموعة العشرين سنة 1999 وعقد أول قمة في تشرين الثاني (نوفمبر) في واشنطن 2008، وفي اعتقادي أن الأزمة المالية التي ضربت العالم واليوم تنتشر في أوروبا أثبتت أننا في حاجة إلى تنسيق كبير جداً بين الدول العشرين على وجه التحديد, خصوصاً فيما يتعلق بالسياسات المالية الكلية وليس السياسات النقدية, التي في اعتقادي أنها أمور خاصة بكل دولة على حدة لا يمكن أننا نتكلم أن دولة تخفض أو ترفع سعر الفائدة من أجل إنقاذ دولة في الجنوب أو في الشمال أو خلافه, لأنها لن تكون مفيدة.. ولا يمكن تنفيذها''.
أبو داهش يتابع: في نهاية المطاف سوق العملات يجب أن تخضع لقوى السوق .. اليوم نشاهد اليورو يتراجع من 31 إلى تحت العشرين, ولا أعتقد أن أوروبا ولا حتى أمريكا لديهم القدرة للسيطرة على ذلك. ولذلك العملات تخضع لقانون العرض والطلب في سوق العملات الدولي. بينما السياسات المالية النقدية تصب فقط لكل دولة على حدة, وأعتقد كل الدول نجحت في هذا الشأن، على الصعيد الفردي وليس على الصعيد الجماعي.
الدكتور محمد بن ناصر الجديد، من ناحيته يؤكد أولا أن مجموعة العشرين تم تأسيسها كطاولة وتبادل وجهات النظر بين الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الناشئة بمعنى آخر لفتح المجال للاقتصادات الناشئة للمشاركة في صناعة القرار الاقتصادي على المستوى العالمي.
تمثل اقتصادات أعضاء قمة المجموعة العشرين مجتمعة ما يقارب 90 في المائة من إجمالي الناتج القومي العالمي، و80 في المائة من حجم التجارة العالمية، 66 في المائة من عدد سكان العالم. تشكل هذه الإحصاءات، من الجانب النظري على أقل تقدير، ثقلا عالميا مؤثرا في الاقتصاد العالمي ونظامه المالي.
من أهم إنجازات قمة مجموعة العشرين ترقية مستوى تمثيل أعضائها من وزراء مالية ومحافظي مصارف مركزية إلى ملوك ورؤساء ورؤساء حكومات، ما ساعد على زيادة متانة المشاركة الفعالة في تبادل وجهات النظر على طاولة القمة.
ومن النتائج التابعة لهذا الإنجاز ما صدر عن قمة العشرين في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 في العاصمة الأمريكية واشنطن من بيان القمة الذي عرف مجازاً بـ ''بيان واشنطن''. ركّز البيان على خمسة محاور هي: توحيد وجهة النظر حول مسببات الأزمة العالمية الأخيرة، ومراجعة برامج الإصلاح الاقتصادي للدول الأعضاء والتزاماتها في سبيل معالجة الأزمة العالمية ودعم النمو الاقتصادي، والاتفاق على مجموعة من المبادئ العامة لإصلاح الأسواق المالية، وإطلاق خطة إصلاح عامة وتكليف وزراء المالية في الدول الأعضاء لتنفيذها ورفع التوصيات إلى قادة القمة في اجتماعهم المقبل، وأخيراً، توثيق التزام قادة القمة بانتهاج مبادئ السوق الحرة.
الجديد: الواقع أن مجموعة العشرين حققت بعض الإنجازات وبعض الإنجازات ما زالت أقل من المأمول، والمؤكد أن القمم المتلاحقة وآخرها في بيتسبيرج تم الغعلان فيها ولأول مرة بصورة صريحة بأن مجموعة العشرين ستحل محل مجموعة الثماني.
أعتقد الآن أن قمة تورنتو يمكن أن تكون مشابهة لقمة واشنطن، إذ يبدو أن هناك تطورات كبيرة من ناحية دور مجموعة العشرين في الأعوام المقبلة وهذا ما نتوقعه بالعودة إلى التصريحات أو الآراء المتابينة التي أطلقها قادة المجموعة على مدى الأيام الماضية.
التزام مجموعة العشرين بتعهداتها ومدى الانسجام بينها كان مدخلا لمطشر المرشد في بداية الندوة حيث أكد أولا أن السبب وراء تكوين مجموعة العشرين هو ضعف أداء مجموعة السبع ومجموعة الثماني وعدم سيطرتهم على كثيراً من مفاصل الاقتصاد العالمي، بمعنى أن الدول الناشئة وبينها الكثير من حملة الفوائض المالية، كما ذكر الزملاء من قبلي لابد أن يتم إشراكها ضمن هذا التجمع.
تاريخيا معاهدة ''بيتروودز'' بعد الكساد الكبير نتج عنها كيانات دولية ضخمة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، واليوم ونتيجة للأزمة الطاحنة، ولمواجهة حالة الطوارئ التي تواجه القطاع المالي العالمي تكونت مجموعة العشرين بعد الانهيارات المالية في أمريكا إلى أوروبا وبعض المناطق الأخرى بسبب مشتقات الرهن العقاري.
أداء المجموعة والالتزام بتعهداتها متفاوت إذ إنها في بداية الأزمة استطاعت اتخاذ قرارات سريعة بتكوين صناديق إنقاذ في أمريكا وفي بعض الدول النفطية والبرازيل والهند التي كان لديها بعض الفوائض طلب منها زيادة النفقات الحكومية لإنعاش بعض القطاعات في الاقتصاد العالمي هذا نتج عنه على المدى القصير شبه إنعاش قلب مريض، شهدنا بعده انتعاش بعض القطاعات، ولكن لا تزال هناك مكامن خطر على المستوى العالمي.
#2#
مكامن الخطر, كما يقول مطشر, تتمثل في أزمة الديون الأروربية والتي كان لبرامج التحفيز الدولية علاقة بها بشكل أو بآخر، إذ إن استمرار تلك الدول في مجاراة قرارات مجموعة العشرين بالاستمرار بالصرف والاستدانة بنهم أدى إلى هذه المشكلة.
ويضيف ''أود أن أشير إلى أمر يتعلق بالمصالح الفردية داخل المجموعة والذي دليله إقحام أوباما أسعار الصرف ضمن أجندة العشرين والمطالبة بخفض الصين عملتها الليوان والذي يخدم فقط مصالح المصدرين الأمريكيين، وأعقتد أن قمة تورنتو ستشهد سجالا حول هذه الأمور''.
الدكتور عبد الرحمن الحميد أستاذ المحاسبة, اختار إصلاح القوائم المالية ومعايير رأس المال سواء للبنوك أو للمؤسسات الدولية مدخلا للحديث عن مجموعة العشرين، حيث أشار إلى أنها المرة الأولى في التاريخ الذي ينظر فيه على أن عملية إنتاج المعلومات المحاسبية بشكل عالمي وليس بشكل محلي فقط هي السبب الرئيس وراء الأزمات الاقتصادية والمالية، لقد اكتشف المستثمرون والسياسيون والاقتصاديون أن القرارات الاقتصادية والاستثمارية إذا بنيت على معلومات محاسبية ليست عادلة ومتفاوتة ستنتج قرارات خاطئة من الصعوبة بمكان تحديد حجم الخطر فيها.
''اكتشفوا أن هناك خطرا على الاقتصاد العالمي من معايير القوائم المالية المطاطة والمتفاوتة بين مناطق العالم والتي منها مثلا عملية التحقق من الإيراد في القطاعات الاقتصادية المختلفة، متى يتحقق الإيراد؟ وكيف يتم حسابه في كل دولة من دول العالم؟ وهنا نتحدث عن أكبر 20 اقتصاد في العالم''.
وتابع الحميد: في سبيل ضبط عملية تقييم الأصول والمخاطر والقوائم المالية بدأ المشرعون السياسيون والاقتصاديون ضمن العشرين في الانتباه إلى مكامن الخطر رغم أنهم لم يعالجوها بصورة نهائية حتى الأن، عمليات المقارنات الخاطئة والمعتمدة على البيانات المتفاوتة مشكلة أزلية موجودة في المحاسبة.
ويضيف ''أود هنا أن أشير إلى أن هناك فكرة مطروحة لإيجاد جسم عالمي واحد للمحاسبة وينتظر أن يظهر على الأقل في 2011، إذ إن هناك مطالب أن تضم إليه كل الدول رغم أن بعضها لا يفضل تطبيق المعايير الدولية في المحاسبة والسوق الأمريكي مثال، هناك عمل جار لتدوير المعايير، أو ''أمركة المعايير''.
تحقق الإيراد ضمن المعاييرالأمريكية أكثر قساوة منه في المعايير الدولية المطاطة، رغم وجود ثغرات أخرى عليه، الخلاصة أن هناك توجه قوي جداً إلى أن تكون المعلومات المحاسبية المصدرة أكثر عادلة وأكثر حيادية.
ولكن هناك مشكلة أخرى أن السياسيين الأوروبيين والأمريكيين يؤثرون المعايير، وهناك أمثلة كثيرة.
الحميد نبه إلى أن المشكلة في القوائم المالية للشركات والبنوك انسحبت بصورة كبيرة على القوائم المالية للحكومات ''الميزانيات العامة''، وهو أمر مقلق للدول المتقدمة والناشئة، والذي يعتقد الكثير منهم أن تطوير وتوحيد معايير المحاسبة بالنسبة للحكومات أمر بالغ الأهمية.
وأضاف: ''عمليات التجميل في القوائم المالية لليونان كي تنظم للاتحاد الأوروبي ومافعله المحاسبون الحكوميون تسبب في كارثة ديون سيادية تهدد دول أخرى في منطقة اليورو.
النظام المحاسبية الحكومي متأخر بشكل كبير وليس هناك معايير موحدة ومنظبطة، وهناك أيضا محاولات دولية جارية لبناء معايير دولية بهذا الشأن تشارك فيها الأمم المتحدة كما تسعى مجموعة العشرين لتعديل نظام ''الكاش بيسس'' ليكون أكثر عدالة.
#6#
إصلاح المعايير والقوائم المالية
أبو داهش يتدخل هنا ليشير إلى أن هناك جناحا أوروبيا داخل مجموعة العشرين بقيادة فرنسا يسعى إلى فرض ضرائب وتشديد الرقابة على البنوك، وبمطلب من صندوق النقد الدولي، وذلك لتكوين صندوق أزمات وأنا في اعتقادي أنه في وقت الأزمات يجب ألا نتسرع لأن تطبيقها يمكن أن يؤثر بشكل سلبي في أداء البنوك في المستقبل أو في الوقت الحاضر بالتحديد.
كما أن الأزمة ظهرت في الدول المتقدمة لذلك من غير المعقول أن تدفع بنوك الدول الناشئة ضريبة، في المملكة والصين هناك أصلا نظام مصرفي صارم ومنظبط، ولكن عملية إيجاد تشريعات وأنظمة لربطها ببعضها أنا أعتقد أنها مهمة جداً وأهم من فرض ضريبة على البنوك يمكن أن تضر بحجم الاستثمارات الدولية للبنوك.
أبو داهش: أعتقد أن المهم هو معالجة مسألة المشتقات .. المشتقات المالية تحتاج فعلاً إلى أطر تنظيمية واضحة لربطها بالأصل والقضاء على التلاعبات في القوائم المالية من خلال بيع الديون، ولذلك أعتقد أن على مجموعة العشرين التركيز على هذه الإشكالية المشتقات لا تضيف إلى النمو العالمي شيئا يذكر.
تشديد الرقابة على السجلات المحسابية, أعتقد أنه مهم ويجب أن تكون هناك معايير موحدة للحسابات الختامية دون مجاملة لأحد وأن يكون ذلك على مستوى الحكومات والبنوك والشركات, إلى جانب نوع من الرقابة على المشتقات المالية.
تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي
محمد الجديد: هناك تنسيق ولكن الجدل قائم أيضا بين مؤيد ومعارض للتشريعات الجديدة فالدولة النامية كالبرازيل والصين والهند والسعودية لديها آراء متابينة مع الدول المتقدمة، رغم أن جميع الدول الأعضاء في مجموعة العشرين تعهدت بتفعيل سياسات اقتصادية وتنمية مستدامة كل داخل اقتصادها وداخل سياساتها المالية، ولعلي أمثل بالاقتصاد السعودي هنا فهو قدم إنجازات في الالتزامات التي تعهد بها أمام مجموعة العشرين. مثلاً تحسين مناخ الاستثمار صار في تغيرات هيكلية في الهيئة العامة للاستثمار وزيادة المرونة وزيادة سياسة الجذب إلى آخره، وعلى الصعيد الجماعي تم تأسيس منتدى الاستقرار المالي ليكون بديلا لمجلس الاستقرار المالي لمجموعة السبع، حيث تم إدخال منظمات ومؤسسات مالية عالمية داخل هذا المجلس.
#3#
بالنسبة لمشكلة المديونيات السيادية الجديدة في الاتحاد الأوروبي وفي أمريكا أيضاً مدرجة بشكل كبير ضمن أجندة قمة العشرين كأزمة جديدة تستحوذ على مسار الاقتصاد العالمي.
مطشر المرشد يشارك عند هذه النقطة, مؤكدا أن الديون السيادية والتباين في معالجة قضايا تنسيق السياسات المالية الكلية قد تكون سببا في إضعاف مجموعة العشرين، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي شرع في تأسيس صندوق نقد خاص به بدلا من صندوق النقد الدولي، بعد أن لمس تهاونا دوليا في الاهتمام بمشكلة الديون السيادية.
وأضاف المرشد: أمريكا أكبر دولة مقترضة من الاقتصاد العالمي ولدى الصين ولدى المملكة ولدى دول أخرى مليارات في الاقتصاد الأمريكي من خلال السندات الحكومية الأمريكية أو بأي شكل من الأشكال حتى الأوروبيين لديهم انكشاف على الاقتصاد الأمريكي مشكلة الاقتصاد الأمريكي وصل إلى نقطة تقريباً مقلقة ليس فقط لأمريكا ولكن للاقتصاد العالمي, لذلك سوف نرى أن الأوروبيين والصينيين والهند والبرازيل وكثير من الدول سوف تبتعد فيما يخص التزامها بقرارات قمة العشرين.
وزاد المرشد'' الأوروبيون وحتى كندا على فكرة وهنا مكمن الخطر –كندا تتوافق مع الآراء الأوروبية بخصوص التشديد على الإنفاق وشد الأحزمة وهو توجه الصينيين. من هنا فأنا أعتقد أن الأمريكان سيجدون أنفسهم خلال اجتماع مجموعة العشرين منفردين بالتعامل مع أزمتهم الداخلية، لأنها أصبحت مكلفة للأوروبيين والصينيين، والدليل على أرض الواقع حيث بدأنا نتابع التطورات في الأسواق العالمية، الصين بدأت تنوع أصولها بعيداً عن الدولار وتستثمر في أوروبا وفي البرازيل وفي الهند حتى في دول المنطقة وفي دول الخليج''.
الصين الآن تعرض على هذه الدولة أنها مستعدة للمشاركة في بناء مشاريع وتمويل داخل الدول الغنية مثل دول الخليج النفطية، من هنا أعتقد أن هناك تفكك وارد في الآراء وبرامج التحفيز وتفاوت حول معالجة مشكلة المديونيات المرتبطة أيضاً ببرامج التحفيز واختلاف حول إدارة العملات وسعر الصرف طبعاً.
ويواصل المرشد'' هناك نقطة أخرى تتعلق بالمؤسسات الدولية إذ لمسنا أن أوروبا وكثير من الدول حتى الصين فقدت ثقتها بالمؤسسات العالمية مثل صندوق النقد الدولي البنك الدولي، حيث شرع الأوروبيون في إنشاء وتكوين مؤسسات مالية في كل تجمع .. أعتقد أن هذه القمة سوف يكشف عنها كثير من التباين في الآراء واختلافات أكبر وأوسع من السابق''.
#7#
شركات التقييم والمديونيات العامة
الدكتور عبد الرحمن الحميد يحمل المعلومات المحاسبية المنتجة مسؤولية سوء التصنيف الذي حملت شركات التقييم والتصنيف العالمية تبعاته ونالت جزءا من اللوم في الأزمات المتتالية سواء تلك التي طالت البنوك أو التي نشهدها اليوم في مسألة المديونيات السيادية الأوروبية.
ويضيف ''بكل صراحة عملية إنتاج المعلومات بذاتها التي تعتمدها شركات التقييم هي مشكل بحد ذاتها .. منذ منتصف القرن الماضي وعملية إنتاج المعلومات مسيطر عليها من السوق الأمريكية والمعايير الأمريكية رغم وجود اتحاد دولي حديث للمحاسبة، شركات التقييم الكبرى كلها خارجة من رحم الاقتصاد الأمريكي بذاته. المشكلة التي تواجه إعداد معايير المحاسبة والتقييم في أمريكا أنها تتأثر بشكل مباشر بآراء السياسيين ولم تستطع إيجاد وسائل للمحافظة على استقلالها''.
أنا كمحترف ومتابع لمعايير المحاسبة منذ 30 سنة أي جهاز محاسبي ''تشم فيه رائحة السياسيين''، وللتوضيح فإن معايير إصدار القوائم المالية لشركات النفط عدلت أكثر من ست مرات خلال 18 سنة والسبب الرئيسي أنها عدلت بناء على رغبات سياسية معينة في سبيل تنويع الدخل، الحقيقة أن تدخل السياسيين موضوع كبير جداً في عملية البيانات المحاسبية التي تكون مؤثرة - أنا لا أتكلم عن السياسيين كأفراد أنا أتكلم عن منظومة - جداً على إنتاج المعلومة فإذا كانت المعلومة غير عادلة حتى لو كان شكلها فإنها تحدث خللا.
ويتابع الحميد'' هناك نقطة مهمة ربما السياسيون والاقتصاديون والاستثماريون يعلمونها ولكنهم يتجاهلونها، وهي أن (المحاسبة تستطيع أن تلمع لك بعض الوقت ولكن لا تستطيع أن تلمع لك كل الوقت)، واليونان خير مثال''.
الدور السعودي
داخل العشرين
ِمشاركة المملكة في أعمال قمة العشرين في تورنتو كانت محورا مهما ضمن الندوة اختلف من خلالها المشاركون على كيفية المشاركة إلا أنهم اتفقوا على أن الأداء السعودي السابق كان جيدا ومتوازنا، أكسب المملكة ثقة الأعضاء في المجموعة والعالم خصوصا في ظل حرصها على الالتزام بالتعهدات التي تقطعها على نفسها، والتزامها الدائم بدعم مظاهر النمو ومساعدة الدول الناشئة والفقيرة على تجاوز الصعوبات من منطلق دورها الدولي المميز.
وهنا يقول الدكتور عبد الوهاب أبو داهش ''دعني في البداية أوضح أن مؤتمر القمة تنسيقي وليست قراراته إلزامية والمفترض أن تستمر طاولة حوار تنسيقية بحتة، شيء آخر حول تنسيق السياسات الكلية، أعتقد أن هناك تنسيقا في مسألة السياسيات الكلية، لكن يجب ألا تكون على حساب مصلحة الاقتصاد المحلي، وهذا ماعبرت عنه المملكة والصين باستمرار في القمم السابقة، عندما قالت (نعم تنسق في الاقتصاد الكلي ولكن دون أن يتعارض ذلك مع مصالحي).
ويضيف: ''المملكة التزمت بإنفاق 400 مليار دولار للإنفاق المحلي عندما طلب من قادة العشرين الذين لديهم فوائض فعل ذلك لإنعاش الطلب في الاقتصاد العالمي، وفعلت ذلك لأنها خطط مسبقة لديها ولا تتعارض مع خططها التنموية والسابقة .. وكي نكون صادقين فإن مجموعة العشرين منتدى لتنسيق السياسات والتفاهم على انتشاره وليست قراراته إلزامية ولذلك المملكة تصرفت أثناء الأزمة بناء على ذلك''.
ويقول أبو داهش: المملكة في منظمة العشرين لا تميل إلى جناح محدد والدليل أنها لا تحبذ فرض ضرائب على البنوك، خصوصا البنوك السعودية، وكذلك البنوك العالمية لأن الإجراء يمكن أن يؤثر في الأسواق العالمية ومنها سوق السلع والنفط، وهي الثقل الأكبر للاقتصاد السعودي ونحن نتحدث هنا عن المنتجات البتروكيماوية وأسعار النفط، ومعظم السلع على اعتبار أننا أكبر المستوردين وأكبر المستهلكين في المنطقة.
المملكة تنبهت لتلك المخاطر وتبنت حزمة من القرارات التي تخدم الاقتصاد المحلي حيث إنها توجهت إلى الزراعة في الفلبين وإثيوبيا وفي السودان ومصر وهذا القرار مثالي.
ويشير أبو داهش إلى النفط ودور المملكة في إبقائه ضمن أسعار معقولة للمنتجين والمستهلكين، مشيرا إلى أن هذا الدور وحده يعد مكسبا لمجموعة العشرين، إذ إن المملكة وبحكم ما تملكه من ثقل على هذه السلعة وقيادة لمنظمة أوبك العالمية كأكبر مالك للاحتياطيات المعلنة من النفط، ظلت على الدوام في أوقات الرخاء والأزمات تنشد سعرا عادلا بين 70 و80 دولارا للبرميل.
الدكتور محمد الجديد تناول الجدل الذي يدور في أروقة القمة حول برامج التحفيز, إذ أكد أن المملكة مع استمرار برامج إنعاش الاقتصاد العالمي، وليست مع سياسية التقشف التي تتبناها أوروبا الملتزمة ضمن اتحادها بمظاهر تضخم ومديونيات لا تتعدى نسبة 3 في المائة. وقال ''أزمة الديون في أوروبا والتي يخشى البعض أن تؤثر في الاقتصاد العالمي أعتقد أنه مبالغ فيه قياس بحجم الدول المعرضة للخطر، فاليونان مثلا ديونها لا تشكل 1 في المائة من ديون الاتحاد الأوروبي، بعكس لو كانت الديون أمريكية مثلا أو في الاقتصاد الألماني .. لذلك لا أعتقد أن الأزمة الأوروبية ستعوق الاقتصاد العالمي وتؤثر في منتدى العشرين.
الجديد يواصل: ''المملكة لها رؤية في أن الأفضل لتحسين اقتصاد العالم أن تهتم كل دولة باقتصادها المحلي وفق السياسة المناسبة التي تراها سواء كانت سياسة مالية أو نقدية، ومن هنا فإن المملكة تركز أكثر على الشأن الداخلي أكثر من الخارجي .. وكما قلت هذا لا يتعارض مع أهداف المجموعة، لأنه بكل بساطة، إذا انتعشت الاقتصادات المحلية لدول مجموعة العشرين فأكيد أن العالم كله سينتعش''.
وتابع الجديد ''في إطار الدور السعودي, المملكة أيضا التزمت بمشروع إعانات الطاقة ودعم الدول في حصول الدول على الطاقة بأسعار عادلة ومعقولة، وتبرعت المملكة بصندوق في هذا الشأن''.
مطشر المرشد، يعتقد أنه رغم أن قرارات العشرين ليست ملزمة إلا أن توصياتها يمكن أن تجد طريقها إلى المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذي يعتبر قراراتها ملزمة والمملكة عضو فيها .. مشيرا إلى أنه لا ينبغي أن نبالغ في أنه ليست هناك ضغوط من المجموعة.
وقال ''رغم ذلك فإن وجود مجموعة العشرين هو في الأساس صحي، حيث إن توافر مجموعة كبيرة من أهم اقتصادات العالم تتحاور في شأن الاقتصاد الدولي هو مكسب ممتاز، ولكن يعاب أيضاً على مجموعة العشرين تركزيها على الجوانب المالية والاقتصادية وإهمال جوانب أخرى مثل جوانب التعليم والصحة والبيئة .. إذ إن تلك الموضوعات تكاد تكون خارج محور نقاش المجموعة، في المقابل هناك شيء جميل في المجموعة وهو منحها المؤسسات الدولية حجما أكبر في إبداء وجهة النظر ومن أهمها صندوق النقد والبنك الدوليين، إلى آخر هذه المؤسسات''.
#8#
وتابع المرشد'' من هنا أعتقد أن مشاركة المملكة وهي عضو في البنك الدولي وصندوق النقد في توصيات مجموعة العشرين والتي يمكن أن تصب في نهاية المطاف تحت أحد اهتمامات المؤسسات الدولية وبالتالي تكون ملزمة، شيء مطلوب.. الشيء الثاني الالتزامات التي التزمت بها السعودية تحت مجموعة العشرين جزء كبير فيها ليست التزامات جديدة هي تأكيد لالتزامات قديمة، فخطاب خادم الحرمين الشريفين في 2008 واضح فيما يتعلق بمسار التنمية .. فالمشاريع التي أطلقت لتحفيز الاقتصاد وجذب الاستمثار الأجنبي وتقليل معدل البطالة، كلها مشاريع تخدم الاقتصاد السعودي''.
النقطة الأخيرة التي علينا التنبيه لها أن وجودنا في هذه المجموعة يجب ألا ينظر إليه على أنه الحل الشافي لكل مشكلاتنا الاقتصادية، هي فقط طاولة حوار ليست طاولة صنع قرار وبالتالي لا نتوسع في الأمل زيادة عن اللازم رغم قناعتي أيضا بأن وجودنا ضمن العشرين هو حق مكتسب للمملكة لما تتمتع به من ثقل اقتصادي وسياسي إقليميا ودوليا .. وهذا أمر حقيقي لا يختلف عليه اثنان، وجودنا في القمة بهذا المستوى أمر إيجابي ومكسب في حد ذاته وحق مستحق للمملكة.
ولكن علينا أيضا عدم التسرع في تطبيق توصيات العشرين حتى ولو لم تكن ملزمة .. إذ إننا بدأنا نرى بعض الآثار السلبية على الساحة السعودية ولعل التوسع في جذب المستثمر الأجنبي إلى السوق السعودية، أثر في المستثمر المحلي بصورة مختلفة، رغم قناعتنا بأن الاستثمارت الأجنبية مكسب اقتصادي ولكن في المشاريع النوعية، أسهم هذا التوسع في إغلاق الفرص أمام المستثمر السعودي من القطاع الخاص وأيضاً أفراد المجتمع لإيجاد قيمة مضافة لكل ريال في هذه المشاريع الضخمة .. الحقيقة أن من يعمل في تلك المشاريع هم عمالة أجنبية و''الكرينات'' التي ترفع الأبراج الضخمة في مشاريعنا هي من فرنسا ومن كندا ومن أمريكا ومن اليابان أنا أعتقد أن 80 في المائة من كل ريال ينفق يذهب للخارج.ويواصل المرشد: الإنفاق الحكومي إلى حد معين أمر إيجابي وخاصة في اقتصاد نحن جميعاً نعرف أن نسبة كبيرة من المواطنين وأيضاً من القطاعات في الاقتصاد السعودي تعتمد بشكل أو بآخر على الإنفاق الحكومي فيجب أن يكون موزونا، كما أعتقد أن خلق الوظائف أمر مهم جداً يجب أن نسأل أنفسنا هل الإنفاق الحكومي بكرم وبسخاء يتماشى مع توصيات قمة العشرين؟ هل ينتج عنه خلق وظائف وإيجاد فرص لتنويع مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني''؟ أمر سلبي يتعلق بالإنفاق الحكومي والاستثمار الأجنبي علينا الانتباه إليه وهو خروج ثروات المجتمع والمستثمرين الأفراد إلى دول مجاورة بسبب استمرار الإنفاق من الحكومة مباشرة أو من المؤسسات شبه الحكومية معاشات وتقاعد تأمينات اجتماعية ... إلخ فهذه الإجراءات تدفعنا إلى ضرورة التمييز بين الاستثمار الأجنبي الذي يفيد بلدنا ويخلق الوظائف عندنا وينقل الطاقة والتقنية إلى بلدنا وليس فقط للتماشي مع مقررات العشرين. النفط واضح جداً على مستوى قمة العشرين وعلى المستوى العالمي أن هناك عملا دؤوبا لخلق بدائل لخلق بدائل من أمريكا يعني في عز أزمة الوقود في الغرب لخفض أسعار الوقود لإنعاش الاقتصاد يعملون على رفعها وذلك لتحفيز البدائل يجب أن نقف هم يعملون لمصالحهم فيجب أن نعمل بالمثل. وجودنا في مجموعة العشرين أمر إيجابي ومتفقون عليه وجودنا في صندوق النقد الدولي أمر إيجابي ومتفقون عليه أيضا ولكن يجب أن نعرف أو ننظر إلى الذات في الاقتصاد السعودي ونعرف مكامن الضعف ومكامن القوة . المرشد أيضا يعود إلى نقطة النفط والعمل على حمايته كمصدر دخل قومي للمملكة، إذ يشير إلى أن هناك عملا داخل المجموعة نحو بدائل الطاقة، وهو شيء جيد ولكن يجب ألا يكون على حساب بقاء النفط سلعة مهمة واستراتيجية في العالم، إلى جانب أهمية أن نشارك هذا العالم في تنويع مصادر الطاقة لدينا وهي خطوات بدأنا العمل عليها .. ولعلي هنا أنتقل إلى مسألة إنفاقنا أيضا على تكرير النفط، أعتقد أنها مسألة مهمة ألا ننفق أكثر على مصافي تكرير النفط كما وعدت ''أرامكو'' العالم أثناء أزمة ارتفاع الأسعار، لأن ذلك يتعارض مع توجه العالم نحو البدائل، ما يعني أن تلك المشاريع والهياكل الحديدية التي تكلف المليارات يمكن ألا تخدم طويلا وتصبح عبئا على الاقتصاد. الدكتور عبدالرحمن الحميد، يعتقد من ناحيته أن مشاركة المملكة ضمن مشاورات مجموعة العشرين فرصة رائعة جداً للمملكة، وأن تكون صانعة القرار بدلا من أن تكون مستقبلة له.ويضيف ''المملكة غيبت ـ للأسف الشديد ـ
خلال الثلاثين عاما الماضية عن المشاركة في عملية صنع معايير المحاسبة والسبب الرئيس في ذلك ـ ولنكن واضحين في ذلك ـ هو سيطرة جنسيات أخرى عربية في المملكة على قطاع المحاسبة السعودي.. وهم لا يزالون مسيطرين ولكن بنسبة أقل، الآن لدى المملكة فرصة ذهبية ضمن مجموعة العشرين من خلال فرض شروطها التي منها أن تصبح عضوا ضمن مديري معايير المحاسبة الدولية.
المحاسبة المالية في المملكة متقدمة ومنضبطة منذ ثلاثين عاما وهي من أكثر دول المنطقة اهتماما بمسائل المحاسبة المالية والقانونية، سواء في قطاعها الخاص أو العام، من هنا فإنه يمكن أن ننقل تجربتنا الجيدة إلى حد ما ضمن ما يطرح داخل مجموعة العشرين وفي أروقة المحاسبة العالمية، ونحقق بذلك مكاسب محلية ودولية.
## توصيات المشاركين في الندوة
الدكتور عبد الرحمن الحميد:1 ـ محليا: أعتقد أنه علينا الشروع في طرح شروطنا وفرض وجودنا ضمن مجلس المديرين للمحاسبة الدولية بالاعتماد على ما نقدمه من خدمات مالية ومعنوية للمجموعة.
2 ـ دوليا: تطوير وتوحيد معايير المحاسبة الحكومية والخاصة بحيث تكون أكثر عدالة وحيوية.
الدكتور عبد الوهاب أبو داهش: 1 ـ محليا: معالجة سوق العمل محليا والاهتمام به إلى جانب رفع متوسط دخل الفرد السعودي من خلال رفع سعر الريال بما يتلاءم ومكانة المملكة الاقتصادية.
2ـ دوليا: تأسيس هيئة دولية لتنظيم المشتقات المالية المصرفية التي كانت السبب وراء الأزمات المتلاحقة وليس فرض الضرائب.
الدكتور محمد الجديد :1ـ محليا: زيادة المبادرات السعودية داخل المجموعة بما يضمن إدراجها ضمن اهتمامات المؤسسات الدولية، وتفعيل الدور السعودي بما يضمن أيضا استهداف مصالح المملكة على الدوام.. والاستمرار في القيام بالأدوار الأساسية للمملكة الإسلامية والعربية.
2 ـ دوليا: استمرار التحفيز الاقتصادي وإبقاء أسعار الفائدة عند مستوياتها في المرحلة الراهنة وإقامة تنظيم للمشتقات المالية.
مطشر المرشد :1 ـ محليا: أعتقد أنه صحيح يجب أن يكون توجهنا في قمة العشرين واضحا جداً وملموسا بتفعيل مبادرات المملكة كدولة لها تأثيرها على الساحة الدولية وعدم التسرع في تبني توصيات قمة العشرين كالإنفاق المبالغ فيه الذي يمكن أن يؤثر في التضخم في المملكة وأشياء أخرى تحدثنا عنها.
الأمن الغذائي .. استغلال وجودنا في العشرين لعقد شراكات زراعية مع البرازيل مثلا, مكسب علينا العمل عليه.
2 ـ دوليا: على مجموعة العشرين كسب ثقة العالم من خلال تحقيق الآمال والطموحات والأفكار التي طرحت وتطرح.