مختصون: انحسار المضاربة في العقار وتحرُّك الودائع المجمدة عززا سيولة سوق الأسهم
أعاد خبراء اقتصاديون وصول السيولة أخيراً في سوق الأسهم إلى مستويات تتجاوز خمسة مليارات ريال إلى تحول جزء من السيولة المجمدة سواء في الودائع، أو قطاع العقار الذي انحسرت المضاربة فيه، إلى جانب النظرة التفاؤلية لقطاع البتروكيماويات الذين وصفوه بـ«الواعد» خلال الفترة الأخيرة.
كما توقع الاقتصاديون، أن تتجاوز السيولة في سوق الأسهم الأرقام التي حققتها في الفترة الأخيرة، خصوصاً في الربع الثاني ومع اكتمال إعلانات القوائم المالية للشركات المدرجة في السوق، معتبرين في الوقت ذاته أن السوق بدأت تتعافى بشكل أفضل أخيراً، وسيؤدي إلى جذب الرساميل بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.
ولفت المختصون إلى أن سوق الأسهم تشهد حالياً أداءً متزناً أفضل من ذي قبل، إلى جانب وجود فرص استثمارية بإمكانها احتضان السيولة الجديدة التي تبحث عن قنوات استثمارية، مرجحين وصول السيولة خصوصاً مع الربع الثاني إلى مستويات جديدة بين الستة والسبعة مليارات ريال.
ووصف الاقتصاديون أداء مؤشر سوق الأسهم أخيراً بـ«المتزن»، مشيرين إلى أن اختراقه حاجز سبعة آلاف نقطة سيعزز من دخول المستثمرين، خصوصاً في ظل تدفق السيولة الاستثمارية البحتة التي تبحث عن قناة استثمارية تعود عليها بالفوائد.
لكن المختصين، أبدوا تخوفاً من ارتفاع السيولة من دون مواكبة لأداء المؤشر، مشددين في الوقت ذاته أيضاً على ضرورة أن تكون السيولة سيولة شراء لا بيع.
وهنا، أرجع محمد العمران المحلل المالي أسباب تصاعد السيولة في سوق الأسهم إلى توقعات المستثمرين التفاؤلية تجاه أرباح الشركات في الربع الأول، إلى جانب اعتماد البعض على البيع واحتدام المعركة بينهما، الأمر الذي نتج عنه ارتفاع القيمة الإجمالية للصفقات المنفذة.
وأضاف أنه ومع وصول السيولة إلى هذا المستوى، إلا أنها لا تزال شحيحة مقارنة بأعوام مضت، في الوقت الذي رجح فيه أيضا تحول جزء من السيولة العقارية، وودائع البنوك إلى سوق الأسهم، بالنظر إلى الزخم والنظرة التفاؤلية التي تحظى بها خلال الفترة الأخيرة.
واعتبر العمران أن حالة سوق الأسهم السعودية في الفترة الأخيرة تعد جاذبة لكثير من المستثمرين والرساميل، وأنها في حال استمرت بهذا الشكل فإن مستقبلها سيكون مبشراً.
لكن المحلل المالي، أوضح أن هناك تخوفا من ارتفاع السيولة من دون مواكبة المؤشر لها من حيث الارتفاع، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك ارتفاعات سعر متزامنة مع وجود السيولة القوية التي تخدم السوق والمستثمرين.
وأفاد العمران أن المستثمرين يركزون في الفترة الحالية على قطاع البتروكيماويات، وأن معظم السيولة تتجه نحو القطاع الذي وصفه بـ «الواعد»، وأنه سيحقق قفزات خلال الفترة المقبلة بالنظر إلى الأرباح التي سيحققها.
ولفت المحلل والكاتب الاقتصادي إلى أن إطلاق منتجات جديدة في سوق الأسهم السعودية والتي منها صناديق المؤشرات كانت الشرارة الأولى لبدء تدفق السيولة وارتفاع المؤشر، وتبعها بعد ذلك النظرة التفاؤلية لأرباح الشركات في الربع الأول من العام الجاري.
