رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


سوقنا العقارية وجذب التمويلات الرأسمالية متوسطة وطويلة الأجل

في مقالة نشرتها بعنوان ''تسديد الصكوك في حينها وطمأنة الممول الأجنبي'' يوم الأربعاء غرة ربيع الآخر 1431هـ الأربعاء 1 ربيع الثاني 1431 هـ العدد 6001 قلت فيها إن تجربة تسديد شركة دار الأركان صكوك مستحقة في أول آذار (مارس) 2010 بقيمة 2.25 مليار ريال (600 مليون دولار) في وقتها ودون تأخير, فضلا عن تسديد أرباحها تعد تجربة مالية فريدة ذات دلالات وانعكاسات متعددة تستحق الدراسة والتأمل في ظل هذه الظروف المالية القاسية والإخفاقات والإفلاسات, وقلت إن هذه التجربة لم تأخذ حقها من الدراسة والتأمل للاستفادة منها.
وبعد أن نشرت صحيفة ''الرياض'' تقريرا بعنوان ''تسديد صكوك ''دار الأركان'' ونمو بذور الرهن العقاري'' يوم الأحد 12 ربيع الآخر 1431هـ تبين لي أن تجربة ''دار الأركان'' في تمويل مشاريعها من أسواق المال العالمية تجربة تستحق الدراسة والتأمل بكل ما تعنيه الكلمة من معان, لاستثمارها لمصلحة القطاع العقاري السعودي بشكل عام ومن قبل الأجهزة الحكومية المعنية بتنظيمات القطاع العقاري ومن قبل المطورين العقاريين ومن قبل المؤسسات المالية وشركات الاستثمار المالي المرخصة من هيئة السوق المالية السعودية بشكل خاص.
ما لفت انتباهي في التقرير قوله إن ''دار الأركان'' نجحت في إكمال دورة تمويل رأسمالي متوسط الأجل ( ثلاث إلى خمس سنوات) كاملة بهدف تمويل مشاريعها العقارية الكبرى التي تتطلب مليارات الريالات لتطويرها بمتوسط زمني خمس سنوات, حيث استطاعت بما تمتلكه من قوة إنتاجية وتسويقية وأصول تتكئ على نموذج استثماري فاعل, النجاح في طرح وإقفال صكوك بقيمة 600 مليون دولار (2.25 مليار ريال) في أسواق المال العالمية عام 2007م تستحق بعد ثلاث سنوات لتمويل مشاريعها العقارية وسددت الشركة في أوائل آذار (مارس) 2010 كامل قيمة الصكوك المستحقة بقيمة 2.25 مليار ريال في حينها ودون تأخير. القطاع العقاري يعد قاطرة التنمية الاقتصادية في البلاد المتقدمة لعدة أسباب, منها على سبيل المثال لا الحصر أنه من القطاعات كثيفة العمالة حيث يخدم ما يقارب 70 مهنة، ويستقطب عديدا من الأيدي العاملة والفنيين والمهندسين، ويمثل قاعدة قوية وآمنة لجذب الرساميل ونقلها بين القطاعات الاقتصادية، ويحقق مبدأ تراكم الثروات, ويوفر بيئة جيدة للتنمية في أبعادها كافة إذا ما أخذت في الاعتبار عند تطوير الأحياء السكنية والمناطق التجارية والصناعية، ويشكل والأنشطة المرافقة له في الدول المتقدمة من 30 إلى 40 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
ورغم ذلك يعاني القطاع العقاري في بلادنا عوائق كثيرة ومتنوعة جعلت مساهمته أقل من 10 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي (55 مليار ريال بنسبة 9.5 في المائة), وهي نسبة متدنية في سوق تشهد طلبا حقيقيا وكبيرا, ما جعل بلادنا تعاني مشكلة إسكانية تتفاقم يوما بعد يوم جعلت كثيرا من المواطنين يعانون ضيق العيش في ظل ارتفاع أسعار العقارات وإيجاراتها بشكل غير محتمل، ولا شك أن شح آليات تمويل المشاريع العقارية والراغبين في شراء منتجاتها تشكل عقبة كبرى أمام نجاح القطاع العقاري السعودي في لعب الأدوار المنتظرة منه في التنمية الاقتصادية, فضلا عن التنمية الاجتماعية والثقافية.
