سوق الإقراض .. والجدارة الائتمانية
إن تحقق على أرض الواقع ما كشفت عنه المصادر المصرفية قبل أيام لصحيفة "الاقتصادية"؛ من أن بنوكا سعودية شرعت في تنفيذ استراتيجيات جديدة لأسلوب الإقراض المصرفي في المملكة، فإن ذلك يعد فتحاً متقدماً في سوق الائتمان السعودي الذي نما وترعرع على مدى 30 عاما على فائدة شبه ثابتة ومتفق عليها بين كل البنوك العاملة في القطاع البنكي.
سوق الإقراض، وخصوصا إقراض الأفراد، يعد أهم أنشطة البنوك في العالم، وكان أكثر أعمال البنوك السعودية ربحية على مدى سنين طويلة.. اليوم ومع انفتاح القطاع المصرفي السعودي على العالم وتوافد البنوك الأجنبية إلى المملكة، والتي تبلغ اليوم نحو تسعة بنوك وفق المسجل على موقع مؤسسة النقد.. وكذلك انفتاح المستثمر طالب التمويل والمقترضين الأفراد على الأسواق الأخرى وزيادة عدد البنوك السعودية، وبمعنى آخر تنامي المنافسة،كل ذلك جعل من الصعوبة الاحتفاظ بأسلوب الإقراض المتبع.
في الأسواق المجاورة وفي معظم البنوك العالمية تحدد الملاءة المالية للمقترض سواء كان شخصاً أو شركة حجم الفائدة تبعا لحجم المخاطر.. وهذا يكون على أشكال فوائد مركبة قد تنقص وقد تزيد؛ وبصورة أكثر بساطة تعمل بنوك خليجية منذ فترة على إدخال طريقتها في الإقراض للسوق المحلي، وهي أن القرض يبدأ بسعر فائدة 3 في المائة، وكلما التزم المقترض بالسداد في الوقت المحدد تناقصت النسبة مع تتابع الشهور حتى تصل مع آخر قسط إلى نسبة فائدة متدنية تصل إلى 1 في المائة، والعكس صحيح.
الفائدة المركبة المعمول بها عالميا تعني أيضا أن المقترض الذي يتمتع بسجل نظيف بين البنوك تكون نسبة الفائدة المحصلة منه أقل من ذلك الذي يشير سجله الائتماني إلى أنه غير ملتزم بالسداد .. حيث يتحمل البنك إقراضه، ولكن بفائدة أعلى.
في سوقنا المحلي لا تفرق البنوك في الغالب بين ذوي الملاءة المالية العالية أو المنخفضة، فالنسبة التي تُمنح للعملاء تكاد تكون متشابهة وثابتة، بمعنى أنه قرضٌ عقاريٌّ لـ 20 عاما مثلا يُمنح بفائدة بين 4 إلى 6 في المائة تلازمك حتى 20 عاما .. لا تتغير سواء كنت ملتزماً وذا كفاءة مالية أو متعثراً تتلقفك القوائم السوداء بين فترة وأخرى.
اليوم، ووفق الخبر، تتطلع بنوك سعودية - مرغمة على ما يبدو - إلى العمل بهذا الأسلوب الذي نتمنى أن ينعكس إيجابا على القطاع والبنوك والمقترضين بصورة تحقق العدالة بين الأطراف كافة، وتعزز سوق التمويل السعودي.. ولعل تصدي بنكين سعوديين عملاقين أحدهما قديم والآخر حديث للقيام بهذه المهمة دفع الآخرين إلى التفكير في ذلك.. ولكن بقيت نقطة أخيرة لم أجد لها تفسيراً .. هناك شبه إخفاء لهذه العروض من قبل البنكين؛ كما أن تسويقها ضمن إعلانات البنوك لا يزال غير وارد لأسباب لم تتضح بعد، نرجو أن تتجاوز البنوك ذلك قريبا.