رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الممارسات الخاطئة في المنشآت الصحية الأهلية!

كثر الحديث في وسائل الإعلام، والأوساط الاجتماعية الشعبية، في الآونة الأخيرة، وازدادت الشكوى، حول بعض الممارسات الخاطئة التي تجري في المستشفيات والمراكز الصحية المملوكة للقطاع الخاص، والتي تتنافى مع مواثيق الشرف والأمانة التي يرتكز عليها مفهوم الخدمات الصحية، وتحول بسببها كثير من المرافق الصحية إلى مراكز سباق للربح والتجارة، ولم يقتصر ذلك على المستوصفات العادية، بل شمل بعض المستشفيات الكبيرة، وخاصة منها التي تتعامل مع الأطباء الزائرين، أو المقيمين غير المتفرغين!..
والملاحظ أنه رغم ازدهار الخدمات الصحية في القطاع الخاص، حجماً وكيفا، بفضل تطبيق نظام التأمين الصحي على المقيمين، وشموله فئات أخرى من المواطنين، وزيادة دخول المرافق الصحية الخاصة بسبب ذلك، إلا أن الملاحظ أنه صاحب تطبيق نظام التأمين الصحي كثير من الممارسات الخاطئة، بسبب جهل بعض الخاضعين له أهدافه السامية، المتمثلة في ضمان توفير العلاج الطبي للمؤمن عليه، بصرف النظر عن وجود علاقة بين قيمة الاشتراك في التأمين التي دفعها المؤمن، وبين تكاليف العلاج، لأن التأمين يقوم على مبدأ التكافل وقبول المشاركة في التأمين, دون شرط الاستفادة من هذه المشاركة أو استغلالها فيما لا ضرورة له، أولا فائدة منه!...
ولذلك، فعندما بدأ تطبيق نظام التأمين الصحي كانت الاشتراكات منخفضة وفي متناول كل من يريدها، خاصة الذين يلتزمون بالتأمين على أعداد كبيرة من العمالة والموظفين، مثل الشركات والمؤسسات، بيد أن قيمة الاشتراكات ما لبثت أن زادت، وصارت تثقل كاهل الراغبين في التأمين، بعد تفشي المفهوم الخاطئ للتأمين، واستغلاله من قبل كثير من المراكز العلاجية، الأمر الذي دعا كثيرا من شركات التأمين إلى توظيف طواقم طبية، لمراجعة فواتير العلاج التي تطالبها بها المراكز العلاجية، للتأكد من ملاءمتها وضرورتها، خاصة بعد أن أصبح وضع بعض شركات التأمين مهدداً بالإفلاس!...
دعوني الآن أفند ملاحظات الناس، التي أشرت إليها في البداية على كثير من المراكز العلاجية، التي تكاد تزعزع ثقتهم بالخدمات الصحية الأهلية:
1- أول محلظ سيئ هو عندما يسأل موظف الاستقبال أو الطبيب المعالج المريض عما إذا كان لديه تأمين طبي!..، ليبدأ بعد ذلك طلب قائمة من التحاليل والفحوص المخبرية الأخرى، حتى لو لم يكن العارض الصحي للمريض يستدعي ذلك، والهدف هنا واضح، وهو استغلال التأمين في غير ما تستدعيه حالة المريض!.، والمريض بالتالي لا يستطيع الاعتراض عندما يوضح له الطبيب أن ذلك ضروري لحالته..
2- بعض الأطباء يصف للمريض أدوية مرتفعة الثمن، ويطلب منه إحضارها من أقرب صيدلية ليراها الطبيب، والهدف من ذلك أن يضمن أن المريض سوف يشتريها من الصيدلية المجاورة، التابعة للمركز، بل إن بعض الأطباء يذكر للمريض اسم الصيدلية التي يشتري منها الدواء، وبعضهم يحدد نوعاً معيناً من الأدوية من إنتاج شركة معينة، ولا يقبل دواء غيره، ولو كان بنفس التركيب، لو أحضره المريض، والسبب أوضح من أن يوضح!...
3- تلزم بعض المراكز الأطباء العاملين فيها بتحقيق نسبة معينة من الدخل، وتشركهم في الأرباح عند تحقيق النسبة المطلوبة!..، والدليل أنه يذكر اسم الطبيب على إيصالات قبض أجور الفحص والتحاليل التي تعطى للمريض، من أجل حسابات الدخل ونصيب الطبيب منها!...ّّ
4- اختلاف أجور الفحص الطبي لفئات الأطباء، بين مركز صحي وآخر، ففي حين يتقاضى بعضها مائة ريال عن فحص الطبيب الإخصائي أو الاستشاري، يفرض البعض منها أجوراً لا تقل عن 300 ريال، وفي حين يقوم بعضا بفتح ملف للمريض دون مقابل، يشترط بعضها رسوماً لا تقل عن أجور الفحص الطبي!..، هذا رغم ما نعلمه وتعلمه المراكز ذاتها عن أن مثل تلك الأجور مقننة!.. 5- أكثر المخالفات تتركز في المستوصفات الصغيرة، ولاسيما مستوصفات الأسنان، فهذه فيها من المخالفات ما لا يحصى، فتجد طبيب التركيبات والحشو يعالج العصب أو غيره من التخصصات المنفصلة، والمريض عندما يدهمه ألم الأسنان فإنه لا يكاد يرى أو يسمع شيئاً غير ما يزيل الألم، وليس بوسعه، بالتالي، التأكد من اختصاص الطبيب المعالج...، وهناك ظاهرة منتشرة في هذه المراكز وهي سيطرة فئة معينة من المقيمين على كل مركز، وهي مؤشر سيئ يؤدي إلى التغاضي عن الأخطاء، والتكتم عليها!...
6- الاختلاف الكبير في تكاليف العلاج بين المؤسسات الصحية، ولا سيما في العمليات الشائعة أو المتشابهة، مثل العمليات الجراحية البسيطة، والعمليات الخاصة بالتجميل، وتصحيح النظر بالليزر، ويصل الاختلاف في الأجور إلى الضعف، مع أنها عمليات تتم في الغالب بواسطة أجهزة، ولا تستغرق أكثر من دقائق!..
7- اتجاه كثير من المراكز العلاجية إلى التركيز على المبالغة في الدعاية والإعلانات عبر وسائل الإعلام والهواتف الجوالة، عن خدماتها المنخفضة، الأمر الذي يدلل على غلبة الهدف التجاري على غيره من الأهداف الأخرى.
8- بعض المراكز الصحية تخصصت في منح الشهادات بالإجازات المرضية للموظفين والعمال والطلبة، بمقابل مادي، لتغطية أيام الغياب، وهناك مراكز اشتهرت بأنها متخصصة، مثلاً، في إجازات الطلبة، بحيث يأتي الطالب الذي عليه أيام غياب آخر السنة، ليدفع المقابل، يأخذ شهادات بإجازات مرضية تغطي أيام الغياب في تواريخها!... وغير هذا كثير من الممارسات التي يجد المواطن أو حتى المقيم نفسه مجبراً على الدفع، لأنه عندما يحضر مريضه إلى المركز لا يفكر في غير ما يؤدي إلى الشفاء، بصرف النظر عن مدى تحمله تكاليف العلاج، وكثير ممن يتعاملون مع المراكز الصحية الخاصة ليس لديهم تأمين، وليس بإمكانهم الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الحكومية، لازدحامها، وتباعد مواعيدها!.. وقد يسأل البعض: لماذا لا يلجأ كثير ممن يتعرضون للاستغلال إلى الجهة المختصة في وزارة الصحة للشكوى مما يتعرضون له، والإجابة المعروفة سلفا، أنهم منشغلون عنها بشفاء مرضاهم، رغم شعورهم بأنهم يتعرضون للاستغلال. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، لأنهم يدركون سلفا مقدار المعاناة التي سوف يواجهونها في متابعة الشكوى، من طول الإجراءات، والمآل الذي سوف تنتهي إليه، وهو في الغالب في أيدي أطباء ربما تأخذهم العاطفة إلى جانب زملائهم!..
مهمتي هنا ككاتب، هي نقل هموم الناس، إلى من يعنيهم الأمر في وزارة الصحة، وما أنقله هنا مدعم بالشواهد اليومية، وما يجري على أفواه المرضى وذويهم، الذين تمتلئ بهم صالات الاستقبال والانتظار، وليس مطلوباً من الوزارة سوى التحقق مما نقول، عن طريق ندب من تتوافر فيهم الثقة والأمانة، من منسوبيها، للتقصي على الطبيعة، وسؤال الناس عن مدى انتشار الممارسات التي ذكرت بعضها، ومن ثم اتخاذ ما يكفل تصحيح الوضع، ومعاقبة المخالف، وحماية مصالح الناس، ويرتقي بمفهوم الخدمات الصحية الأهلية إلى مستوى الآمال، وينقيها مما يشوبها من ممارسات بعيدة عن أخلاقيات المهنة!. وذلك كله بما يتماشى مع توجيهات قيادات البلاد العليا، المتمثلة في الاهتمام بمصلحة المواطن، وحماية حقوقه من الإضرار والاستغلال.
والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي