نظام «ساهر» وأسعار التأمين على المركبات
تابعت في الأيام الماضية التصريحات التي أدلى بها مدير إدارة مرور منطقة الرياض العقيد عبد الرحمن المقبل بخصوص نظام "ساهر"، وقد ذكر في تصريحاته أنه في الشهر الأول من تطبيق هذا النظام انخفض عدد الحوادث المرورية بشكل ملحوظ. وبحسب الإحصائية التي ذكرها فإن عدد الحوادث المرورية انخفض إلى 10385 من 14094حادثاً. كما سجلت الوفيات بحسب تصريحات العقيد المقبل تراجعاً كبيراً، وانخفضت من 37 حالة إلى 20 حالة، فيما انخفضت إصابات الحوادث المرورية من 249 إصابة إلى 110 إصابات. هذا إضافة إلى أن النتائج الميدانية التي تم رصدها في أعقاب تطبيق النظام في مدينة الرياض دلت على أن هناك انخفاضاً تدريجياً في معدل السرعة لعدد المركبات التي تمر بنقاط الرصد مقارنة بالسيارات التي يتم رصدها آلياً.
وكل هذا أدى ـ بحسب هذه التصريحات ـ إلى تحسن ملموس في سلوكيات السائقين وحرصهم على التقيد بالأنظمة والتعليمات المتعلقة بالسلامة المرورية وتنامي الوعي المروري. وبغض النظر عن ردة الفعل التي صاحبت تطبيق نظام ساهر والملاحظات التي أبداها المعنيون إيجاباً أو سلباً على هذا النظام، إلا أنني سأتعرض لجانب آخر مرتبط بتطبيق نظام "ساهر" وعلاقته بتأمين المركبات. من المعلوم أن احتساب أسعار التأمين على المركبات أو ما نسميه في مفهوم التأمين بـ "القسط التأميني" يعتمد في المقام الأول على تقدير الخطر واحتمالية حصوله؛ أي أنه كلما زادت احتمالات حصول الخطر, زادت قيمة القسط والعكس صحيح. وهذا يعني أن شركات التأمين قامت باحتساب قسط تأمين المركبات على أساس البيئة السائدة المتعلقة بنسب حوادث السير في المملكة. والحقيقة أن هذا الأمر يضع شركات التأمين تحت اختبار مهني محرج لأنه إن كانت شركات التأمين لدينا تعمل بشكل مهني سليم فإنها تكون قد اعتمدت على حسابات "اكتوارية" أدخلت في اعتبارها معدل حوادث المرور في المملكة وقياس نسبة الخطر اعتماداً على عناصر مؤثرة فيه مثل درجة الحزم المروري وانضباط سلوكيات السائقين وأعمارهم وفئاتهم، وقياس انضباطهم استناداً إلى الإحصائيات المرورية أو حتى الإحصائيات التي تقوم هي بها المتعلقة بعدد المخالفات ونوعيتها وحصول الحوادث وعدد حالات الوفيات والإصابات وحجم الخسائر المادية، وما إلى ذلك من بيانات تحتاج إليها شركات التأمين لتحسب تكلفة التأمين وبالتالي تصل إلى معرفة السعر العادل للقسط الذي يجب على العميل دفعه. وبشكل عام فإن شركات التأمين إن كانت تعمل بشكل مهني سليم فإنها تكون قد اعتمدت في احتسابها القسط على بيانات إحصائية عامة عن الخطر، وهذه البيانات تتعلق ببيئة حصول الخطر، وبيانات أخرى خاصة تتعلق بنسبة حصول الخطر استناداً إلى العميل نفسه.
وما دام الحال كذلك فإن الحجة تكون قد قامت على شركات التأمين التي تقدم وثيقة التأمين على المركبات بأن بيئة السلامة المرورية قد تحسنت لدينا بشكل كبير بحسب تصريحات المسؤولين في الجهة الرسمية المعتمدة وهي الإدارة العامة للمرور سواء فيما يتعلق ببيئة السلامة المرورية بشكل عام أو فيما يتعلق بالسائقين دون استثناء.
فهؤلاء السائقون أصبحت عدسات ساهر ترمقهم دون أن يغمض لها جفن في شوارعنا من أعلى ومن كل جانب فيما لو تجاوزوا حدود السرعة أو اقترفوا أية مخالفة لها تأثير في السلامة المرورية دون مجاملة أو واسطة. وهذا يعني كذلك أن الفاتورة التي ستدفعها شركات التأمين جراء حوادث السير ستنخفض بشكل كبير. والسؤال هو : هل ستتنازل شركات التأمين عن السعر القديم لوثيقة تأمين المركبات وتقوم بتخفيضها بما يتناسب مع الوضع الجديد، أم أنها ستبقي على السعر القديم لأن حسابها للقسط لم يكن أساساً مبنيا على اعتبارات علمية ومنطقية؟!