رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الشفافية والالتزام بالمنهجية في الخدمات الصحية

في يوم الثلاثاء الموافق 11 أيار (مايو) 2010 خطت وزارة الصحة خطوة أحسبها إيجابية بكل المقاييس وبغض النظر عن قوة المحتوى أو الحاجة إلى إثبات فائدة ما تم اتخاذه من قرارات، فالخطوة تدل على أن الوزارة في طريقها إلى استعادة ثقة المواطن بما تقدم من خدمات عبر الشفافية مع المجتمع والالتزام بتنفيذ ما يصدر عنها. فشكرا لهم وشكرا للإعلام الذي أسهم في نشر مثل هذه الخطوة ومثيلاتها لقطاعات أخرى فتعيد للمجتمع ثقته بما يقدم له من خدمات. ما يتطلبه الوضع الآن هو تعزيز هذا الدور بمساهمتنا جميعا كل حسب اختصاصه, حتى يكون التقدم مؤثرا في مقدمي الخدمة ومعكوسا بإيجابية على الخدمة على مستوى المملكة بالكامل. لقد ترجمت وزارة الصحة توجيهات خادم الحرمين الشريفين بالارتقاء بالخدمات الصحية وإحداث نقلة نوعية متميزة بدخولها حقبة جديدة من التخطيط والتنفيذ والمراجعة والتطوير والمحاسبة بشكل ممنهج. ولقد وضعت بوضوح التزامها أمام المجتمع بتطوير العمل والارتقاء بأداء الإدارات كافة وتطبيق معايير الجودة الشاملة بترسيخ منهج العمل العلمي المؤسسي الجماعي التكاملي.
لقد كان للقرارات الأربعة أبعاد تدل على أنها استندت إلى ملاحظات ومشاهدات واقعية، وجمع بيانات استمر فترة ليست قصيرة، وهذا ما يجعلها قابلة للمناقشة بشكل منطقي وعلمي، وبشكل غير منطقي أيضا إذا لم يحسن الفرد أو طالب الخدمة قراءتها. ستكون الفترة المقبلة المحك, لكن بداية أرى أن قوة القرارات تكمن في التشكيل ورفع كثير من الإجراءات للإدارة العليا، وتوظيف الموارد في المستويات الإدارية التنفيذية بتوضيح المهام إلى حدود لا بأس بها. كما إن القرارات توحي بأن هناك عملا جادا سيستغرق وقتا طويلا، وعزما من الوزير وإدارته العليا على تحقيق ما يفوق تطلعات المواطن والمقيم. إلا أنه سيلقي بأعباء جمة على الإدارة العليا ولن يخففها إلا تكامل الأدوار وتعاون المستويات الإدارية والفنية المختلفة لتحقيق المطلوب.
نظريا وعمليا أجد أن فرص نجاح هذه القرارات ومواجهة المسؤولين لكثير من التحديات كلها متوافرة في الوقت نفسه وبنسب متفاوتة بين فقرة وأخرى. ما يمكن أن يلاحظ أولاً هو: ضعف العرض لعدم ورود التواريخ والأزمان, إضافة إلى النظرة الفنية المتوازنة. هذا الغياب أشرت إليه في مقالات سابقة مثل الذي نشر في أواخر عام 1429هـ بعنوان «القرارات التنموية بين معديها والخيارات المطروحة أمام متخذيها», حيث يتم اتخاذ بعض القرارات قبل أن تستوفي عناصر أساسية فيها. لذلك فالمراجعة قبل مناقشتها ثم قبل إصدارها توقف الاجتهاد وتحقق للمسؤول المراد. ثانيا: بالنسبة للقرار الأول المتعلق بالتشكيل ومهام المجلس فهو واقعي حجما ومهاما، فالشؤون المنوطة بالوزارة تتضخم مع الوقت, ونمط ظهور المستجدات سريع والدخول في مسارات تحسين المهارات برفع مستوى الوعي والفكر والتدريب على تبني كل مفيد أصبح حقيقة يدركها جميع منسوبي القطاع الصحي, إلا أن استعداد الإدارة العليا والإدارات المحلية في المناطق لا بد أن يكون في المستوى نفسه. فهل نستطيع تنفيذ أكثر من 90 في المائة من قرارات كل اجتماع حتى لا نلجأ إلى ترحيل الخطط عاما بعد عام وتتفاقم المشكلة بعد عامين أو ثلاثة لوجود قرارات على الطاولة لم تنفذ بعد؟ أعتقد أنه بمتابعة تقييم نتائج الاجتماعات ونتائج التنفيذ سواء في الوزارة أو في الإدارات المحلية في المناطق لـ «التحرك ضمن الصلاحيات والمخصصات، وحسن التدبير بناء على خطة زمنية وإجراءات مقننة، وسرعة الأداء، وتوافر أو عجز التموين اللوجستي، والتحرك الواعي بخطط بديلة، ووقوف متمرسين ذوي دراية كافية بما يقومون به ... إلخ»، سيكون المسؤول الأول إما نتائج رقمية تعكس واقع الحال فيكون لديه المباركة وإما التوجيه بتعديل المسار ليكون مطمئنا على النتيجة.
أما ما بين السطور فالكلمات لها أوزان ومعان قد تجعل تردد الورق بين مستويات الإدارات المختلفة سمة غير محبوبة لأنها ستتكرر. إن كلمة «إقرار» مثلا، تعني وضوح السياسات والإجراءات وتوافر نظم ولوائح تنفيذية، إضافة إلى وضوح المعايير عند اتخاذ القرارات حتى يقفل باب الاجتهاد في التنفيذ. فهل راجع المسؤولون اكتمال ذلك في المستويات كافة؟ في مثال آخر: «التوزيع العادل والمتوازن»، تحتاج إلى وضع معادلة تعوض فيها الرموز بالأرقام الخاصة بـ «طبيعة المنطقة جغرافيا، وتعداد السكان وتوزيعهم فيها، وتعداد أو توافر مواقع الخدمات العامة المختلفة في كل منطقة وتباعدها عن بعض وعن الطرق المؤدية إليها، ونسب إشغال الأسرة وأعداد القوى العاملة المتخصصة ... إلخ». فهل تتوافر هذه المعادلة ويتم حاليا تطبيقها بتمكن من قبل كل الأعضاء والمسؤولين في المستويات كافة؟
إن هذا النهج إذا ترسخ، سيجعل إدارة هذه المؤسسة أو غيرها أكثر ثباتا، تنظيما وتنفيذا. ففي كل مرة (وخلال عقود قادمة) إذا أريد زيادة عدد أي من المرافق، أو عدد الأسرة، أو تغيير موقع مرفق، أو تحوير وظيفة جهاز أو خلافه، سيكون أساس وضع القرار مبرمجا ومعدا أصلا قبل الاجتماع، وما الاجتماع إلا لعرض المستجدات المؤثرة، وموافقة الجميع على النتيجة لأنها مدروسة ومحسوبة ومنطقية وفي حدود الإمكانات. وللحديث بقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي