حسم سريع « للحرية التجارية»
أحسن المجلس الاقتصادى الأعلى في التأكيد على سمة أساسية مكنت المملكة على مدى تاريخها الاقتصادي والتجاري مع العالم أن تحتل موقعا متقدما بينها وهي «الحرية الاقتصادية».. بعد أن رفض تدخل بعض الجهات الحكومية لتحديد أسعار بعض السلع في المملكة مؤكداً على حرية السوق وعدم التدخل في الأسعار لحل المشكلات الاقتصادية.
إن الحسم السريع للمجلس الاقتصادى الأعلى والذي عقد قبل أيام برئاسة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ورئيس اللجنة الدائمة في المجلس، للجدل الذي دار بين شركات الحديد ووزارة التجارة والصناعة التي واجهت أزمة تجفيف السوق من الحديد بإجراءات عارضتها المصانع، يؤكد الدور الفاعل لهذا المجلس في الحفاظ على المصالح الاستراتيجية لاقتصاد المملكة من خلال الاستمرار في تطبيق المعايير التي وضعته في مراكز متقدمة عالميا، كما أنه يؤكد التزام السعودية بكل المعايير التي تعهدت بها ضمن التزامات منظمة التجارة العالمية.
يمكن للجهات المعنية بمراقبة السلع ضبط المخزون ومراقبته وتتبع المخالفين وكسر الاحتكارات التي يمارسها التجار على بعض السلع، ولكن دون المساس بالأسعار التي تحددها فقط قاعدة (العرض والطلب).. إن التدخل في التسعير يعني ببساطة كسر قاعدة تجارية مهمة تبنتها السعودية قبل عقود من الزمن ثم وضعتها ضمن التزاماتها الدولية أخيرا..كما أنه يحدث خلل في البيئة التجارية والاستثمارية في السوق المحلية.. ومن هنا فإن اللجوء لمراقبة الأسعار وتحديد سقف أعلى أو آخر أدنى ..وإجبار التجار على البيع بسعر محدد هو إجراء عفا عليه الزمن لحل المشكلات الاقتصادية أو بعض مظاهر التضخم.
ورغم أن معالجة ارتفاع الأسعار مطلب حيوي من قبل كل المؤسسات الحكومية المعنية للحفاظ على قدرة المواطن الشرائية ومنع انتشارالجشع بين التجار وتحقيق تطلعات المواطنين وحتى المقيمين في الحصول على الأسعار العادلة.. إلا أن ذلك يجب ألا يكون على حساب قواعد السوق.
بقي أن أقول إن مسألة الحديد الأخيرة لم تكن الأولى لجهات رسمية معنية تحاول المساس «بحرية التسعير « لسلعة ما ..فقد رصدت المنظمات الدولية ذلك، حيث تراجعت درجة الحرية الاقتصادية في المملكة في 2010 إلى المركز 64، وفق تقييم صدر عن مؤسسة هريتدج فاونديشان لـتقييم الحريات الاقتصادية في 179 من الاقتصادات الدولية، بعد أن كانت في المركز 59 في 2009، فيما حلت ثامنا على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أصل 17 بلدا.
ووفق التقييم الدولي الجديد فإن أحد ثلاثة معايير من أصل عشرة مؤشرات تقاس بها مؤشرات الحريات الاقتصادية في العالم والتي أثرت في تصنيف السعودية، وحسم 20 نقطة من المملكة كان الحرية النقدية بعد أن أسهمت السياسات التي اتخذت في تشويه الأسعار المحلية.. بحسب التصنيف.
وعند هذه النقطة أقول لانزال في مركز متقدم.. وعلينا السير إلى الأمام عبر التأكيد باستمرار على أننا من أكثر أسواق العالم حرية.. وخير دليل على ذلك أن يبيع التاجر سلعته في الوقت الذي يريد وبالسعر الذي يريد.. ويريد هنا ليست بمعزل عن « العرض والطلب».