أصحاب الذوق الرديء
كانت حافلات خط البلدة حتى ما قبل أسبوع تتسابق في شوارع العاصمة بشكل فج، وقبل أسبوع أيضا كانت سيارات الليموزين تلقي بنفسها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين من أجل اختطاف راكب نبت فجأة أمام عيني السائق الذي يرى أن من حقه التقاط الراكب ولو كانت النتيجة تهديد حياة الآخرين.
كان عدد من الشباب والكبار أيضا يستعرضون بسياراتهم متجاوزين الجميع من أقصى اليمين وملتفين من بعد خط المشاة باتجاه اليسار كي يتصدروا الجميع، فهم يعملون بمبدأ «إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب».
لم يكن خط المشاة المسكين يشاهد، لأن السيارات تطأه، ولا تعترف به أبدا. صورة مشوهة، كان الكل يمارسها، والكل يبرر ممارستها بأن الآخرين يفعلونها،.. ثم جاء «ساهر». وبدأت المخالفات تهطل على الناس، وصار كل مخالف يتلقى مخالفاته على هاتفه الجوال. أحد الأصدقاء وصل مجموع مخالفاته التي تلقى إشعارا بها على جواله أكثر من ألفي ريال. اكتشف أن ثلاثا من تلك المخالفات ارتكبها سائق العائلة.
الكل يخالف، والكل يبرر، ولكن فجأة أصبحت القيادة في شوارع الرياض أجمل، وأكثر هدوءا وانضباطا، وأصبح من النادر أن يكشر في وجهك ويعبر عن غضبه عليك قائد المركبة التي خلفك لأنك توقفت عندما رأيت ضوء الإشارة البرتقالي ثم الأحمر.
هذه حصيلة مبدئية، ومع استمرار تطبيق النظام، سيعرف الجميع أن عدم الالتزام بحقوق الطريق ليس قضية ذوق وأخلاق وحضارة فقط، بل هو أيضا قضية مالية، ومن شأن العناد في عدم تعلم الذوق أن يكلف المرء مبالغ لا طاقة له بها.