محللون: قوة الدولار هشة .. اليورو تحت الاختبار .. والذهب في الانتظار
أكد محللون اقتصاديون وماليون أن قوة الدولار الأمريكي لا تزال هشة، فيما يعيش اليورو اختبارا مصيريا، ربما يحدد مستقبله، بينما يرقد الذهب غير بعيد في قائمة الانتظار بما يمثله من ملاذ آمن لكثيرين في مختلف الظروف والأزمات.
واتفق المحللون على أن الأزمة الحادة التي يعيشها اليورو في الوقت الراهن لن تؤدي إلى اختفائه أو انهياره بالكامل، مبينين أن أزمة مؤقتة حدثت نتيجة لمشكلات واجهت بعض الدول الأوروبية الصغيرة.
وتوقع المحللون في حديثهم لـ"الاقتصادية" أن يعاود اليورو الارتفاع خلال الفترة القادمة، وأن حظوظه تعد أكبر من الدولار في المستقبل، ولا سيما أن الدول الأوروبية الكبرى، وعلى رأسها ألمانيا قامت بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء صندوق إنقاذ لهذه الدول شريطة تحسين أنظمتها الاقتصادية.
وفي ظل ضعف الدولار الأمريكي وتذبذبه المستمر، وتهاوي قيمة اليورو، هل يستعيد الذهب بريقه ومكانته العالمية كملاذ آمن لمديري الاحتياطيات الذين تشتتوا بين دولار أمريكي متذبذب، ويورو أوروبي لا يمكن الوثوق به.
#2#
تشير الدكتورة ناهد طاهر الرئيس التنفيذي لبنك جلف ون للاستثمار إلى أن استخدام الذهب كعملة احتياط هو الأمر الطبيعي، وتضيف "القرآن الكريم يدعم هذه النظرية، في رأيي أن الذهب هو الأنسب والأصح للاستخدام اليوم، لأنه لا يترك مجالاً للتقييم الشخصي للعملة، كل ما نراه عبارة عن تقييمات شخصية وتنبؤات وتتأثر السوق بأي هزة بسبب العملة، وانخفاض سعر العملة خلال يوم أو أسبوع يعني بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك خطأ في التقييم، وذلك لعدم وجود أصول تدعم العملة".
وتقول "بلا شك أن الذهب والفضة هما الغطاء النقدي الكامل، ونظام بريتن وودز الذي كان يطبق قبل عام 1933م هو النظام الأصدق والأصلح، لكنه يحتاج إلى إعادة هيكلة بما يتناسب مع الاقتصادات الحالية، وفي رأيي أن الصين والهند فعلا توجهتا لهذا الخيار، فالصين بمفردها تملك 30 في المائة من احتياطيات الذهب، ولا بد أن نكون جزءا من هذه المنظومة".
أما عن اليورو والأزمة الحادة التي يعانيها اليوم، تؤكد الدكتورة ناهد طاهر أن اليورو لن يختفي أو ينهار تماما، بل سيعود للارتفاع مرجعة ذلك إلى أن تأثره اليوم جاء نتيجة لمشكلات في بعض الدول الصغيرة مثل اليونان، إسبانيا، والبرتغال، وتواصل "قامت ألمانيا بالتعاون مع الدول الأوروبية الأخرى وأمريكا بإنشاء صندوق لمساعدة الدول المتأثرة شريطة تحسين أنظمتها الاقتصادية، وهو ما يعني أن اليورو سيعاود الارتفاع، وفي رأيي أن مستقبله أفضل من الدولار".
#4#
وحول إمكانية أن يكون ضعف اليورو أحد أسباب احتمالية عودة الذهب إلى وضعه كعملة احتياط، يقول الدكتور يارمو كيوتلاين كبير الاقتصاديين في الأهلي كابيتال "كان النقاش الخاص باحتمال العودة إلى عملة قائمة على سلعة فعلية قائماً منذ بعض الوقت، وقد ازدادت مخاطر المستقبل النقدي لمنطقة اليورو، نظرا لتبني التخفيف الكمي من جانب البنك المركزي الأوروبي، وستكون النتيجة النهائية لذلك هي التضخم، وأعتقد أن مثل هذا الاحتمال قد ازداد، وبالتالي، فإن الرغبة في عملة قائمة على سلعة فعلية ستزداد".
مع ذلك، فإنني لا أعتقدـ كما يشير يارمو كيوتلاين أن الناس سيكونون في عجلة من أمرهم لتبني مثل تلك العملة، لأنهم بحاجة إلى المرونة التي توفرها العملات الورقية، وكان الناس قد تخلوا عن العملة الذهبية في الثلاثينيات من القرن الماضي في مواجهة ضغوط مماثلة، وتخلت الولايات المتحدة عن نظام بريتين وودز في عام 1971 بسبب الاختلالات الاقتصادية المتصاعدة، وأعتقد أن حكومات كثيرة ترغب في الإبقاء على خيار طباعة الأوراق النقدية، وتمهيد طريقها من خلال التضخم للخلاص من الوضع الحالي المثقل بالديون الكبيرة، حيث إن التضخم أقل الطرق إيلاماً لتقليص أعباء الديون الحالية، غير أنه في حالة حدوث أزمة فعلية، أو بعد تعاف مستدام، فإن من المحتمل أن تحظى عملة قائمة على سلعة، بدراسة جادة كوسيلة لإيجاد نظام نقدي أكثر شفافية، وقائم على قواعد محددة.
وعن إمكانية أن يفقد اليورو مكانته كعملة احتياط في كثير من البلدان التي بدأت في تنويع احتياطياتها في السنوات الأخيرة، يؤكد كيوتلاين أنه سيتم اختبار اليورو، وقد يقلل البعض من التعامل به، ويضيف "لكنني لا أعتقد أنه سيفقد مكانته، حيث إن منطقة اليورو جزء مهم للغاية من الاقتصاد العالمي، وقبل كل شيء، فإن الدولار تعرض لفترات من الصعود والهبوط وبالتالي، فإنه من غير الممكن استثناء اليورو من ذلك، ويبدو الدولار في حالة أقوى تماماً في الفترة الراهنة نسبياً، غير أنه مرّ بفترة طويلة من التراجع، كما أن الاقتصاد الأمريكي ما زال يواجه كثيراً من التحديات، وبالتالي، فإن تنويع سلة العملات أمر حكيم، وينظر إليه من هذا المنظور.
وإن التحدي الفعلي، على أية حال، هو ضمان أن تستمر هذه العملية لفترة أطول.
وإن الأهمية النسبية للأسواق الناشئة تزداد بوتيرة سريعة، كما أن عملات مثل الرينمنبي، والروبية، وعملات دول الخليج، يفترض أن تكون ضمن عملية تنويع سلة العملات، ويجب ألا يتراجع اليورو على حساب الدولار، بل يفترض أن يكون جزءا من احتياطيات أكثر تنويعا.
أما بخصوص استفادة الدولار من ضعف اليورو، فيشير كبير الاقتصاديين في الأهلي كابيتال بقوله "الحقيقة هي أن الدولار، كان إلى حد ما جهة مستفيدة غير مقصودة من ضعف اليورو.
الدولار يرتفع في الوقت الراهن، لأن الوضع الأمريكي أقل سوءا من الأوروبي، غير أن الوضع ليس مدهشا.
ويحتمل أن تعمل العملة القوية على دعم صدقية واستقرار الاقتصاد الأمريكي. غير أن للدولار القوي مخاطره مع ذلك، إذ ما زال التعافي الاقتصادي الأمريكي هشا للغاية، كما أن ضعف الدولار ساعد الولايات المتحدة على استعادة بعض تنافسيتها الخارجية، وبالتالي فقد لعب دورا رئيسيا في التعافي.
وقد تؤدي زيادة قيمة الدولار إلى البدء في عكس اتجاه تلك العملية، وتقويض قطاع التصدير الأمريكي في وقت حرج. وليس لدى السلطات كثير مما يمكن أن تفعله بخصوص ذلك بعيدا عن إجراءات بالغة التشدد في ظل كون معدلات الفائدة الفعلية قريبة للغاية من نقطة الصفر.
بالنسبة إلى كثير من الأسواق الناشئة التي تربط عملاتها بالدولار، فإن هذا الوضع مفيد لها في الأجل القصير.
وبقدر ترددها في قبول ذلك، ينبغي أن ترتفع قيمة عملاتها لتصحيح الاختلالات العالمية، واحتواء الضغوط التضخمية، ويوفر ذلك وسيلة سهلة (ولكنها غير مستدامة) للقيام بذلك، ولا بد في النهاية من رفع قيمة عملاتها كذلك مقابل الدولار".
#3#
إلى ذلك، لا يعتقد الدكتور جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي أن الذهب سيحل محل العملات، وأضاف "كذلك لا أتوقع أن يقفز الذهب إلى مستويات عالية، وأخالف جميع الذين يتوقعون وصول سعر الأوقية إلى 1500 أو حتى إلى 2000 دولار، في رأيي ستهيمن العملات على التعاملات التي تجري بين الدول، ولن يختفي اليورو عن المسرح، ويمكن أن يرتفع اليورو إلى مستوى 1.26 دولار، لكنه سينخفض إلى مستويات 1.18، وأن أسعار النفط يمكنها أن تنخفض لكن ليس لمستويات أقل من 68 دولارا".
ويذكر الدكتور سفاكياناكيس أن الدولار كان عملة الاحتياطي للعالم حتى في أوج الأزمة المالية، ويردف "اليوم يحتفظ نحو 67 في المائة من العالم بالدولار، وبالنسبة لليورو، لم يكن عملة احتياط للعالم، لكن البعض رأى فيه بديلاً ممكناً.
وفي اعتقادي أن الدولار واليوان الصيني سيكونان العملتين المهيمنتين للعالم مع وجود اليورو، والجنيه الاسترليني والين.
وهنا، ينبغي أن ندرك حصافة مؤسسة النقد العربي السعودي المتمثلة في تمسكها بموقفها من الدولار طالما كان يخدم المصلحة الوطنية للبلد".
وأوضح كبير الاقتصاديين في البنك الفرنسي أن قوة الدولار تعني أن أسعار النفط والسلع ستنخفض.
كما أن قوة الدولار تجعل واردات الولايات المتحدة أرخص وصادراتها أعلى ثمنا، والشيء نفسه ينطبق على السعودية.
ويضيف "رخص الواردات ينبغي أن يدعو إلى مراقبة التضخم في الولايات المتحدة، كما أن قوة الدولار تجعل الذين يحملونه يقضون إجازات أرخص في أوروبا، وسيجد السعوديون هذا العام السفر إلى أوروبا أقل تكلفة من الأعوام السابقة".