عجلة دوران مصفاة ينبع تتوقف تماما.. «كونوكو فيليبس» تنسحب من المشروع

عجلة دوران مصفاة ينبع تتوقف تماما.. «كونوكو فيليبس» تنسحب من المشروع

بينما شرعت المعدات الثقيلة في تسوية الأرض وبناء المرافق المؤقتة لتشييد مصفاة لتكرير الزيت الخام في الجبيل بين شركتي أرامكو السعودية وتوتال الفرنسية، مضت مصفاة ينبع الدخول في نفق مظلم حتى وصلت إلى طريق مسدود تماما، ما أرغم الشريك الأجنبي «كونوكو فيليبس» الانسحاب رسميا من المشروع، وهي خطوة كانت متوقعة بسبب المصاعب الاقتصادية الكبيرة التي واجهت المشروع.
وبررت شركة كونوكو فيليبس العملاقة للنفط انسحابها من المشروع بـ «استراتيجيتها لتقليص أنشطتها في مجال الصناعات التحويلية».
وشأنها شأن سائر شركات تكرير النفط الرئيسية، تشهد «كونكو» انكماشا في الأرباح في مجمعاتها التي تحول النفط الخام إلى البنزين ووقود الديزل مع تآكل الطلب من جراء التباطؤ الاقتصادي العالمي.
وقال ويلي شيانج النائب الأول لرئيس الشركة لشؤون التكرير والتسويق والنقل في بيان «قررنا في نهاية الأمر أن هذا المشروع لا ينسجم مع استراتيجيتنا الحالية لتقليص حضورنا في قطاع المصب».
من جانبها، قالت شركة أرامكو السعودية أمس إنها تلقت إخطارا خطيا رسميا من شركة كونوكو فيليبس برغبتها الانسحاب من مشروع مصفاة التصدير الجديدة المقرر إقامتها في ينبع على الساحل الغربي للمملكة على البحر الأحمر.
وبدا أن «أرامكو السعودية» ستواصل المضي قدما في المشروع، حيث أشارت في بيان لها وزعته أمس ـ حصلت «الاقتصادية» على نسخة منه ـ إنها تدرس الخيارات المتاحة لمواصلة تنفيذ مشروع مصفاة ينبع والارتقاء بربحيته إلى مستويات أعلى.
وقال في هذا الصدد، خالد جاسم البوعينين، النائب الأعلى لرئيس «أرامكو» للتكرير والتسويق والأعمال الدولية «إن مصفاة التصدير في ينبع هي مصفاة تحويل كامل مصممة لمعالجة الزيت الخام العربي الثقيل، وستنتج منتجات مكررة عالية الجودة ذات محتوى كبريتي منخفض للغاية، منها نحو 265 ألف برميل في اليوم من الديزل و90 ألف برميل في اليوم من البنزين، علماً بأن هذه المنتجات ستكون مستوفية لأعلى المواصفات العالمية ويمكن تسويقها عالميا في الأسواق التي تحقق أعلى الأرباح. ويتوقع أن يحقق المشروع عوائد عالية بسبب تكاليفه الرأسمالية الجاذبة وتمتع هيكل التكاليف التشغيلية لهذه المصفاة بأعلى المستويات العالمية، وكذلك لموقعها المثالي الذي يخدم الأسواق المحلية والعالمية. وبالنظر إلى هذه المزايا، وبالإضافة إلى تمتع المصفاة بأعلى نوعية من المنتجات، فإننا نتوقع لهذه المصفاة أن تصبح من أكثر المصافي قدرة على المنافسة في العالم».
ولم يتخذ الشريكان في المشروع أي خطوات جادة نحو المضي قدما لإنشاء المصفاة، رغم تأكيدهما غير مرة على تشييد المصفاة، بسبب أوجه عدم اليقين في أسواق المال والتعاقدات.
وكان الشركتان قد مددتا مهلة تقديم العروض لوحدة معالجة المواد الصلبة بمصفاتهما المشتركة في ينبع، حيث أصبح الموعد النهائي 22 آذار (مارس) الماضي بدلا من 28 شباط (فبراير) الماضي، وأتمت شركة كيه.بي. آر الأمريكية وضع تصميم المصفاة ووزعت المناقصة على 11 حزمة للأعمال الهندسية والتوريدات والبناء، وذلك لتمكين الشركات من تقديم عروض مناسبة بدرجة أكبر.
