إجماع أوروبي على ضريبة معاملات البنوك ونظام للتقشف المالي
سعى وزراء المالية الأوروبيون إلى التوصل لاتفاق أمس بشأن كيفية جعل البنوك تتحمل تكاليف الأزمات المالية، وذلك بعدما انهارت جهود أكبر اقتصادات العالم لفرض ضريبة عالمية. وثمة إجماع متنام في أوروبا على أنه يتعين إلزام البنوك بتحمل تكاليف الأزمات المالية، لكن هناك انقساما بشأن كيفية فعل ذلك، رغم أن الاتحاد الأوروبي يتحرك تدريجيا صوب اتخاذ مثل تلك الإجراءات لخفض أرباح البنوك. وتخلى وزراء مالية دول مجموعة العشرين مطلع الأسبوع الجاري عن خطط فرض ضريبة عالمية على البنوك بعد اعتراض كل من اليابان وكندا والبرازيل التي تجاوزت مصارفها أزمة الائتمان دون أضرار، وهو الأمر الذي وضع الاتحاد الأوروبي في تحد للمضي قدما بشكل منفرد.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
سعى وزراء المالية الأوروبيون إلى التوصل لاتفاق أمس بشأن كيفية جعل البنوك تتحمل تكاليف الأزمات المالية وذلك بعدما انهارت جهود أكبر اقتصادات العالم لفرض ضريبة عالمية.
وثمة إجماع متنام في أوروبا على أنه يتعين إلزام البنوك بتحمل تكاليف الأزمات المالية، لكن هناك انقساما بشأن كيفية فعل ذلك، رغم أن الاتحاد الأوروبي يتحرك تتدريجيا صوب اتخاذ مثل تلك الإجراءات لخفض أرباح البنوك. وتخلى وزراء مالية دول مجموعة العشرين في مطلع الأسبوع الجاري عن خطط فرض ضريبة عالمية على البنوك بعد اعتراض كل من اليابان وكندا والبرازيل التي تجاوزت مصارفها أزمة الائتمان دون أضرار، وهو الأمر الذي وضع الاتحاد الأوروبي في تحد للمضي قدما بشكل منفرد. ووعد كثير من زعماء الاتحاد بالقيام بذلك، لكن دبلوماسيين أوروبيين قالوا إن من غير المرجح أن يمكنهم تسوية خلافاتهم أمس. وقال جوزيف برول وزير المالية النمساوي قبل محادثات في لوكسمبورج ناقشت خلالها دول الاتحاد الأوروبي خفض الديون العامة المتضخمة "قلنا دائما إنه يمكن استحداث ضريبة على المعاملات المالية في أوروبا". بينما قال لوك فريدن وزير مالية لوكسمبورج "نحتاج إلى مناقشة الهدف من هذه الضريبة، هل الهدف أن نجعل أنشطة مالية معينة أكثر صعوبة، أم أن نجمع مزيدا من الأموال في خزائن الدول أم أن نجمع أموالا في صندوق احتياطيات لخطط إنقاذ البنوك". وأضاف "تعتقد لوكسمبورج أنه سيكون من الأفضل فرض ضريبة على المعاملات المصرفية عالية المخاطر وسيكون من المنطقي أن يتم فرضها على المستوى العالمي".
وبدأت منطقة اليورو إنشاء صندوق إنقاذ بقيمة 440 مليار يورو لمساعدة الأعضاء على مواجهة متاعب مالية في المستقبل. وقال جان كلود يونكر رئيس منطقة اليورو عقب اجتماع لوزراء مالية المنطقة، إن الصندوق تأسس بالفعل في صورة شركة ذات مسؤولية محدودة وفقا لقوانين لوكسمبورج. وكان الاتحاد الأوروبي وافق في أيار (مايو) الماضي على إنشاء آلية أوروبية جديدة لحماية الاستقرار المالي بقيمة 440 مليار يورو، بهدف عدم التعرض لمتاعب مالية مستقبلا بعدما أثيرت مخاوف من وقوع إسبانيا والبرتغال في براثن أزمة ديون كما حدث مع اليونان. وقال أولي رين مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون النقدية في مؤتمر صحافي "نحن نتفق بشكل خاص على وجود حاجة لتعزيز ضبط الأوضاع المالية بما يتفق مع نتائج قمة مجموعة العشرين في نهاية الأسبوع الماضي".
وفي سياق ذي صلة، أيد كل من إنجيلا ميركيل المستشارة الألمانية وفرنسوا فيون رئيس الوزراء الفرنسي تأسيس حكومة أوروبية "للشؤون الاقتصادية" بهدف تحسين التنسيق بين الميادين الاقتصادية والمالية في منطقة الاتحاد الأوروبي.
ونقل بيان أصدرته الدائرة الإعلامية التابعة للحكومة الألمانية أمس عن ميركيل قولها إن تأسيس حكومة أوروبية للشؤون الاقتصادية لا يتطلب تعديل معاهدات الاتحاد الأوروبي. وأوضحت أن الهدف من وراء تأسيس هذه الحكومة هو تفاعل رؤساء دول وحكومات الاتحاد في الشؤون والميادين الاقتصادية والمالية عبر حكومة أوروبية بصورة أفضل وأكثر جدوى من الوقت الحاضر. ورأى كل من ميركيل وفيون أن حجم العجز في ميزانية أي دولة في الاتحاد لا يكفي كمعيار أو مقياس للحكم على القوة أو الضعف الاقتصادي لأية دولة عضوة في وحدة النقد الأوروبية أو وحدة أوروبا الاقتصادية. ونقل البيان عن فيون قوله إن الحكومة الاقتصادية تتيح فرصة لإبداء رد فعل على أية ظاهرة اقتصادية أوروبية جديدة بسرعة كرد الفعل على "إفلاس الدولة اليونانية الذي أصبح يهدد بالظهور على السطح". وأيدت ميركيل وفيون تقديم دعم لليونان في إطار التضامن بين دول المنطقة الأوروبية، مطالبين أثينا ببذل جهود على طريق التغلب على أزمتها المالية. يذكر أن رئيس البنك المركزي الأوروبي أيد تأسيس صندوق نقد أوروبي ليقوم بمهمات توطيد مالي واقتصادي في المنطقة الأوروبية. وأشار إلى أنه لا يعارض هذه الفكرة بصورة قاطعة ولكنها تستحق "كاقتراح" الدراسة بتمعن وتمهل. من ناحية أخرى، تبحث دول الاتحاد الأوروبي إجراء سلسلة متناغمة من التقشف وخفض الموازنات حيث يجتمع وزراء مالية الدول الأعضاء لإجراء مباحثات دورية في لوكسمبورج.
وكان عجز الموازنات في أنحاء الاتحاد الأوروبي قد تفاقم العام الماضي مع استحكام الأزمة الاقتصادية واندفاع الدول الأعضاء إلى تطبيق برامج إنفاق طارئة. وعلى الرغم من تباطؤ النمو ، إلا أن دول الاتحاد ترغب حاليا في خفض عجز ميزانياتها - التي غالبا ما تعني إنفاقا حكوميا أقل لدعم الاقتصادات - وذلك بهدف استعادة مصداقياتها.
وتسبب كشف اليونان في الخريف الماضي في وجود عجز هائل في موازنتها بعد إخفائه مدة طويلة في إحداث صدمة للأسواق وتراجع سعر صرف اليورو، لتتفاقم المشكلة بعد أن بدأت الأسواق تتخوف من أن أسبانيا والبرتغال - اللتين تشكلان معا مستويات مرتفعة من الديون فيما تنموان بمعدل متدن - قد تتعرضان أيضا لمشكلة سداد ما اقترضتاه من ديون. فيما تعمقت التوترات بشكل أكبر الأسبوع الماضي عندما قال مسؤولون في الحكومة المنتخبة حديثا في المجر إن البلاد قد تعجز عن سداد ديونها على الرغم من نفى سياسيين ذلك فيما بعد.
وأجبرت ضغوط السوق الآن عددا من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على الإعلان عن إجراءات تقشف، إذ قامت بذلك كل من اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا، بينما أعلنت ألمانيا أمس الأول عن تخفيضات بنحو 80 مليار يورو (95 مليار دولار) على مدار السنوات الأربع المقبلة. وقال أولي رين المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية "إن من الضروري أن تفي كل الدول بعد عام 2011 بأرقامها المستهدفة لموازناتها على المدى المتوسط، بأن تكون متوازنة أو قريبة من الموازنة المتوازنة". واتفق وزراء المالية بشكل غير رسمي على ضرورة اتخاذ موقف أكثر صرامة في مراقبة حالات العجز المالي لدولة أخرى، بما في ذلك فرض إجراءات صارمة على الدول التي يبدو أنها تعاني ديونا كبيرة إذا اقتضت الضرورة. ومن المقرر أن يبحث الوزراء أيضا منح مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات" السلطة في مراجعة الحسابات الوطنية، بعد أن ثبت تلاعب اليونان في بياناتها.