وتابع: «توجد في السوق حالياً فرص، وارتفاع الأرباح سيخفض مكررات الربحية، لكنه حتى مع تصحيح المكررات عند مستويات معقولة، إلا أنها لاتزال مرتفعة».
ورجح العمران ارتفاع السيولة خلال الفترة المقبلة إلى مستويات ستة وسبعة مليارات ريال، في الوقت الذي أشار فيه إلى ضرورة أن تكون سيولة شراء لا بيع.
من جانبه، قال الدكتور حمد آل الشيخ أستاذ الاقتصاد ووكيل جامعة الملك سعود للجودة والتطوير، إن تحسن ثقة المستثمرين بسوق الأسهم في الفترة الحالية أعاد السيولة «المجمدة» إليها، لتتحرك من جديد، خصوصاً في ظل وجود تقارير تفاؤلية تبشر بمستقبل الشركات في السوق.
وأضاف: «انحسار المضاربة في العقار تسبب في رجوع السيولة نحو السوق أيضاً، إلى جانب أن المؤشر اخترق نقطة حرجة وهي 6767 نقطة، مما زاد من حجم التفاؤل، وأتوقع أن يستمر تدفق السيولة كلما ارتفع مؤشر السوق، وفي حال اخترق مستوى سبعة آلاف نقطة ستزداد السيولة بشكل أكبر».
وتوقع آل الشيخ أن يكون الأسبوع المقبل أسبوع جني الأرباح، وستشهد السوق بعد ذلك ارتفاعات في حال دعمتها النتائج المالية للشركات المدرجة في السوق، مشيراً إلى أن تركيز المستثمرين في الوقت الحالي ينصب على قطاع البتروكيماويات كونه اتضح أنه صحح بالكامل في الفترة الماضية، والآن بدأ في مرحلة الصعود بدعم من تحسن أسعار البتروكيماويات عالمياً، الأمر الذي انعكس على الشركات في القطاع.
ورأى أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود أن الارتفاعات التي تعيشها سوق الأسهم السعودية متزنة، وأنها ستتركز في الأسهم القيادية ذات الأداء الأفضل في السوق، لافتاً إلى أن المستثمرين سيبحثون عن الأسهم ذات الخصائص المالية الجيدة، وأن ذلك سيتأكد مع نتائج الربع الأول التي توقع أن تكون جيدة، متمنياً أن تكون أيضاً أفضل مما يتوقعه المستثمرون في السوق.
من جهته، أفاد الدكتور عبد الوهاب أبو داهش المستشار المالي والاقتصادي، أن السوق المالية السعودية تتعافى بشكل أكبر خلال الفترة الأخيرة، وأنها تحظى بسيولة استثمارية 100 في المائة، على الرغم من جني الأرباح من قبل عدد من المستثمرين الذين دخلوا للسوق منذ نحو شهرين.
واتفق أبو داهش مع القول بأن السيولة تتجه لقطاع البتر وكيماويات، الذي وصفه بـ «المشجع»، مضيفاً: «أرباح البنوك لايزال عليها تساؤلات، وأتوقع أن الأرباح التي ظهرت لبعض الشركات مرتفعة خصوصاً من قبل البنوك، على الرغم من التشدد الذي ظهر الفترة الأخيرة منها في ناحية القروض، وانخفاض جزء من الودائع».
وتابع: «قطاع البتروكيماويات كان ممتازاً لأن الأسعار كانت ثابتة خلال الربع الأول، مع زيادة في الإنتاج، ومتوقع أن يكون الربع الثاني أفضل خصوصاً مع بدء إنتاج أحد المشتقات البتروكيماوية، وبدء كيان مرحلة الإنتاج خلال النصف الثاني من العام الجاري، الأمر الذي سيرفع مؤشر السوق ويجذب السيولة».
وزاد: «أتوقع أن تكون هناك سيولة جديدة دخلت للسوق من خلال الودائع، أو بعض الصناديق الجديدة، والسيولة التي كانت تبحث عن استثمار رأت أن تدخل الأسهم، بالنظر إلى الأرباح الجيدة لشركات البتروكيماويات، وسيكون هناك أيضاً سيولة أقوى في الربع الثاني وستتجاوز المستويات التي بلغتها أخيراً».