رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل يعقل أن تصل البطالة بين النساء إلى حملة الدكتوراه؟!

رغم أن عدد الإناث بين السكان, في آخر إحصاء أجري قبل عدة سنوات كان مساويا لعدد الذكور, أو يزيد عليه قليلا, إلا أن نسبة عدد النساء العاملات من مجموع قوة العمل في المملكة لا تتجاوز 14 في المائة!.., ولنا أن نتصور عندئذ حجم البطالة بين النساء المؤهلات للعمل, الذي يصل إلى 27 في المائة!.., وهذا ما أشارت إليه دراسة أعدتها شركة بوز آند كومباني, ونشرت خلاصتها صحيفة ''الاقتصادية''في عددها الصادر بتاريخ 13/4/1431هـ, وإذا عرفنا, كما أشارت الدراسة, أن نسبة 95 في المائة من العاملات تتركز في القطاع الحكومي وأن نسبة 85 في المائة من هذه النسبة تعمل في سلك التعليم, أمكننا إدراك إدراك افتقار, إن لم يكن خلو, بقية قطاعات الأعمال, سواء في الحكومة أو في القطاع الخاص, من العنصر النسائي!.., هذا رغم وجود قرارات الدولة التي تؤكد على إفساح المجال لعمل المرأة في الدوائر الحكومية, وفي قطاعات الأعمال كافة, شرط مراعاة الضوابط المتعلقة بمكان العمل وبيئته! ورغم أن الخطة الخمسية الأخيرة, وهي الثامنة, تضمنت التأكيد على توفير مزيد من الفرص الوظيفية للنساء بما لا يقل عن ثلث الوظائف الحكومية, إلا أن الخطة تعيش سنتها الأخيرة وسوف تنتهي, وتأتي خطة جديدة بوعود أخرى, دون أن يتغير شيء, بسبب المقاومة الشديدة التي يواجهها موضوع تشغيل المرأة في الأعمال المناسبة لها, بحجج واهية!..
وإذا كانت نسبة القوة النسائية العاملة لا تزيد على 14 في المائة من عدد المؤهلات لسوق العمل, فما مصير النسبة العظمى وهي 86 في المائة ممن لديهن مؤهلات العمل؟!, والإجابة عن هذا التساؤل بدهية, فهن قابعات في البيوت, لكنني فقط أردت تصور ما يجره وضعهن من مشكلات أسرية واجتماعية وربما أخلاقية, ناهيك عن الشعور بالامتعاض والنقمة أحيانا على المجتمع, وما يتصل به من قيم وسلوكيات, فبعد أن كانت الأسر تحث بناتها على الدراسة والتفوق من أجل الإسراع في التخرج والانخراط في العمل والحياة العامة, أصبحت هذه الأسر لا تجرؤ على مواجهة الواقع الذي تعيشه بناتها, وتساؤلاتهن المتكررة عن مصير الآمال التي كن يحلمن بها, ويتمنين لو بقين في الدراسة سنوات أخرى من أجل التمتع بالمكافأة الجامعية, على الأقل!.., إن هذا يحدث في معظم الأسر التي لا تستطيع توفير ما يعادل المكافأة كمصروف شهري لبناتهن!..
هل يدرك المسؤولون عن تنفيذ الخطط وقرارات الدولة حول التوظيف أن نسبة 83 في المائة من العاطلات عن العمل يحملن الشهادة الجامعية؟!., وأن البطالة تسربت إلى حاملات شهادة الدكتوراه, حيث تشير الدراسة نفسها إلى وجود ألف منهن يحملن تلك الشهادة, دون عمل, وهل يتصور أن يحصل هذا في بلد يستضيف ويوظف الملايين من خلق الله, وهو المملكة؟ وكيف يحصل هذا وقوة العمل النسائية العاملة في بعض الدول المجاورة الأقرب إلى طبيعة مجتمع المملكة وتقاليده, وعاداته ودينه, هي 59 في المائة في الإمارات و42 في المائة في الكويت, و36 في المائة في قطر و34 في المائة في البحرين, بينما هي في المملكة 14 في المائة فقط!.., في حين أن مجتمع الأعمال وفرص العمل في المملكة أكبر منها في تلك الدول مجتمعة!.., وأنه لا يوجد بلد في العالم لا تشكل قوة العمل النسائية فيه نسبة كبيرة من بين العاملين!.., غير أن المشكلة لدينا هي تفضيل قطاعات الأعمال, حتى التي توجد فيها فرص مناسبة لعمل المرأة, العنصر الأجنبي لعدة أسباب لا تخفى, أولها التكلفة المادية, فالمدرسة الأهلية التي تستطيع أن توظف المعلمة المستقدمة أو المقيمة مع زوجها التي لا تكلفها تأشيرة أو تذكرة, بمبلغ يقل عن 1500 ريال أو قريب منه, لن تقدم على توظيف المواطنة بأكثر من ذلك, وهي لا ترغب فيه أصلا, إلا إذا وجدت أنظمة ترغمها على ذلك, وهو ما لم يوجد بعد!.. وقس على ذلك بقية الأعمال التي تصلح لتوظيف المرأة!..
لكن ما بالنا نستغرب مثل هذا الرفض, والمجال الأنسب لعمل المرأة وهو قطاع التجزئة ومنه بيع مستلزمات المرأة, وبالذات ما يتعلق بخصوصيتها مثل الملابس الداخلية والعطور وأدوات التجميل, والأحذية وغيرها, نراها ممنوعة عنه كبائعة لبنات جنسها, بينما هي مرحب بها كزبونة لبائع (أي رجل) يبيعها ويعرض عليها تلك الأشياء ويقوم بما تستلزمه عملية البيع, من شرح للقياسات والألوان وتجربة المساحيق والعطور, إن لزم الأمر, دون أن ننكر عليه ذلك!.. لقد مل الناس الكلام في هذا الموضوع دون أن يأتي من يقنعهم بأن ما هو حاصل الآن على أرض الواقع من ممارسات, هو أسلم من حيث درء المفاسد, من تخصيص محال تجارية وسط الأسواق لا يبيع فيها إلا نساء, ولا يشتري منها إلا نساء!.., وإذا كانت الأمور تؤخذ بالمنطق, ودرجة الوضوح العقلاني, فإن الوضع القائم يعد مجلبة للمفاسد, وأن درء المفاسد يتحقق بتنفيذ ما يطالب به المجتمع, وهو الفصل بين الرجال, كبائعين, والنساء كمشتريات, وإغلاق أي فرصة يتسلل منها, وبسببها الاحتكاك والاتصال والنظرات, التي تكون بمثابة المقابس التي تشعل النيران!..
أتمنى لو قامت جهة متخصصة, محايدة, بإجراء بحث ميداني داخل المراكز التجارية تسأل فيه النساء, من خلال استبيان واضح محدد عن ملاحظاتهن على الوضع القائم, وما يمكن أن يتسبب فيه من مخالفات ومحظورات, وعن رأيهن في الوضع المقترح, وما يمكن أن يحققه من فوائد, وما قد يكون لهن من مقترحات!.., إن من المتوقع أن يوصلنا مثل هذا البحث إلى نتائج تعيننا على توخي المصلحة وتحقيق الأصلح للناس, بدل المكابرة وغض الطرف عما تجري به الألسن والحروف. والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي