تفاعل الأسهم .. نقمة أم حيوية؟
أشعر أحيانا ــ وأنا أرى سوق الأسهم السعودية تتفاعل مع الأسواق العالمية بملاحقتها هبوطا أو صعودا رغم أن الحالة الأولى هي الأكثر ــ بشيء من الفرح رغم عدم سعادتي بالخسائر التي يتكبدها صغار المستثمرين وهم الأكثرية جراء ذلك.
مصدر الفرح هو أن هذا التفاعل السريع مع ما يحدث في الأسواق العالمية هو دليل قاطع على أن الأسواق المالية في المملكة والاقتصاد السعودي باتا جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، وهذا يعني أيضا أننا نسير في المسار الصحيح، نحو دمج أداء تلك السوق بما يجري في البورصات الدولية من عمل مؤسسي يعتمد على الاقتصاد الحقيقي وشيء من المضاربة أيضا.
إن أحداث تهديد كوري جنوبي للشمال أو العكس، أو احتواء إسبانيا ''ليلا'' أزمة انهيار أربعة بنوك وتأثيرها في مستوى الصادرات السعودية ومزاج المتعاملين على مؤشر ''تاسي'' الذين هبطوا بأسهم البتروكيماويات بالنسبة العليا ما أفقد السوق المحلية 6 في المائة من قيمتها أمس وخلال أقل من 24 ساعة.. مؤشر حقيقي على أن المملكة وأسواقها أصبحت لصيقة بتحركات الاقتصاد العالمي.
يجادل البعض بأن تأثر السوق المحلية بالأسواق العالمية هو أكبر ضرر يمكن أن يؤثر في مسيرة الأسواق والاقتصاد، بمعنى آخر أن ما حدث خلال الأسبوعين الماضيين وكسر سوق الأسهم الحواجز الواحد تلو الآخر هي نقمة سببها الأول ارتباطنا بما يجري في الأسواق الأخرى.. وعند هذه النقطة أقول إن تلك ''النقمة''.. ربما تكون نعمة!
في اعتقادي أن ''السيولة العالمية'' هي المحرك الأول لأسواق المال الدولية، وأعتقد أيضا أنه لم يعد هناك ما يسمى ''بالسيولة المحلية'' بعد أن ''قبرت'' منظمة التجارة العالمية والبورصات الدولية كل المعوقات والقوانين التي تمنع ملاك السيولة من التنقل بين ''ثانية وضحاها'' من سوق إلى أخرى.. فبمجرد ورود خبر على إحدى وكالات الأنباء عن أزمة محتملة في مكان ما من غرب القارة يبادر مالك السيولة (صناديق استثمار وتحوط ومستثمرون) إلى شاشة صغيرة بمقاس 15 إنش وبعملية لا تتجاوز دقائق معدودة ليحدث إرباكا في تلك السوق.. ونشاطا في سوق أخرى من شرق القارة.
هل هذا جيد.. من وجهة نظري المتواضعة نعم، لأن ذلك يعني باختصار أن السوق السعودية حيوية وصحية، ومن الجيد أن تتفاعل مع ما يحدث في كل مكان.. ولكن شريطة أن تكون هناك سبل حماية داخلية تمنعها من الانهيار السريع أو الأثر الكبير.. ولعل نسب التأثير في السهم 10 % وتأسيس صناع سوق محليا وغيرها من اللوائح والتحديثات التي تطرأ على السوق تقوم بهذا الدور.