لكيلا تكون «سمة» أداة تهديد لتحصيل ما هو غير مستحق
في خبر نشرته صحيفة ''الوطن'' يوم السبت الماضي قالت فيه إن الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية ''سمة'' قررت تجميد عضوية بعض أعضائها من الشركات مؤقتا في خطوة جديدة من نوعها في سوق الائتمان السعودية، مرجعة ذلك إلى نقص المعلومات وغياب الشفافية، حيث لم يلتزم هؤلاء الأعضاء بتزويد ''سمة'' بالمعلومات الدقيقة والمحدثة في أوقاتها المتفق عليها، فضلا عن عدم اهتمامهم بتحديث الإيجابية منها، مما يؤثر في الملاءة المالية للعملاء، والخبر حتى الآن عادي ولم يثر في النفس خوافيها.
إلا أن ما تبقى من الخبر هو المثير لخوافي النفس، حيث أضافت ''سمة'' أن من أسباب القرار استخدام هؤلاء الأعضاء للاسم ''سمة'' كأداة ضغط على عملائهم في جوانب التحصيل والتهديد برسائل قصيرة للعملاء المتأخرين عن السداد.
''سمة'' شركة تأسست من قبل البنوك التجارية المحلية التي تعمل في بلادنا بهدف توفير المعلومات الائتمانية للأعضاء كخطوة في سبيل تطوير آليات الاقتراض والتأكد من سلامة الإجراءات المتخذة في هذا الصدد، وهي تقوم بذلك من خلال مركز المعلومات الائتمانية الذي يقوم بجمع المعلومات الائتمانية من الأعضاء المشاركين لتوفير المعلومات الكاملة عن سجل العميل إلى مانحي الائتمان، حيث يرسل الأعضاء المشاركون المعلومات الائتمانية المتعلقة بعملائهم للمركز، ويحصلون على معلومات من المركز لتقييم مقدرة السداد من قبل عملائهم الحاليّين والمرتقبين لمساعدتهم على اتخاذ قراراتهم.
بكل تأكيد، وخصوصا بعد أن شاركت في ''سمة'' شركات تقدم خدمات مفوترة لزبائنها تسدد فيما بعد، أصبح ما تقوم به ''سمة'' دورا مهما وحيويا بل ضروريا جدا لتنظيم وتطوير وحماية سوق الائتمان في بلادنا بما يجعله فاعلا في تحقيق أهدافه في تنمية الأسواق كافة. إذ لا ائتمان دون قدرة على السداد ومن يغامر ويمنح فردا أو مؤسسة دينا أكبر من القدرة على السداد عليه أن يتحمل نتائج سوء قراره فهو من اتخذ هذا القرار اللامسؤول رغم تقييم ''سمة'' لمقدرة المدين على السداد.
''سمة'' التي أعلنت غير مرة أنها تعمل على حماية سوق الائتمان والأوراق التجارية ''الشيكات'' أثلجت صدورنا بهذا الخبر بعد أن أصبح الأعضاء المشاركون فيها يمررون رسائل خاطئة حول نشاط ''سمة'' الرئيس والمتمثل في توفير المعلومات الائتمانية كجهة مصرح لها بمزاولة هذا النشاط، كما أوضحت ''سمة'' في قرارها تجميد عضويتهم، حيث بينت أنه من أبرز تلك الرسائل الإيحاء بوضع المتعثرين فيما يسمى ''بالقائمة السوداء''، فضلا عما ذكرته من عدم موافاة العميل بالأسباب الرئيسة التي أدت إلى رفض أو قبول منحه التمويل المطلوب، إذ هم ملزمون قانوناً بشرح أسباب الرفض للعميل، أو فرض رسوم على العملاء نظير الحصول على تقاريرهم أو تحديث معلوماتهم في النظام''.
المصادر الناقلة للخبر قالت إن هذه المخالفات تقود إلى ''المساهمة في تجهيل العملاء وعدم نشر ثقافة الائتمان التي تعمل ''سمة'' على نشرها، حيث لا توجد أي قوائم في آلية عمل ''سمة''، بل هو تقرير ائتماني يعكس التاريخ الائتماني أياً كان'' وهو كلام صحيح 100 في المائة.. ولا شك أن ذلك لا يصب في مصلحة البلد في المحصلة، إذ إن تدمير سوق الائتمان من خلال تحقيق مصالح الدائنين ومقدمي الخدمات على حساب المدينين والمستهلكين سيدمر الثقة بين الطرفين، الأمر الذي يؤدي إلى عواقب وخيمة على الاقتصاد في المحصلة.
أحد الإخوة يقول لي إن فاتورة وصلته من إحدى الشركات فاقت أربعة أضعاف الحد الائتماني المتفق عليه مع الشركة، ووصلت لابنه الذي يدرس في الجامعة وهو ضعيف الملاءة المالية لكونه يعتمد على والده في مصاريفه فاتورة تعادل ستة أضعاف حده الائتماني المقرر بألف ريال، وهو لا يعرف كيف أعطته هذه الشركة الحد الائتماني الذي لا يتناسب وقدراته أولا، أما كيف ضاعفوه ست مرات فهذا توريط متعمد إذ كيف لهذه الشركة أن تطالب طالبا بأكثر من ستة آلاف ريال سعودي وهو غير موظف ومكافأة الجامعة لا تكفي لتغطية أبسط متطلباته الحياتية والدراسية. وهذه الشركة وضعت بالخط العريض على الفاتورة التي أرسلتها لهم عبارة في ظاهرها الإعلام وفي باطنها التهديد تقول له فيها بأنه ''يحق للشركة تبادل المعلومات الائتمانية مع المراكز المتخصصة''.
عجيب ''تهديد'' كما قالت ''سمة'' بالمراكز المتخصصة، وهل غير ''سمة'' مركز متخصص في بلادنا، تهديد للمستهلك دون تحمل أدنى مسؤولية نتيجة القرارات الخاطئة لأي سبب كان بمنح المستهلكين لخدمات هذه الشركة ائتمانا أعلى من الحد الائتماني أضعافا مضاعفة.
ختاما: نضع أيدينا بيد ''سمة''، فهي كما تقول في موقعها الإلكتروني جاءت لمساعدة العملاء في حصولهم على التسهيلات الائتمانية بأنواعها وبتكاليف وضمانات أقل، ومساعدة الدائنين على اتخاذ قرارات أسرع وأفضل، وتقليل مخاطر عدم السداد، ومساعدة العملاء على الاستفادة من تاريخهم الائتماني من خلال تحملهم عمولات أقل وشروط أيسر، وبكل تأكيد لم تأت ''سمة'' لتكون سيف تهديد مسلطا على رقاب المستهلكين بحال من الأحوال. وكلنا أمل ورجاء أن تتشدد ''سمة'' بشكل أكبر مع من يستخدمها لغير أهدافها وأغراضها بتهديدهم بالقائمة السوداء رغم تعسف تلك الجهات مع المستهلكين وعدم تحملها مسؤولياتها حيال أخطائها، وبكل تأكيد سيكون لذلك أكبر الأثر الإيجابي في نمو سوق الائتمان وحماية المتعاملين فيه.