عضوية المملكة في «العشرين» جعلت إصلاح النظام المالي العالمي من أولويات العرب
قال الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس (مؤسسة الفكر العربي)، إن قضية إصلاح النظام المالي العالمي المدرجة على أجندة منتدى الاقتصاد العربي "تحظى بقدر كبير من الأهمية ولا سيما أن العالم العربي أصبح في قلب القضية بدخول المملكة عضوا في مجموعة العشرين العالمية والمنوط بها بحث قضايا النظام المالي العالمي".
وشدد خالد الفيصل على أن "المرحلة الدقيقة التي نمر بها توجب علينا التفكير المعمق لتدبير فرص الاستقرار ومواجهة التحديات والمخاطر في ظل التطورات والتغييرات التي يشهدها العالم بأسره".
إلى ذلك، دعا سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني أمس إلى حماية اقتصادات الدول العربية من الأزمات المالية العالمية الكبرى من خلال تبني السياسات والتشريعات والنظم السليمة للرقابة.
وقال الحريري خلال افتتاحه (منتدى الاقتصاد العربي) في دورته الـ 18 هنا بمشاركة أكثر من 800 شخصية عربية وأجنبية: إن الاقتصادات العربية التي تأثرت بالأزمة المالية العالمية تجد طريقها إلى التعافي، مخالفا رأي جميع دعاة الانغلاق والتقوقع بحجة حماية الاقتصادات الوطنية.
وأضاف أن "حماية الاقتصاد العربي تكون من خلال تبني التشريعات والسياسات ونظم الرقابة السليمة بينما الانغلاق من شأنه أن يفوت علينا عديدا من الفرص التي تسمح لنا بتأمين مستقبل زاهر لشبابنا".
وأكد أن الدول العربية مؤهلة لأن تكون شريكا مهما لدول الاتحاد الأوروبي، وشريكا أساسيا لتركيا أيضا، مشيرا إلى أن وراء الاستقرار السياسي والإصلاحات الاقتصادية الصحيحة وإقامة حوار مع المستثمرين عوامل أساسية للمحافظة على الثقة التي كانت من العوامل الرئيسية التي ساعدت لبنان على التحول إلى ملجأ آمن لرؤوس الأموال وتحقيق معدلات نمو مرتفعة.
وشدد على أن لبنان حريص على المحافظة على ثقة المستثمرين وتمتينها، لافتا إلى أنه "من هنا إصرارنا على ضرورة اتباع سياسة مالية سليمة تهدف إلى المحافظة على الاستقرار الاقتصادي".
وأكد أن "مشروع موازنة 2010 يوفق بين تلبية حاجات المواطنين ومتطلبات الاستقرار الاقتصادي ويهدف إلى تفعيل وتحسين التنمية ومتابعة احتواء حجم الدين العام من الناتج المحلي".
وأشار إلى أن "لبنان يدخل مرحلة جديدة تؤسس لانطلاقة جديدة في حياتنا السياسية والاقتصادية وعلى رغم من الصعاب، فإن الحكومة تعمل على حماية لبنان من التوترات، والهدف الذي نطمح إليه اليوم هو تعزيز كل النجاحات التي حققناها والارتقاء بلبنان إلى مستقبل واعد ومزدهر".
وأشار الحريري إلى أن المنتدى "يكتسب أهمية كبرى، فالمتغيرات كثيرة في حين بدأ الاقتصاد العالمي طريقه للتعافي بعد الأزمة ويواجه عديد من الدول الأوروبية تحديات كبيرة اليوم".
وفي هذا الإطار اعتبر أن "تعدد التحديات دفع المعنيين إلى التفكير في وسائل جديدة لاحتواء الأزمة وهذه الوسائل أو الحلول تصب جميعها في اتجاه المحافظة على ثقة المستثمر".
من جهته، أكد رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أهمية إرساء سلام شامل وعادل في منطقة الشرق الأوسط، مشددا على ضرورة استئناف المفاوضات من أجل إرساء سلام شامل ودعم مبادرة السلام العربية للمضي قدما في تحقيق المسائل الأساسية.
وأضاف باباندريو أن "العقود الماضية تركت كثيرا من الصعوبات إلا أن هذا الأمر أسهم في تعزيز تقاربنا والتضامن هو شعور يكنه اليونانيون للشعب العربي".
