مجموعة الثماني ترفض التخلي عن قضايا التنمية لمصلحة العشرين

مجموعة الثماني ترفض التخلي عن قضايا التنمية لمصلحة العشرين

كان من المفترض أن يكون العام الحالي هو العام الذي ستفي فيه دول العالم الأكثر ثراء بوعودها الطموحة للحد من الفقر، لكن في الوقت الذي يلتقي فيه زعماء العالم في قمتي مجموعة الثماني ومجموعة العشرين في كندا، فإنه من الواضح أن عديدا من الدول فشلت في دعم التنمية في المناطق الأكثر فقرا عبر توفير مليارات قليلة من الدولارات.
أطلق رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر على قمة مجموعة الثماني التي تستضيفها بلاده “قمة المحاسبة”، ليؤكد أهمية الوعود السابقة للمجموعة بتوفير تمويل للقضاء على الأمراض وانتشال الناس من الفقر وإرسال مزيد من الأطفال للمدارس وتوفير الأغذية للجوعى منهم.
وتلتقي مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى، ومجموعة العشرين للدول الغنية والنامية وسط عام محوري للتنمية الدولية، حيث إن عام 2010 يمثل الموعد النهائي للوفاء بالتعهدات التي اتخذت في قمة مجموعة الثماني في جلينيجلز باسكتلندا عام 2005.
وقال هومي خاراس الذي يرأس مشروعا حول فاعلية وكالات المساعدات في معهد “بروكنجز” ليس من السهل جدا على مجموعة العشرين أن تناقش التنمية، لأنه جرت العادة على أن التنمية قضية تخص مجموعة الثماني، ويبدو أن الأخيرة ترفض التخلي عن هذا الدور”.
لكنه أوضح أن مجموعة العشرين لديها وجهة نظر أكثر شمولا بشأن التنمية “لها صلة بمجموعة متنوعة من البلدان الناشئة والنامية أكثر من (ارتباطها) بمجرد متلقيي المساعدات الأكثر فقرا.” وخلص إلى أنه “قد حان الوقت لتمرير كرة التنمية من مجموعة الثماني إلى مجموعة العشرين”.
ويوافق هذا العام أيضا الذكرى العاشرة للأهداف الإنمائية للألفية الثالثة التي حددت عام 2000، واتفقت عليها 192 من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتتضمن خفض نسبة الفقر بمعدل النصف من خلال محاربة أمراض الإيدز، والسل، والملاريا، وتحسين صحة الأم، وخفض معدل وفيات الأطفال، وتعزيز المساواة بين الجنسين.
وفي قمة جلينيجلز تعهدت مجموعة الثماني بتوفير مساعدات إضافية قيمتها 50 مليار دولار للدول الفقيرة بحلول عام 2010، منها 25 مليار دولار لإفريقيا وحدها. وأصدرت المجموعة تقريرا للمحاسبة الأحد الماضي ذكرت فيه أن مساهمات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية جاءت أقل بنحو عشرة مليارات دولار، ما تعهدت به في قمة جلينيجلز.
وقال التقرير إن مجموعة الثماني “لعبت دورها كقوة دفع للتغيير الإيجابي وإن إجراءاتها كان لها أثر في معالجة التحديات الدولية”، مضيفا أن المجموعة “ستذهب لأبعد من ذلك للوفاء بوعودها بشكل كامل”.
وأوضح التقرير أنه بالرغم من الاستثمارات الكبيرة، إلا أنه لم يتم بعد القضاء على مرض شلل الأطفال، ولا تزال معدلات الوفيات بين الأمهات عالية، وتبلغ 563 ألف حالة سنويا، كما ارتفع معدل الوفيات بين الأطفال الأقل من خمس سنوات جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا بنحو 400 ألف حالة خلال الفترة من 1990 حتى 2007. وفي وقت سابق من هذا الشهر، لم يأت مشروع بيان عن القمة تم تسريبه لوسائل الإعلام على ذكر الوعود التي تم الوفاء بها حتى الآن منذ قمة جلينيجلز، ويقال إن هذا الإغفال الواضح يأتي بناء على طلب فرنسا وإيطاليا اللتين تتخلفان كثيرا عن توفير المساعدات المستهدفة لهذا العام. وقال الخبير الاقتصادي جيفري ساش “من وجهة نظري، سيكون هذا الأمر بشكل أساسي نهاية مجموعة الثماني كأداة تتمتع بالمصداقية”.
وأضاف “إذا حاولت مجموعة الثماني التهرب من حقيقة أن لديها التزامات محددة ومتكررة ومحكومة بالوقت لعام 2010، وبعد ذلك تعقد فقط قمة يطلق عليها قمة المساءلة، لكنها تفشل حتى في الإشارة إلى هذه الالتزامات المحددة التي أخذتها على عاتقها هذا العام، فإن الأمر سيكون محزنا للغاية”.
وأعلن الاتحاد الأوروبي أن الإنفاق على مساعدات التنمية الرسمية سيزيد إلى 0.7 في المائة من إجمالي الناتج القومي بحلول 2015، وكان من المقرر أن يصل إلى 0.56 في المائة هذا العام.
لكن الأرقام الحالية تشير إلى أن إجمالي مساعدات الاتحاد الأوروبي التنموية تصل إلى 0.42 في المائة من إجمالي الناتج القومي لعام 2010، وتراجعت مساهمات التنمية الرسمية لدول رئيسية في الاتحاد الأوروبي مثل إيطاليا عام 2009 بسبب الأزمة المالية.
وتعقد أيضا قمة مجموعة الثماني بعد مرور ثلثي الفترة الفاصلة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية عام 2015 منذ بدء الألفية، وسيجتمع زعماء العالم في الأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) المقبل لمراجعة التقدم الذي جرى إحرازه إزاء هذه الأهداف.
وتعرضت أهداف الألفية لانتقادات متكررة كونها تحتوي على أوجه قصور كبيرة، نظرا لوجود أهداف غير واقعية لعديد من الدول، حيث يؤكد البعض أنه لا يعقل لجميع الدول أن تكون لها نفس الأهداف التنموية التي لا يمكن قياسها بشكل شامل.
وقال تود موس من مركز التنمية الدولي وهو مركز أبحاث مقره واشنطن إن أهداف التنمية بالغت فيما يمكن أن تحققه، ولذا زاد الشعور بالتشاؤم بشأن المساعدات. وأوضح أنها تسبب مشكلات، لأنها لا تلقي المسؤولية على أي شخص “لكننا على الأرجح نشهد توجيه الاتهامات والشكوى بشأن الوعود التي لم يتم الوفاء بها”، ولذا فإن المانحين يلقون باللائمة على متلقي المساعدات كونهم لا ينفذون تعديلات مطلوبة في حين يشتكي المتلقون من عدم تسلم المساعدات، بينما تنتقد المنظمات غير الحكومية كليهما. وعلى الأرجح سيتغير وضع المساعدات التنموية حتى أكثر في ظل وجود مشكلتي الدين والميزانية في البلدان الغنية التقليدية المانحة وهو ما سيجعل مجموعة الثماني تتطلع على الأرجح إلى مجموعة العشرين لمزيد من التعهدات الخاصة بالمساعدات.
ومن المقرر أن تستضيف كوريا الجنوبية قمة لمجموعة العشرين في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل ويتصدر جدول أعمالها بشكل واضح قضية التنمية.

الأكثر قراءة