الاستفادة من تجربة صناعية حبيسة الأدراج
خاض في وقت سابق معظم الكتاب الاقتصاديين في مناقشات واسعة حول خطط المملكة الخمسية،وأنها تفتقر في كثير من بنودها إلى الربط بالواقع، إضافة إلى الإيجابيات والسلبيات التي تتضمنها هذه الخطط.
إنني اليوم لست بصدد استعراض هذه الإيجابيات أو تلك السلبيات للخطط الخمسية.. وإنما بصدد الدعوة إلى الاستفادة من تجربة اعتبرها الجميع من أنجح التجارب في وضع الخطط وتنفيذها،والمتمثلة في تبني وزارة التجارة والصناعة الاستراتيجية الصناعية للسنوات المقبلة، والتي شارك فيها جميع القطاعات ذات العلاقة سواء كانت حكومية أو من القطاع الخاص ،حيث أثبتت بالفعل من خلال بنودها وآلياتها، تغطيتها جميع الجوانب ،وأخذت في تدرجها بعد وضعها ،وعرضت بطريقة مميزة على مجلس الشورى ،الذي وافق عليها وعرضها على مجلس الوزراء الذي أقرها بدوره أيضا..هذه الخطة التي بدأت في عهد الدكتور هاشم يماني وزير التجارة والصناعة السابق، وتابعها بحكمته عبد الله زينل وزير التجارة والصناعة في الوقت الحالي، وبذل فيها الدكتور خالد السليمان وكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون الصناعة جهدا جبارا، إلى أن تم الانتهاء منها، ووقفت مكانها عند صرف الاعتمادات من وزارة المالية،ولم تر النور حتى الوقت الراهن.
في كثير من التجارب الاستشرافية والخططية لبعض الدول ،يعتبر صرف اعتمادات الخطط أو غيرها أمراً ثانوياً، طالما أن هناك خطة تم التكليف بها وإنهاؤها ،وفي هذا الجانب ومن خلال بحثي عن وضع الخطط وآليات تنفيذها، لفتت نظري التجربة الماليزية في تنفيذ خططها الخمسية ،حيث يتشارك في وضع هذه الخطط ثلث من الحكومة، وثلث من الأكاديميين، وثلث من القطاع الخاص، ويبدءون من القرية في رصد الاحتياجات وغيرها، بناء على إحصائيات دقيقة وعدد السكان، ومن ثم التدرج إلى المدينة أو المنطقة،وهكذا.. وبعد ملاءمة الخطط أرض الواقع ووضع الميزانيات الخاصة بها ،يقوم المسؤولون عنها بعرضها على البرلمان لإقرارها،وذلك في مدة لا تتجاوز 13 شهرا، وبعد إقرارها يتم صرف اعتماداتها مباشرة للبدء في تنفيذها.
ما وددت الوصول إليه هو لم لا نستفيد ليس من التجربة الماليزية أو غيرها،وإنما من تجربتنا الفريدة في وضع الاستراتيجية الصناعية، وتدرجها وإشراك جميع الجهات ذات العلاقة في وضعها، والتي نرجو أن يتم صرف اعتماداتها كي ترى والنور، ولا تصبح حبيسة الأدراج لسنوات عدة، بعد الجهد الكبير الذي بذل فيها؟!
ومن هذا المنبر الصادق الذي أسهم في طرح ومناقشة عديد من القضايا والموضوعات التي تصب في مصلحة بلادنا الخيرة،أؤكد أن ولاة أمرنا ،وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووولي العهد الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز ،والنائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز - حفظهم الله ورعاهم - لم يتأخروا لحظة، عن تقديم الدعم والرعاية، لكل ما من شأنه رفعة البلاد ورقيها في شتى المجالات، وتوفير سبل الراحة كافة.. ومن هذا المنطلق، يأمل منهم - أيدهم الله- جميع الصناعيين، إلى النظر بحكمتهم السديدة، في التوجيه باعتماد ميزانية الاستراتيجية الصناعية، لزيادة التحفيز المقدم للقطاع الصناعي، الذي يعد هو المستقبل الواعد للأجيال القادمة وللاقتصاد الوطني.