وحامت الكثير من الشكوك حول قدرة الشريكين على المضي قدما في المشروع بسبب التحديات الاقتصادية الكبيرة التي واجهها، وتأتي في مقدمتها بعد مدينة ينبع عن منابع النفط السعودية الضخمة، إضافة إلى عدم وجود البنى التحتية النفطية في المنطقة، وهي تحديات لم يواجهها مشروع مصفاة الجبيل، الذي استفاد من هذه المقومات الاقتصادية المهمة.
وكانت الشركتان السعودية والأمريكية قد اتفقتا على إنشاء مصفاة من الصفر بطاقة تكرير مقدارها 400 ألف برميل يوميا، تعمل على تحويل المكونات النفطية الثقيلة إلى منتجات خفيفة، في مدينة ينبع الصناعية في السعودية.
وتأتي هذه المصفاة لمعالجة الخام العربي الثقيل الذي ستزوده «أرامكو» السعودية، وستنتج منتجات عالية الجودة ذات مستوى متدن للغاية من الكبريت، على نحو يفي بمعايير المنتجات الحالية والمستقبلية، وستكون كل من «أرامكو السعودية» و»كونوكو فيليبس» مسؤولة عن تسويق نصف إنتاج المصفاة، ومن المقرر حسب الاتفاقية أن تبدأ المصفاة العمل في عام 2013.
وأكملت الشركتان التقييم المبدئي واتخاذ القرارات المؤقتة حول الاستثمار والحصول على عطاءات مبدئية والمرحلة المبكرة من الأعمال الهندسية الأساسية، كما جاء في مذكرة التفاهم الموقعة بين الشركتين في شهر أيار (مايو) 2006، وتشتمل المرحلة الثانية على طلب العطاءات من المقاولين وتجهيز المواد التي تحتاج إلى وقت طويل وأعمال إعداد الموقع.
وتعتزم كل من «أرامكو السعودية» و«كونوكو فيليبس» تشكيل شركة مشروع مشترك، تمتلك كل واحدة منهما فيها النصف من حيث ملكية وتشغيل المصفاة الجديدة المقترحة، ويعتزم الطرفان، بعد الحصول على الموافقات الرسمية اللازمة، طرح جزء من أسهم المصفاة للجمهور في السعودية.
وقد واجه المشروع مصاعب اقتصادية، بسبب ارتفاع التكاليف إذ أعلنت شركة كونكو فيليبس الأمريكية في وقت سابق، عن تراجعها في المشاركة في بناء مصفاة الفجيرة الإماراتية، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة المشروعين وانخفاض العوائد المتوقعة منهما، ويعتقد أن التكلفة الإجمالية لمشروع مصفاة ينبع قد تضاعفت إلى 12 و13 مليار دولار من التقديرات الأولية الموضوعة للمشروع وهي ستة مليارات دولار عند إبرام مذكرة التفاهم.
غير أن الشريكين اعتمدا الاستمرار في التمويل لتطوير مشروع مصفاة التصدير في ينبع، وذلك قبل الأزمة المالية التي عصفت بالأسواق العالمية، مما أعاد المشروع إلى مرحلة الانتظار والترقب مرة أخرى.
وتلقى فريق عمل مشروع مصفاة ينبع والمتواجد في هيوستن الأمريكية، إشارات جلية خلال الأيام الماضية بضرورة خفض النفقات على دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع.
وتختلف الجدوى الاقتصادية لمصفاة عن توأمتها في الجبيل، بسبب التكاليف الباهظة لنقل الزيت الخام من حقل منيفة البحري في مياه الخليج العربي، وهو ما قد يقلل من أهمية الجدوى الاقتصادية للمشروع بشكل كبير، على عكس مصفاة الجبيل التي هي على مقربة كبيرة من البنى التحتية النفطية بالمنطقة الشرقية المشبعة بالنفط.
وتنوي شركة أرامكو تخصيص مصفاتي الجبيل وينبع لمعالجة إنتاج حقل منيفة العملاق الغني بالكبريت، والذي لا ترغب فيه الأسواق العالمية حاليا،وعجلت شركة النفط الوطنية في طرح مناقصة تطوير حقل منيفة الضخم،المتوقف منذ 25 عاما، من 200 ألف إلى 900 ألف برميل يوميا من الزيت العربي الثقيل، الذي يحتوي على نسب عالية من الكبريت، حيث من المقرر أن يبدأ الإنتاج بالحقل في حزيران (يونيو) 2011.

الأكثر قراءة