الـ 100 عام المقبلة: التنبؤ بالقرن الـ 21
عندما ننتقل إلى عام 1940، نجد أيضا تغيرا كبيرا فقد استعادت ألمانيا عافيتها وبدأت حربا مفزعة انتهت وقد قسمتها إلى شطرين. وتقاسمت الولايات المتحدة وروسيا الهيمنة على العالم الجديد فيما بعد الحرب العالمية الثانية. وتضاءل احتمال نشوب حرب نووية.
نقلة أخرى إلى عام 1980، حيث خسرت الولايات المتحدة حربا في دولة صغيرة هي فيتنام الشمالية. كانت الولايات المتحدة تريد أن تحبط الطموح السوفياتي لدرجة أنها تحالفت مع الصين الشيوعية.
أما بحلول عام 2000، فقد تغير وجه العالم تماما، حيث انهار الاتحاد السوفياتي. وعلى الرغم من أن الصين لا تزال تقول إنها شيوعية إلا أن الرأسمالية انتشرت في شتى أنحاء البلاد ثم تغير وجه العالم مرة أخرى عقب أحداث 11 أيلول (سبتمبر) من عام 2001.
في عام 1900، لم يكن أبدا في مقدور أحد التنبؤ بالأحداث العالمية التالية المتغيرة ومع ذلك إذا ما درسنا الوضع من منظور الجغرافيا السياسية فسيكون من الممكن التنبؤ بالاتجاهات الأساسية فالتنبؤ الجغرافي السياسي يضعنا أمام افتراضين:
الأول، هو أن الناس يتجمعون في مجموعات اجتماعية منظمة أكبر من الأسر والعائلات والقبائل. ومن ثم تظهر السياسة، حيث يشعر الناس بالولاء تجاه هذه التنظيمات الاجتماعية ويتحركون بدافع الهوية القومية التي تتضمن التاريخ المشترك. يشكل هذا طابع الدولة القومية واستراتيجيتها الكبرى. تتعامل السياسية الجغرافية مع اللاعبين في أي موقف من منطلق عقلاني ويفترض بها دائما أن تعمل من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة.
الافتراض الآخر، هو أن الجغرافيا تحدد موارد الأمة ومن ثم الخيارات المتاحة أمامها وهذا يشمل موقعها الجغرافي. فالدول غير الساحلية تتصرف بطريقة تختلف عن الدول الساحلية ذات الموانئ على البحار والمحيطات. وهناك أيضا عوامل أخرى مثل الجبال والرواسب المعدنية. كما أن هناك عوامل أخرى تخرج عن إرادة الأمة مثل المعتقدات السياسية والدينية لجيرانها ووجود منافسين من عدمه.
إذا ما أمعنا النظر في هذين الافتراضين الرئيسيين وجعلناهما أساس الحكم على الاتجاهات الديموغرافية والاقتصادية وتقاطعها مع التكنولوجيا الناشئة فسنكون قادرين على تقديم توقعات محددة فيما يتعلق بالمستقبل.
يحد الواقع الجغرافي السياسي كثيرا من حركة البلدان لذلك فإن إرادتها الحرة ليست حرة تماما. إذ يكون على معظم القادة الاختيار من مجموعة محدودة من الاختيارات المتاحة. والقادة العظماء فقط هم من يقومون بتحركات جديدة أو غير متوقعة تماما مثل أساتذة الشطرنج الكبار.