رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


قراءة في ميثاق عمل جامعة الملك سعود

طرحت جامعة الملك سعود خلال الفترة الماضية ما أطلق عليه ميثاق العمل, وذلك بهدف إبداء الرأي حوله قبل اعتماده بصورة نهائية, وذلك كجزء من عملية الاستعداد لاستقبال فريق الاعتماد الأكاديمي المؤسسي, لذا طرح ميثاق العمل الأخلاق باللغة الإنجليزية, وليس له نسخة عربية, رغم أنه ميثاق عمل في جامعة لغتها الأساسية اللغة العربية, التي هي لغة الوطن ولغة الأمة. وجاء في صدر هذا الميثاق وتحت عنوان “الغاية والأهداف”, أن هذا الميثاق جاء نتيجة مؤتمر داخلي عقدته الجامعة عام 2010 بهدف تطوير ميثاق أخلاقي لمنسوبيها بناء على ما طرح خلال المؤتمر من آراء وأفكار وما قدم من مداخلات أسهم بها المشاركون, كما تقول هذه المقدمة.
حيث ورد في المقدمة أن كل فرد مشارك في المسؤولية في إيجاد ثقافة أخلاقيات العمل والمحافظة عليها, لذا رأيت طرح هذا الموضوع من خلال هذه الزاوية الأسبوعية لأن الجامعة جزء من المجتمع, ولذا فالمجتمع الكبير لا بد أن يشارك في صياغة هذا الميثاق الأخلاقي نظراً لأن الجامعة جزء من المجتمع, ووضعها الإيجابي أو السلبي ينعكس على المجتمع, كما أن الجامعة لا يمكنها أن تعزل نفسها عن محيطها الاجتماعي بثقافته العامة بل يلزمها أن تسهم في تقوية العناصر الثقافية الجيدة وتحافظ عليها, كما عليها في الوقت ذاته أن تسهم في إضعاف العناصر الثقافية ذات الطابع السلبي والمعوقة للنماء والتطور.
يتناول ميثاق العمل ثمانية محاور أساسية ويندرج تحت كل محور مجموعة من المواد, ويختلف عدد هذه المواد من محور إلى آخر. المحور الأول حمل عنوان التمركز حول الطالب وفرص التعلم الجيد, واندرج تحت هذا المحور ست مواد تركز على بيئة التعلم الجيد بما فيها من معرفة وحكمة ومهارات والبيئة المحفزة على التعلم مدى الحياة والمشجعة لطلابها على تحمل مسؤولياتهم, إضافة إلى مراجعة الجامعة ممارساتها تحسين مهارات العمل والرفع من مستوى المعرفة لدى منسوبي الجامعة.
أما المحور الثاني فإنه يهتم ببيئة العمل المتسمة بالأداء المهني المتميز, وهذه البيئة تتحقق من خلال احترام النظم واللوائح مع مراجعتها, وإعادة النظر فيها من وقت إلى آخر. على أن بيئة العمل هذه تتطلب الشعور بالمسؤولية من أعضاء هيئة التدريس, مع إدارة جامعية عادلة ومنفتحة.
المحور الثالث يركز على إدراك وتقدير دور ومساهمات الجميع تجاه الجامعة, ويأتي تحت هذا المحور ثلاث مواد تركز على الحرية الفكرية واحترام حق الملكية الفكرية للطلاب والأساتذة, إضافة إلى تشجيع, وتقدير الإسهامات الداعمة للقيم والمبادئ.
المحور الرابع يتناول ممارسة الانفتاح والعدالة عند التعامل مع الناس كافة بما في ذلك من أمانة وإخلاص ومناقشة حرة للأفكار والرؤى, وتكافؤ الفرص والعدالة في الممارسات كافة.
أما المحور الخامس من محاور ميثاق العمل فإنه يركز على احترام الكرامة الإنسانية للناس كافة, وجاء هذا المحور في ست مواد تهتم بتشجيع أعضاء هيئة التدريس والطلاب, وأفراد المجتمع على اختياراتهم المهنية والتعليمية, كما أن مواد هذا المحور تركز على احترام الاختلافات وتشجع على الإبداع, وتقدر اختلاف الرأي وتحفظ للجميع سمعتهم. ولفت نظري في هذا المحور ثلاث مواد توقفت عندها طويلا, إذ إنها لا تتسق مع ثقافة المجتمع وقيمه, كما أنها لا تتفق مع واقع الجامعة. في المادة 5/4 ورد أن الجامعة تحترم التنوع الإنساني بما في ذلك التنوع في الجنس من حيث الذكورة والأنوثة والقيم الروحية والتفضيل الجنسي sexual preference, والعمر والإعاقة والثقافة, وعند التمعن في هذه المادة يتبين أن من وضع هذه المادة لا يدرك معناها, أو أنه نقلها وهو لا يفقه الخلفية الثقافية والحضارية والاجتماعية التي ولدت فيها مثل هذه المادة, إذ إن مفهوم التفضيل الجنسي وضع في مجتمعات تقبل وتؤمن بأحقية الشاذين جنسياً في الإعلان عن أنفسهم ومزاولة نشاطهم في الجامعات من ندوات ولقاءات, ومنشورات, وهذا لا يتفق إطلاقاً مع قيمنا وثقافتنا وديننا.
المادة 5/5 في هذا المحور تقول إننا ندرك عدم العدالة التاريخية والحالية للمحرومين Indigenous من الناس, لذا فنحن نهتم بشكل واضح بتلبية احتياجاتهم, ومرة أخرى يتأكد عدم إدراك من كتب هذه المادة أو من نقلها من ميثاق إحدى الجامعات الغربية, إذ إن هذه المادة وضعت خصيصاً في الجامعات الأمريكية تعويضاً عما حل بالهنود الحمر والأمريكان من أصول إفريقية من ظلم واستعباد طوال الحقب الماضية, لذا أكدت هذه المادة على عدم العدالة التاريخية والحالية.
مما يؤكد أن هذا الميثاق منقول, حيث ورد في المقدمة المادة 6/5, التي تقول إننا نعمل بشكل فاعل وبناء وفق البيئة الاجتماعية لكل بلد من البلدان التي تقدم فيها جامعة الملك سعود خدماتها التعليمية, وهذا يخالف واقع الجامعة التي ليس لها فروع خارج المملكة, وفي بلدان أخرى.
المحور السادس يتناول المسؤولية في بناء مجتمعات متحضرة من خلال التربية الجيدة والإبداع, والدينامية في الاستجابة للتحديات كافة, مع الاهتمام بالاحتياجات والمهارات المطلوبة لسوق العمل.
المحور السابع يشمل الاهتمام بالبيئة الاجتماعية والطبيعية وبما يحقق المنفعة والدعم للتنوع البيئي وبناء الخبرات واستخدام التقنية بشكل فاعل. أما المحور الثامن فإنه يركز على تقدير ودعم سرية المعلومات والمحافظة على أسرار العاملين في الجامعة.
لا شك أن وجود ميثاق أخلاقي للعمل يمثل مطلباً مهماً وأساسياً, لكن الميثاق لا بد من أن تكون مصادره ثقافة وقيم المجتمع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي