رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الشفافية والالتزام بالمنهجية في الخدمات الصحية (2)

أما في المهام السادسة (المتعلقة بالجودة) والثامنة (المتعلقة بإجراء الأبحاث) من القرار الأول، فيظهر أن ذلك سيكون في ظل ما اعتمد وأقر في مجلس الخدمات الصحية وإلا فستكون هناك ازدواجية تدعو المنفذ في المنطقة إلى الاختيار بين هذا القرار وما عمم من قبل. من ناحية دعم الأبحاث فحبذا لو تم التأكيد على جميع المستويات الإدارية بأن دعم الأبحاث يشمل أيضا هؤلاء الذي يتأهبون لإعداد أبحاثهم وكتابة أطروحاتهم لدرجتي الماجستير والدكتوراه في الجامعات في المملكة. فهؤلاء في نظر كثيرين يمكن أن يخرجوا بتوصيات ومقترحات متعددة ومتعمقة ومتنوعة في مسار الأعمال اليومية في المرافق الصحية. بالنسبة إلى ما أشير إليه سابقا عن غياب النظرة الفنية، فهو بلا شك يتمثل في عدم إعطاء «استخدام التقنية» والاعتماد عليها كأولوية قصوى في هذا المستوى الإداري ليكون مشروع الصحة الإلكترونية عنوانا لكل اجتماع وتوصية أو قرار. إن بدايات الدول التي اعتمدت استراتيجيات وخططا لنشر مفهوم الصحة الإلكترونية ثم التدرج في تطبيقها استخدموا في تلك الفترات المصطلحات والتعابير الخاصة بتقنية المعلومات والمعلوماتية الصحية في النشرات التوعوية والتقارير الدورية والخطابات التوجيهية ليجعلوا المستخدم والمستفيد يتبنى كل حركة تحقق له أهدافه الصحية أو الوظيفية, وبالتالي يكون التقدم مبنيا على الدراية وإدراك أهمية المعلومات والتقنية. كمثل لما طرح استخدمت عبارات مثل: «إعادة ذلك إلكترونيا»، و»تبادل ذلك عبر الخط المباشر»، و»باستخدام نظام PACS»، و»إحدى حزم النظام»، و»على أن تستنبط البيانات من الملف الإلكتروني مباشرة» و»تحفيز مقدمي الخدمة على استخدام التقنية»، و»وضع ذلك على رابط في موقع الوزارة»، ... إلخ. قد نتخطى هذا الأسلوب فيما بعد, لكن نحتاج إليه في هذه الفترة الانتقالية التطويرية. في دراسة سطحية تمت سابقا وجد أن أكثر من 60 في المائة من المراسلات تستهلك في السؤال عن موضوعات تفصيلية يمكن البت فيها إلكترونيا أو عبر الهاتف أو تؤجل لاجتماع يناقش فيه مجموعة موضوعات ليس لها تأثير في سير العمل.
بالنسبة للمناطق فإن اختيار أحد مديري القطاعات ومديري المستشفيات يمكن ضبطه لو تم الترشيح مسبقا حسب معايير معينة. كما كان من الأفضل لو أُشير إلى القرارات المعممة أو الأنظمة المنشورة مثل لائحة حقوق المرضى، ولائحة واجبات الممارس الصحي اللتين صدرتا في عام 27 هـ وغيرهما من لوائح تتعلق بأداء المهنة أو أخلاقياتها. هذا النهج سبيل إلى حفظ المرجعية، وإيقاف أي مخاطبات اجتهادية لاحقة، واحترام القرارات نفسها لاكتمال عناصرها مع أنها لغة إدارية بحتة. لقد لوحظ أن الفقرة الـ 17 هي في الأصل أحد البنود الـ 14 من لائحة حقوق المرضى .. فلماذا التكرار؟ وكيف يمكن تقييم وقياس عنصر مرتين؟ هذا بالطبع سيجعل عملية التقييم معقدة إذا ما تم تبنيها فعلا.
في العادة ربما لا نخرج بعد التحليل لأي استراتيجية أو خطة أو تنظيم بقرارات تحل ما تعقد، لأنه ليس بالضرورة أن يوفر التحليل حلولا. لكن ما يمكن استنتاجه هو ما يجعل هذا المجلس باختلاف الرؤى فيه، أفضل على المدى البعيد من ناحية صناعة القرارات المصيرية والكبيرة. في القرار الأخير لم يحدد أعضاء اللجان، كما لا توجد مرجعية للجان, فمما ذكر لا يعرف بمن ترتبط. ثم إنها ستراجع تقارير لجان المنطقة لأنها مرجع المنطقة فهل سيتم ذلك من خلال المدير العام أم حسبما عمد به رؤساؤها؟. التوجه الآن هو ألا يترك للمستويات التنفيذية الخدمية مساحات تؤدي لارتكاب الأخطاء بحجة أو بغير حجة وبالذات في الشأنين الصحي أو التعليمي. لكن من ناحية أخرى من الضروري مراجعة مقترحات المستويات التنفيذية الدنيا لإشعارهم بمسؤولية المشاركة والمبادرة، والربط بين حلقات المستويات الثلاثة بانتقال سلس ومرن. أشفق كثيرا على من سيتحمل عبء هذه القرارات لأن حجم العمل تضخم والمتطلبات باتت في ازدياد بين حضور المجالس والمؤتمرات والقيام بالزيارات وافتتاح المشاريع في وتيرة متسارعة.
في الواقع لا بد أن تصبح التقنية في الشأن الصحي كالماء لا غنى عنه, ابتداء من جمع البيانات حتى إصدار القرارات بالتنفيذ ومن بعد ذلك التنفيذ ستكون تقنية المعلومات الوسيلة الوحيدة التي ستختزل الزمن وترفع مستوى الأداء وتخفض التكاليف على المدى البعيد, وتسهل الوصول إلى القرارات بعد معالجة البيانات على مستوى المرفق في المدينة ثم في المنطقة ومن ثم على مستوى المملكة بصفة عامة. أكاد أجزم أنه بتبني استخدام التقنية في الكشف والفحص والرصد والجمع ثم المعالجة وإعداد التقارير وتخزين النتائج ورسم الخطط الكفيلة بتسيير الخدمات الصحية لتكون في مصاف أكبر الدول تقدما سيكون عقد الاجتماعات أصلا مجرد موافقات آنية على ما تم الاطلاع عليه وحدد بالإجماع مسبقا.
من المتوقع أن يمارس المشرف على المتابعة والمشرف على المراجعة الداخلية في الوزارة مهاراتهم، بالتنسيق مع أحد الوكلاء وبالذات المعني بالمعلومات ليضعوا أوزان كل بند للتقييم في النهاية عن مدى تحقيق قرارات المجلس ومن ثم التصرف حيال ذلك أولاً بأول. قد تتبع طرقا أخرى أيضا لقياس مردود ما تم ويتم على مستوى القطاع الصحي, لكن في النهاية إذا ما تم الاعتماد على القطاع الخاص في تقديم الخدمات وتنفيذها من الآن فصاعدا، وتفريغ الوزارة لتجويد تقديم الخدمة في المرافق الصحية القائمة حاليا, فسيكون إصدار تنظيمات من شأنها إشغال الإدارة العليا بشؤون تنفيذية مرهقة مستمرا وستظل الوزارة في عراك مع الزمن، والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي