رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الإعلام والصحة لم يخدما التوعية الصحية بعد (2 من 2)

لا أعرف كيف يمكن أن نكون أقرب إلى تحقيق نتائج جيدة في هذا الشأن في الوقت الذي نختصر الجهود في محاولات بعض المناطق أو المحافظات أو حتى بعض أجهزة القطاع لإقامة ندوة أو مؤتمر أو دورة تدريبية في التخطيط الاستراتيجي للوضع الصحي أو التوعية الصحية. في الواقع لم تكن هذه التجمعات جادة بما فيه الكفاية، حيث لم يعد لها أو خطط لها بالطريقة الصحيحة. ثم لم يشترك في هذا التجمع جميع الجهات المقدمة للخدمات الصحية والإعلام بوسائله المختلفة حتى ولو مثل كل وسيلة مندوب واحد. لذلك إذا ما انتهى هذا التجمع من دون قياس نتائجه ونشرها مع توصيات بالتحسين أو ما أشبه فتحقيق التقدم المراد والمستهدف مسألة «كلام جرايد».
إن البعد المهم في القضية مبدئيا هو التكاليف؛ حيث إنها إما أن تكون نقطة قوة أو ضعف للتوعية الصحية بالمملكة. فلو أننا توقعنا مثلا أن ما خصص لقطاع الصحة كأجهزة مختلفة في القطاع الحكومي ما يقارب 80 مليار ريال سنويا. ولو اعتبرنا أن ما خصص لوزارة الصحة منها 35 إلى 40 مليار ريال، وخصص منها نسبة (2.5 في المائة) للتوعية الصحية، وخصص (1.5 في المائة) من ميزانيات الشؤون الصحية في الجهات الأخرى للتوعية الصحية. فهل يمكن اعتبار أن قرابة (1.5 مليار ريال) هو مجموع ما خصص للتوعية الصحية بالقطاع الصحي في المملكة؟ وهل في هذه المبالغ ما خصص للطب الوقائي كبرنامج أساسي أم أن هذه المخصصات مشمولة فيها برامج أخرى تمكن المسؤول من المناقلة بين البنود فتخرج كل البرامج عرجاء؟ وإذا سلمنا أن ذلك في طريقه إلى التصحيح فهل سيكون الابتعاث للتخصص وإجراء الأبحاث والدراسات وعمل برامج التقييم ... إلخ ضمن هذه الميزانية؟ نحن في حاجة فعلا إلى النزول لهذا المستوى من الحسابات والاعتبارات إذا أردنا إعلاما صحيا صحيحا يخدم توعية صحية فاعلة وهادفة في مملكتنا الحبيبة.
إعلاميا؛ هل خصص مثلا الوقت والميزانية والموارد البشرية الكافية في قطاع الإعلام كذلك وتم النزول لهذا المستوى الحسابي؟ ثم نحن نريد من جملة المتطلبات أن تكون معايير الاختيار للمادة التوعوية الصحية أكثر عمقا، حيث لا بد من قياس نسبة تأثير المنتج الإعلامي الصحي على الجمهور. ولا بد أن يكون الحضور ميدانيا أو تلفزيونيا وعبر الإنترنت لأن الظروف باتت مختلفة. فجهود الإعلام من خلال دراساته المختلفة؛ ستكون الداعم الأول للخدمات الصحية في مستوياتها المختلفة، باعتبار أن البرنامج وطني، والرأي العام يعد مساندا لحل معظم المشكلات الطبية.
من وجهة نظر شخصية ولضمان خدمة التوعية الصحية، لا بد أن تتوافر فيمن يحمل مسؤوليتها التالي: (1) تقييم احتياجات المجتمع في جميع مراحله العمرية وبفئاته وأطيافه مع نشر ذلك للعامة لرفع المستوى الفكري واستيعاب الرسائل الصحية التي ستصلهم. (2) تحديد ووضع أهداف وغايات قابلة بمرونتها للتحوير في أضيق الحدود للوصول إلى تحقيق إنجاز مؤثر على مستوى العامة. (3) استخدام أفضل النظريات المطبقة في نشر التوعية الصحية ورفع مستوى الثقافة الصحية بين المجتمعات والعمل على ابتكار نموذج أو معادلة خاصة بنا تقنن مسار البرنامج فيما بعد ولا تجعلنا نراوح في مكاننا دائما. (4) تطبيق البرامج المبنية على البراهين والتأكيد على أن مستوى الخدمات الصحية عال وجيد، فهي السبيل إلى اقتناع جميع المهنيين والممارسين والمهتمين بما تم تنفيذه ومناسبته لتبليغ الرسالة في كل مناسبة أو ظرف. (5) نقل التجارب إلى المؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية لتكون قاعدة البيانات ثرية في هذا التخصص وللمنخرطين فيه. (6) تأهيل متخصصين فيه على مستوى درجة الماجستير والدكتوراه لإعداد أفضل العاملين والقياديين لهذا البرنامج الحيوي المهم؛ حيث الحاجة إلى قيادي يتحلى بخواص أهمها القدرة على الإعداد والتخطيط والإشراف العام والحرص على ديمومة فاعلية برامج التوعية الصحية ومراقبة الميزانيات وتحديث العلاقات مع الوسائل الإعلامية المختلفة مع الاهتمام بالارتباط بالجهات الأكاديمية والتشريعية الحكومية وغيرها، إضافة إلى المنظمات الدولية.
وبعودتنا إلى القواعد التي منها أن: (1) نبتعد عن التسويف وإضاعة أوقات اللقاءات والاجتماعات في مناقشة الجوانب وترك النقاط الأساسية. (2) نهتم بالقيم الصحية والأخلاقية في المؤسسات المعنية بالتوعية الصحية. (3) تهتم وسائل الإعلام ببناء الوعي الصحي في المجتمع لأنه يعد ركيزة من ركائز البناء المعرفي والتنمية الصحية وهذا دورها. (4) نهتم ونحرص على «المعلومات» مصدرا وكما ونوعا وتحليلا ووقت نشر أو بث. (5) نحرص على أن تكون أنظمة القطاعات الخدمية الأخرى مساندة وداعمة ومحفزة. (6) نهتم بإعداد المتلقي لتلقي أي رسالة توعوية صحية. (7) نتوخى الشفافية في التعامل في مستويات الهرم كافة، وتوخي المصداقية في رفع واقع الحال ووضع الميزانيات. (8) توضع معايير مرجعية لإقامة الأنشطة والمناسبات والتنسيق الكامل لذلك، مع الاستمرار في تحديث الحملات بشكل دوري وحسب نتائج تقصي مستوى الوعي والعبء المرضي في المجتمع. (9) نهتم بالبحث والدراسة في هذا الشأن الحساس وعمل المقارنات بشكل دائم في كل مستوى على حدة. (10) نهتم بعدم تحميل أفراد المجتمع تكاليف التوعية الصحية مثلها مثل تحمل بعض تكاليف العلاج. فإننا سنلاحظ تأثير القفزة خلال عام أو اثنين على الأكثر. لا أريد هنا الإطالة، فالجميع يشعر بالحالة، وكلنا يأمل أن يكون للتوعية الصحية في الأعوام المقبلة خير إطلالة. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي