رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بين الصناديق المتداولة وتجربة «دكاكين الجردل»

الصناديق المتداولة التي طرحت في سوق الأسهم السعودي هي آخر تغيير في قائمة ما هو متاح للتداول في السوق كآلية استثمارية جديدة، إذ يعتبر ذلك إضافة إيجابية من المنظور النظري في إعطاء المستثمر قائمة أطول تلبي رغبته وذوقه من معيار مقدار المخاطرة والعائد. وقد تناول الإعلام الاقتصادي مكتوباً ومقروءاً هذا المولود الجديد في الإفتاء بعلم وبغير علم بين التأييد والرفض. إن إكمال بنية السوق في تعميق الأدوات الاستثمارية المتنوعة فيه هو هدف يسعى إليه المشِّرع مشكوراً لكن المتوقع أن يكون ذلك بالوسائل القويمة فيما يتفق والمنهجية الصحيحة. وفي تقديري أن تجربتنا مثلا في طرح الصناديق المتداولة غير سليمة حالياً في ظل بيئة السوق وبنيته وهيكليته وتشريعاته. وإليكم مثالاً على ما أعنيه. تمثل شركات «خمس» فقط أكثر من 32 في المائة من إجمالي القيمة السوقية للسوق ككل فمثلاً فقط «سابك» 12.54 في المائة من إجمالي القيمة السوقية للسوق ككل، «الراجحي» 11.79 في المائة، «سافكو» 2.54 في المائة، التصنيع 2.11 في المائة، اتحاد اتصالات 3.82 في المائة ففي الوقت الذي يفترض أن يضم الصندوق المتداول 30 شركة منها شركات كبيرة نسبيا إلى إجمالي السوق لكي يحاكي المؤشر لذا فهو مجبر على شراء هذه الشركات المنتقاة للصندوق أو بيعها في حالة رغبة التسييل من قبل الصندوق، خصوصاً أن الصندوق نظريا يجب أن يلعب كصانع سوق وتوفير السيولة لضمان الاستمرار في البيع والشراء وليس المحافظة على سعر محدد مثلما يظن الكثير خطأ كواحد من أهم دور لصناعة السوق. وهذا كله متفق عليه لكن ماذا هو الحال عند وصول أي من هذه الأسهم إلى النسبة العليا أو النسبة الدنيا في حين أن الصندوق ليس لديه سيولة كافية تؤهله ليكون لديه دائما ذلك القدر من الأسهم لكي يبيعها أو يشتريها. المقصد هنا أن طرح مثل هذا النوع من الصناديق يجب أن يكون من طرف مؤسسات مالية كبيرة أو ربما يتعاون على طرحها أكثر من مؤسسة مالية. إن بعض الأطراف التي كانت تشتغل في أسواق المال كالشركات الاستثمارية ومثيلاتها كانت قبل قرن في عالم الأسواق المتقدمة صغيرة نسبياً في رؤوس أموالها غير أنها لتكون ذات فاعلية وتأثير نحو خلق مستثمر مؤسساتي تحولت إلى مؤسسات عملاقة وقد وصل الحال في بعضها إلى إقفالها بقوة النظام مثل تجربة ما يسمى «بدكاكين الجردل» «Bucket Shop» التي كانت تعمل في السوق الأمريكي من عام 1870 وانتهت في عام 1920م .
ومن هنا أرى أن المشكلة أنه حين أتينا إلى أكبر جزءين في سوق المال وهما التأمين والاستثمار أخذنا بعكس ما خلصت إليه الأسواق المتقدمة. وهو أن يكون هناك توازن في قوة المكونات الثلاثة للسوق وهي البنوك التجارية والاستثمارية والتأمين. إن تجربتنا في البنوك التجارية جيدة في خلق بيئة اقتصادية مالية مستقرة وذلك حين أخذنا بمحدودية العدد على الرغم من أننا صرنا وكعادتنا أكثر حرصاً من اللازم. لكننا أخذنا بتجربة «دكاكين الجردل» في التأمين والشركات الاستثمارية التي ستنتهي إلى الرجوع، حيث الصحيح لتكون ذات فاعلية في الاقتصاد وهو إما الخروج من السوق سواء مرغما بالخسائر أو خياراً أو الاندماج لكي نخرج بقوى متوازنة للمؤسسات في القطاعات الثلاثة المذكورة، والتي يجب أن يكون هناك توازن في قواها لكي تكون هذه المنظومة الاقتصادية آلية فاعلة في تنمية الاقتصاد وتعضيد قوته ومتانته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي