مجلس أعلى للخدمات الصحية.. رؤية
بالأمس القريب استمع مجلس الشورى إلى وجهة نظر لجنة الشؤون الصحية والبيئة بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه التقرير الشامل لمجلس الخدمات الصحية، ووافق المجلس بالأغلبية على عدد من الأمور منها تشكيل مجلس أعلى للخدمات الصحية برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وضرورة توفير الدعم المادي والإداري لمجلس الخدمات الصحية لكي يضطلع بالدور المطلوب منه باستقلالية كاملة تحقيقاً للهدف الذي أنشئ من أجله.
لعل إنشاء هذا المجلس مهم جدا لكل مهتم بالشأن الصحي، خصوصا أن مستوى التمثيل في المجلس سيرتبط بأعلى سلطة تشريعية فأولا بالنظر إلى مرجعية المجلس فإن مرجعيته رئيس مجلس الوزراء مما يضمن أن تكون قرارات المجلس ملزمة بدلا من أن يكون مجرد مجلس استشاري كمجلس الخدمات الصحية فمثلا مجلس الخدمات الصحية لم يكن له دور حيوي في رسم السياسة الصحية للبلد أو أخذ قرار موحد نحو عديد من القضايا الصحية فقرار إلغاء مراكز الأعمال، الذي أقره وزير الصحة السابق لم يتم عرضه على المجلس من أجل دراسته قبل إقراره مما جعل القرار نافذا فقط على المستشفيات التابعة لوزارة الصحة. كما أن هناك عديدا من السياسات الصحية، التي تتطلب وضع سياسة صحية وطنية كعمل الأطباء خارج ساعات العمل ومراكز الأعمال وسياسات متكاملة في كيفية التعامل مع الأخطاء الطبية ووضع الآليات اللازمة لتخفيفها وغيرها من القضايا.
ثانيا: نحن الآن في أمس الحاجة لمجلس يضع استراتيجية وطنية وليست استراتيجية تبنتها وزارة الصحة من أجل ضمان تنفيذها من قبل الجهات الصحية الأخرى، التي من المفترض أن تشاركه في صناعتها لا مجرد تطبيقها ففي بريطانيا مثلا تم تبني سياسة وطنية إبـان حكومة بلير بألا تزيد مدة تحويل المريض للإخصائي في حالة التحويل الروتيني ''غير المستعجل'' على 14 أسبوعا فمثل هذا القرار لم يكن له أن يرى النور لو لم يقر على المستوى الوطني.
ثالثا: من المتوقع أن يسهم المجلس في ظل قوة مرجعيته في الحد من الازدواجية في تقديم الخدمات الصحية فكما هو معلوم فإن هناك قطاعات صحية حكومية أخرى تسهم بفاعلية في تقديم الخدمات الصحية وتقدم أكثر من 20 في المائة من مجمل الخدمات الصحية فمجمل الإنفاق الحكومي على المصروفات الصحية في حدود 80 في المائة من إجمالي النفقات على الخدمات الصحية.
فالمجلس له أهمية خاصة في ترتيب الأولويات الصحية على مستوى الوطن فمثلا من المتوقع أن يسهم المجلس في تفعيل المشاركة من قبل الجهات الحكومية المختلفة كتسريع توحيد الملف الطبي، وأيضا في القضايا الصحية التي لم يتم تبني سياسة وطنية نحوها كعمل أطباء في مستشفيات العيادات الخاصة والعلاقة المستقبلية بين المستشفيات الخاصة والمستشفيات الحكومية وآلية التعامل مع الأخطاء الطبية وغيرها من قضايا السياسات الصحية المستقبلية، فإحدى إشكاليات وزارة الصحة عدم النظر إلى توجهاتها المستقبلية وفق إطار يدعم رؤيتها المستقبلية لكيفية تشغيل خدماتها الصحية سواء قررت خصخصة خدماتها كليا أو جزئيا أو عدم الخصخصة مطلقا.
ولعل هذا القرار الحكيم يمكن أن يقرأ في إطار الجهود الحثيثة التي يقوم بها معالي وزير الصحة في إصلاح وتطوير الخدمات الصحية المقدمة للمواطن بشكل عام وليس على مستوى الوزارة فقط. ولعل تلك الجهود بدأت بتوحيد رواتب الأطباء والعاملين في المجال الصحي، الذي صدر قبل قرابة عام. ولعلنا نرى انعكاس تأسيس هذا المجلس في القريب العاجل على صحة المواطن عند اعتماده بشكل نهائي.