بيانات متضاربة أدت إلى تداولات متباينة في البورصات العالمية
أنهت الأسواق العالمية أسبوعاً مليئاً بالتقلب، لكنه كان موجباً في معظمه، مع علامات متباينة. تمتعت أسواق الأسهم باندفاع متواضع، لكن أسواق السندات شهدت طلباً قوياً على الملاذ الآمن من المخاطر.
وتحركت أسواق الأسهم الأمريكية حركات عنيفة بفعل الأرقام المخيبة للآمال في تقرير مبيعات التجزئة عن شهر أيار (مايو)، وبعد ذلك، بفعل البيانات التي كانت أفضل من التوقعات في ثقة الأسر ومخزون الشركات عن شهر حزيران (يونيو). وقد تراجع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 خلال معظم جلسة التعاملات قبل أن يندفع في الساعة الأخيرة. وقد أقفل المؤشر بزيادة 0.4 في المائة، وأقفل مؤشر فيكس لقياس التقلب دون مستوى 30 نقطة للمرة الأولى خلال هذا الأسبوع.
من جانب آخر، كان المستثمرون في آسيا وأوروبا يتمتعون بروح معنوية طيبة، أو ربما كانوا يتجاهلون شاشات التداول وهم يشاهدون افتتاح مباريات كأس العالم في جنوب إفريقيا. ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز العالمي بنسبة 0.6 في المائة.
بصورة عامة تمتعت الأسهم العالمية بأسبوع طيب، حيث ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 3.3 في المائة، وهو أفضل أداء له منذ أوائل آذار (مارس). أما مؤشر فاينانشيال تايمز العالمي فقد سجل أفضل أداء أسبوعي له منذ شهر. ويعتقد المحللون أن الشركات لا تزال في وضع طيب، وحتى الشركات التي من قبيل "بريتش بتروليوم" شاهدت يوم الجمعة أسهمها في ارتفاع وعقود التأمين على سنداتها في انخفاض.
واستمر الطلب القوي على السندات، سعياً وراء الملاذ الآمن بعيداً عن المخاطر. يوم الجمعة كانت هناك عمليات بيع مكثفة لسندات الخزانة الأمريكية والخزانة البريطانية، رغم أن العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات ارتفعت بنسبة ثلاث نقاط أساس خلال أسبوع. أما سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات فقد سجلت أرقاماً قياسية متدنية جديدة، وهبطت عوائدها على مدى الأسبوع بنسبة نقطتي أساس.
وجزء من الارتفاع الذي شهده هذا الأسبوع ربما كان كذلك هبوطاً في المزاج العام لدى المستثمرين، حيث سجل مؤشر ستاندارد آند بورز وسعر النفط وسندات الخزانة الأمريكية مستويات قريبة من أدنى نقطة لها خلال عام 2010، ثم تحركت بعد ذلك نحو الأعلى.
وقال جيفري بالما، وهو محلل استراتيجي للأسهم العالمية لدى بنك يو بي إس: "لم نعد نشهد تراجعاً جماعياً في الشهية نحو المخاطرة. المستثمرون الآن ينقبون في الأسواق ويبحثون عن القيمة النسبية. لا يزال من الممكن أن نهبط إلى الأدنى، لكننا أنجزنا قسماً كبيراً من عمليات التصفية".
كذلك يجب أن نبقي في الأذهان أنه في حين أن النتيجة النهائية ربما كانت إيجابية، إلا أن كون الموجودات الخطرة تأرجحت بهذا القدر من العنف ليس بحد ذاته علامة طيبة على إمكانية حدوث اندفاع قابل للاستدامة. وقد وصف ديفيد روزنبيرج، كبير الاقتصاديين لدى مؤسسة جلاسكين شيف، وصف الأسهم في جلسات التداول الأخيرة بأنها "الغرب الجامح".
وكانت البورصات الآسيوية أعلى، وهي علامة على استمرار تحقيق المكاسب في "وول ستريت" من اليوم السابق. ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز لمنطقة آسيا الباسيفيك بنسبة 1.2 في المائة، وساعده في ذلك تحسن الأوضاع في الأسهم المواجهة للصين بعد أداء بائس خلال الأسابيع القليلة الماضية. ارتفع مؤشر شنغهاي بنسبة 0.3 في المائة، وارتفع مؤشر هانج سينج في هونج كونج بنسبة 1.2 في المائة.
وارتفع مؤشر طوكيو بنسبة 1.7 في المائة، حيث ساعد المزاج المتحسن وتراجع الين على تقدم أسهم شركات التصدير. وارتفع مؤشر سيدني بنسبة 1.4 في المائة، ويعود بعض السبب في ذلك إلى الآمال باحتمال قيام الحكومة بتخفيض ضريبة الأرباح الفائقة على شركات التعدين.
وكانت الأسهم الأوروبية مرتفعة في البداية، ثم أخذت بعد ذلك في اقتفاء أثر التقلبات التي سببتها البيانات الأمريكية. في لندن أقفل مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بزيادة مقدارها 0.6 في المائة، حيث ساعده في ذلك زيادة مقدارها 8 في المائة في أسهم شركة بريتش بتروليوم والمكاسب التي حققها أكبر بنكين في أوروبا، وهما بنك بي إن بي باريبا وبانكو سانتاندار، الذي قال كبير الإداريين التنفيذيين فيه إن وضع البنك "تعزز" بفعل الأزمة. وقد ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بنسبة 0.4 في المائة.
ويشير توماس لي، وهو محلل استراتيجي للأسهم لدى بنك جيه بي مورجان، إلى أمر مثير للاهتمام، وهو أنه منذ "انهيار الوميض" في السادس من أيار (مايو) كان أداء الأسهم الأوروبية أفضل من أداء الأسهم الأمريكية بنسبة 6.5 في المائة. وحتى أسهم البنوك الأوروبية تفوقت على أسهم البنوك الأمريكية بنسبة 6.6 في المائة.
وقال توماس لي: "نحن مدركون أن الأزمة تظل خطيرة وتهدد بأن تزداد سوءاً. لكن النتيجة التي نخلص إليها هي أن الأداء المتفوق للأسهم الأوروبية يبدو أنه لا مبرر له، هذا إذا كانت الأزمة في حالة انتشار بالفعل".
وقال كذلك إن السيولة المتفوقة للأسهم الأمريكية جعلتها أسهل على البيع أثناء فترات التوتر في الأسواق.
وكان هناك طلب على سندات الخزانة الأمريكية مع الارتفاع النسبي في العزوف عن المخاطر. تراجع العائد على السندات القياسية لأجل عشر سنوات بنسبة 9 نقاط ليصل إلى 3.23 في المائة. وكانت نتائج البلدان الهامشية في منطقة اليورو (مثل إسبانيا والبرتغال واليونان) متباينة لكنها لم تشهد تغيراً يذكر، عقب المزادات الجيدة التي تمت يوم الخميس.
وتراجع العائد على سندات الخزانة البريطانية بنسبة عشر نقاط أساس، ليصل إلى 3.46، وهو مستوى متدن جديد خلال عام 2010، ويعتبر الأدنى منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2009. كذلك كان هذا التراجع هو أكثر حالات الهبوط حدة في العوائد منذ أكثر من ستة أشهر.