تجربة ''دار الأركان'' الناجحة في توفير تمويل كبير متوسط الأجل لمشاريعها العقارية واستثمار التمويل وتحقيق الأرباح والسداد في الوقت المتفق عليه, أكدت لنا جميعا أن القطاع العقاري السعودي, متى ما أحسن تنظيمه وعولجت عوائقه وتوافرت له شركات عقارية كبرى تعمل وفق أحدث آليات الأسواق العقارية وأفضل نماذجها الاستثمارية, سيتمكن من لعب دور القاطرة الاقتصادية والمساهمة في معالجة كثير من مشكلاتنا الحالية والمستقبلية, خصوصا مشكلتي الإسكان والبطالة وما يترتب عليهما من مشكلات لا حصر لها, وذلك بسبب قدرته على جذب التمويلات الرأسمالية متوسطة وطويلة الأجل اللازمة وضخها في شرايين الاقتصاد الوطني بقطاعاته كافة.
قرأت وسمعت كثيرا من الحلول للمشكلة الإسكانية لكن ببساطة شديدة لم أجد منها حلا شموليا يأخذ كل عناصر ومتغيرات السوق العقارية في إطار الاقتصاد الوطني في الاعتبار, فكلها إما حلول غير منطقية ولا يمكن تطبيقها على أرض الواقع وإما حلول جزئية تأخذ العلاقة بين عنصرين أو ثلاثة عناصر من عناصر السوق العقارية وتهمل البقية, التي غالبا ما تكون العناصر الأكثر قوة وفاعلية وتأثيرا, ما يجعلها جميعا حلولا غير ناجعة إن لم تكن مشكلات جديدة تستدعي حلولا فيما بعد, ذلك لأنها لا تستند إلى تحليل علمي وواقعي لحاضر ومستقبل القطاع العقاري والاقتصاد السعودي والعالمي ومتطلبات النجاح للتصدي لتحدياته.
إن تجربة ''دار الأركان'' تؤكد لنا أن سوقنا العقارية يمكن تطويرها بسهولة, وأن مقومات تنظيمها وتطويرها وتوسيعها ورفع قدرات عناصرها متوافرة, وأن حلولا شمولية ومنطقية تراعي معطيات ومتغيرات الواقع والحقائق القائمة على الأرض يمكن أن تنجح في معالجة مشكلاتنا العقارية بشكل عام والإسكانية منها على وجه الخصوص, ليلعب القطاع العقاري دوره الحقيقي المنتظر كقاطرة اقتصادية ذات أبعاد تنموية متعددة, خاصة أنها تجربة تنطبق عليها معايير فحص حقيقة قدرات سوقنا العقارية, فهي شركة سعودية خالصة مملوكة 100 في المائة للقطاع الخاص تدار بخبرات وطنية وتعمل حصريا في سوقنا العقارية ولا تستثمر ريالا واحدا خارجها، ولا تحظى بأي صورة من صور الدعم الحكومي.
كلي أمل في أن سوقنا العقارية, التي أثبتت تجربة ''دار الأركان'' التمويلية أنها محل ثقة وتقدير من قبل المستثمرين المحليين والأجانب, ستلعب دورا كبيرا في تعزيز تنافسية بلادنا في توطين الاستثمارات المحلية وجذب الأجنبية على شكل تمويلات رأسمالية متوسطة وطويلة الأجل لتحقيق الأهداف التنموية المنشودة متى ما أسرعنا في تنظيمها وتطويرها بالاستفادة من تجارب عناصرها الناجحة من شركات ومستثمرين أفراد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي