مخاطر الانكماش تزيد بتقلص الميزانيات الأوروبية

مخاطر الانكماش تزيد بتقلص الميزانيات الأوروبية

مع اندفاع الحكومات الأوروبية نحو تقليص أرقام العجز في موازناتها عبر اعتماد إجراءات تقشف صارمة، حذر خبراء من أن ذلك قد يعني تراجعا في محاولة أوروبا إنعاش اقتصادها.
وتقول الحكومات ''إن تخفيض النفقات وزيادة الرسوم بينما ما زال عديد من المستهلكين يعانون تأثيرات الأزمة الاقتصادية الشاملة، قد يؤديان إلى تدهور الاستهلاك وخفض الإنتاج في أوروبا''.
وبدأت تحذيرات الخبراء تتجسد في الأسواق الدولية مع إبداء مستثمرين في الأيام الأخيرة قلقهم بشأن التأثير المزدوج لسحب الحوافز الضريبية وشد الأحزمة في أوروبا.
وفي طليعة المشككين، جوزيف ستيغليتز حائز جائزة نوبل للاقتصاد كبير الاقتصاديين سابقا في البنك الدولي الذي يشغل اليوم منصب مستشار لدى عدد من الحكومات.
حذر من التركيز المفرط على العجز من قبل لدى مقرري خفض التكاليف.
وقال ستيغليتز ''إن أوروبا ستواجه كارثة إذا واصلت هذا الطريق''.
ودافع في المقابل عن إنشاء صندوق تضامن للاستقرار، يقدم مساعدة للدول الأوروبية التي تجد نفسها في مواجهة صعوبات مالية.
وأكد أن أوروبا بحاجة إلى التضامن وتقاسم الآراء. ولا تحتاج إلى تقشف يؤدي إلى زيادة البطالة والجمود، مضيفا أنه ينبغي على أوروبا أن تكون شبيهة بالولايات المتحدة حيث تساعد الولايات بعضها البعض.
حتى إن صندوق النقد الدولي الذي نظر إليه لفترة طويلة على أنه معقل التيار المحافظ في القضايا الضريبية، حذر من الإفراط في تقليص النفقات.
كان أوليفيه بلانشار كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي أعلن أن هناك خطرا من المبالغة في التقشف في بعض الدول تحت ضغط الأسواق''.
بعد أن هدد اقتراب اليونان من حافة الإفلاس باضطراب الأسواق المالية العالمية، سارعت دول أوروبية أخرى في الأيام الأخيرة إلى وضع مزيد من الخطط المثيرة للجدل لضبط وتنقية مالياتها العامة، وأعلنت الحكومات من اليمين إلى اليسار إجراءات تقشفية صارمة من أعلى الهرم إلى أسفله وتتنوع من مخصصات وزارية إلى تعويضات البطالة.
كانت إيطاليا والبرتغال وإسبانيا الدول الرئيسية التي سلكت هذا الطريق، بينما عزمت الحكومة الفرنسية لرفع سن التقاعد المحدد حاليا بستين عاما، وهو إجراء أثار احتجاجات الرأي العام هذا الأسبوع.
وأعلنت الحكومة الائتلافية البريطانية الجديدة جولة أولى من خفض النفقات بقيمة 7.2 مليار يورو (9 مليارات دولار).
قال لورانس بون المحلل في البنك البريطاني باركليز كابيتال ''إن خطط التقشف قاسية إلى حد أن تأثيرها على النمو ليس فقط في أوروبا وإنما أيضا في بقية أنحاء العالم، قد يشكل إعاقة رئيسية للانتعاش في حال طبقت في وقت متزامن في جميع أنحاء أوروبا''، إلا أن بعض الحكومات بدأت تأخذ بكل وضوح هذه التحذيرات في الحسبان.
أكد وزراء التجارة والمال في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي تضم 35 دولة متقدمة، أنهم ملتزمون بخفض أرقام العجز في دولهم من دون التعرض للنمو.
حذر أيلي كوهين الخبير الاقتصادي في المركز الفرنسي للأبحاث العلمية الوطنية في فرنسا من أن خطرا كبيرا يهدد مصداقية الحكومات إذا فشلت في تطبيق الإجراءات التي أعلنت عنها.
وقال كوهين: ''قد يكون من الأفضل وضع إجراءات تدريجية واقعية وقابلة للتطبيق بدلا من وعود غير ممكنة التطبيق وتؤدي بذلك إلى تفاقم الأزمة''.
وأضاف ''إن دولا مثل أستراليا وألمانيا وهولندا لا عذر لديها لوضع إجراءات تقشفية، وينبغي عدم دفعها إلى ذلك''.
وأشار إلى أن الخطر هو احتمال أن تتلطخ مصداقية أوروبا ككل بسبب عدم وفاء بعض الدول بوعودها.
وشدد بعض كبار الخبراء مع ذلك على أن التقشف هو السبيل التي يفترض اتباعها.
وأكد جان كلود رئيس البنك المركزي الأوروبي هذا الشهر، أنه من الخطأ القول إن التشدد في الوضع الضريبي يسيء إلى النمو. إنه العكس تماما. غياب المصداقية الضريبية هو الذي يعوق النمو.
وقال ''إن سلامة السياسات الضريبية ومصداقيتها على المدى المتوسط تشكلان شرطا مسبقا للثقة''.
وتابع ''إن ثقة الأسر وثقة المقاولين وثقة المستثمرين هي التي لا يمكن الاستغناء عنها من أجل الانتعاش''.
ووافق محللون في بنك جولدمان ساكس في وول ستريت على ذلك بقولهم ''إن التقشف هو العلاج الصحيح''.
وأكدوا أن المجال الأوروبي يواجه ظروفا استثنائية، وكان يمكن للبديل أن يكون أسوأ في الوقت الذي يعاني فيه الطلب الداخلي من صعوبات.

الأكثر قراءة