ونوه بالجهود التي يبذلها الحريري والرامية إلى "تعزيز الاستقرار وتمكين لبنان من المضي قدما" داعيا إلى "وجوب مواصلة تعزيز العلاقات بين اليونان والعالم العربي في المجالات كافة".
وقال: "إن هدفنا يتمثل في تعزيز دور الاتحاد الأوروبي"، مطالبا الأسرة الدولية بأن تقوم بمهامها في المنطقة.
وفي هذا الصدد، أشار باباندريو إلى أن "الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني أصبح محط تركيز مهما خصوصا في ظل التحيز والتطرف في العالم".
بدوره، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في كلمة مماثلة أن "من أولويات الجامعة: التوافق على أهمية التنمية البشرية والديمقراطية والحكم الرشيد الذي يفهم منه أن دوره خدمة الناس وليس التحكم في مصائرهم ومن ثم يأتي التكامل الإقليمي والعربي ونجاحه الاقتصادي الذي يحدث التراكم الإيجابي المطلوب، إضافة إلى التلاؤم مع العالم".
ورأى موسى أن "المنطقة تمر بظروف صعبة تعاني فيها آلام المخاض لمستقبل مختلف"، لافتا إلى أنه "مخطئ من يعتقد أن دوام الحال فيه استقرار وأمن لأحد". بيد أن موسى استدرك قائلا: إن "منطقة الشرق الأوسط وعلى الرغم من الصعاب التي تمر بها هي منطقة واعدة والمستقبل أمامها ولكن على الضفة الأخرى وعلينا العبور إلى هذا المستقبل".
وشدد موسى على وجوب أن "توقف إسرائيل أنشطتها النووية وأن تضعها تحت الرقابة الدولية وألا تستمر في أنشطتها الاستعمارية وأن تفهم أنها لن تمنع حق الفلسطينيين في تقرير المصير وأنها لن تقرر مصير القدس وحدها وأن تنهي احتلالها للأراضي العربية".
وأكد أن "أمن المنطقة يحتاج إلى إقامة منطقة خالية من السلاح النووي"، معربا عن اعتقاده بأن الاتفاق الذي حصل في طهران بين إيران والبرازيل وتركيا " قد يفتح الباب أمام تحقيق هذا الهدف".
أما أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس (مؤسسة الفكر العربي) خالد الفيصل فقال: إن قضية إصلاح النظام المالي العالمي المدرجة على أجندة منتدى الاقتصاد العربي "تحظى بقدر كبير من الأهمية ولا سيما أن العالم العربي أصبح في قلب القضية بدخول السعودية عضوا في مجموعة العشرين العالمية والمنوط بها بحث قضايا النظام المالي العالمي".
وأوضح خالد الفيصل أن "مؤسسة الفكر العربي تنطلق من ثوابت ثلاثة: أولا حشد الجهود وتكامل الأدوار للنهوض بالعمل التنموي بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع الأهلي، ثانيا الصلة الوثيقة بين الثقافة والتنمية، وثالثا التعليم قضية مركزية في أي مشروع نهضوي عربي".
وعقب الكلمات بدأت أولى جلسات المؤتمر حول السياسات المالية المطلوبة لدعم الاقتصاد في مرحلة ما بعد الأزمة المالية العالمية، حيث ترأس هذه الجلسة وزير المالية الكويتي السابق ورئيس مجلس إدارة شركة تريبلي القابضة، بدر الحميضي، استعرض فيها المشاركون البرامج التحفيزية التي تبنتها الحكومات العربية لدعم الاقتصاد والمخاوف من تنامي العجز والدين العام في كثير من الدول ما بات يتطلب سياسات جديدة تركز على الانضباط المالي وفي الوقت نفسه تساعد على تعزيز التعافي الاقتصادي.
ويشارك الشيخ أحمد الفهد في الجلسة الثانية للمنتدى تحت عنوان "الشرق الأوسط .. فرص الاستقرار والمخاطر" إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والأمير تركي الفيصل. ويتخلل المنتدى أيضا جلسات أخرى تتمحور حول إصلاح النظام المصرفي العالمي وانعكاساته على العالم العربي.