متى تثق بغريزتك ومتى تتجاهلها؟

متى تثق بغريزتك ومتى تتجاهلها؟

فلنأخذ الأخطاء المالية على سبيل المثال. غالبا ما يتوقع الناس تفاقم الاتجاهات المالية الحالية مستقبلا مما يؤدي بهم إلى توقع، إما الوفرة الهائلة أو المخاوف غير الواقعية. يثبت علم السلوك الاقتصادي الذي يتضمن كلا من المالية وعلم النفس أن الأحكام السريعة غالبا ما تكون غير ذات فائدة في اتخاذ القرارات المالية مثل انتقاء الأسهم المناسبة للشراء مثلا.
حيث يحتاج مشترو الأسهم إلى معرفة المزيد عما يدفع المستثمرين الآخرين للشراء. لا تقتصر أهمية الحكمة في الاستثمار على المستوى الفردي فقط، وإنما تمتد أهميتها أيضا إلى حماية الأسواق من نشوء الفقاعات المالية التي يمكن أن تلحق الضرر بالاقتصاد ككل.
كثيرا ما يعتمد الناس على غرائزهم في اتخاذ القرارات المفاجئة. فالقدرة على الشعور بوجود حيوان مفترس ومن ثم الهرب بسرعة كان من أهم الغرائز التي تحرك الإنسان البدائي, كما طور البشر أيضا القدرة على فك الشفرات الاجتماعية والتمييز بين الأصدقاء والأعداء في لحظة.
في الواقع ما زالت الاستجابات الغريزية مهمة عند التعامل مع البيئة الاجتماعية. كما أن البشر قادرون على اتخاذ قرارات سريعة فيما يتعلق بالحكم على الآخرين من لغة الإيماءات والحركات. كما أن اختيار الكلمات والنبرات الصوتية تضيف الكثير من المعنى إلى الرسائل الشفهية في التواصل بين الناس. وهنا تظهر أهمية الحدس.
أما عندما يتعلق الأمر بالاختيار بين عدد من الخيارات المتاحة يكون للحدس المباشر بديل هو التحليل الواعي أو صنع القرار. مثل هذا التفكير المجرد يتطلب وقتا وجهدا مركزا. يصف أحد علماء النفس الحدس بأنه نظام التفكير الأول والتفكير التحليلي بأنه نظام التفكير الثاني.
لا يساعد الحدس في اختيار أفضل خطط الاستثمار مثلا أو في فهم الاحتمالات الاقتصادية. غالبا ما يخطئ الناس فيما يطلقونه من أحكام لأنهم يفرطون في الثقة أو في قصر النظر أو لأنهم يستخدمون قواعد غير مناسبة لا تصلح لتقييم السيناريوهات المعقدة.
هناك حقيقة مؤكدة هي أن الناس يكرهون الخسارة بأكثر مما يحبون المكسب. تؤثر هذه الحقيقة على الاستنتاجات التي يتوصل إليها الناس. فكثيرا ما يخرج الناس عن مساراتهم لتجنب الخسائر حتى لو انطوى هذا السلوك على مخاطر.

الأكثر قراءة