رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قانون إصلاح الرعاية الصحية في أمريكا والتحديات المستقبلية

23 آذار (مارس) 2010 يوم تاريخي في إصلاح الرعاية الصحية في أمريكا. لكن إقرار القانون الجديد لم يتم فقط بفضل دعم الرئيس الأمريكي باراك أوباما للقانون والاتصالات المكثفة التي قام بها قبل التصويت على إقرار القانون في مجلس الشيوخ، ولكن هناك شخصيتين مهمتين أسهمتا في إقرار القانون الجديد وهما زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، ورئيسة مجلس النواب. ولعل من أطلق على الطريق نحو إقرار هذا القانون بالمعركة لم يكن مبالغا للأسباب الآتية:
- نسبة التصويت المؤيدة للخطة لم تكن مرتفعة مما يبرز الاختلاف الواسع داخل قبة مجلس الشيوخ، حيث صوت 219 صوتا لمصلحة المشروع، بينما صوت 212 عضوا ضد المشروع.
- فشل عدد كبير من رؤساء هذا البلد في تسوية هذا الملف منذ قرابة قرن من الزمان منذ عهد الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت 1912 وقرابة سبعة من القادة الأمريكان كان لهم تأثير قوي في السياسة الأمريكية لكن لم يستطيعوا تمرير المشروع عبر مجلسي الشيوخ والنواب كالرئيسين جون كينيدي وبيل كلينتون.
- وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما لحظة إقرار القانون بوصف وكأن أمريكا خاضت حربا ضروسا قبل إقرار القانون حين قال ''نهاية نضال قرن''. فالتعبير فيه دلالة واضحة على قوة التحديات التي سبقت إقرار مشروع إصلاح نظام الرعاية الصحية. في الجانب المقابل نبرة زعيم الجمهوريين في مجلس النواب حين إقرار المشروع كان فيها كثير من الحدة مما دعاه لانتقاده حين قال : ''ليس هذا هو الإصلاح''.
المقدمة السابقة أجدها مهمة قبل النظر لمحتوى القانون بسبب أن الصراعات التي حدثت قبل تطبيقه تبين أن التأييد لقرار مهم لم يكن قويا، خصوصا أنه قرار سينعكس على أغلبية أفراد المجتمع الأمريكي فالنظرة لإصلاح النظام الصحي الأمريكي كانت ولا تزال من أهم الخلافات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، خصوصا في تفسير كلمة ''الإصلاح'' وكيف يتم تحقيقه.
فبعضهم خصوصا أغلبية الحزب الجمهوري يجد أن هذا القانون فيه تغليب للنظرة الاشتراكية على الرأسمالية فتعدد الخيارات والأنظمة من أهم القيم الديمقراطية لذا فإن السوق المفتوحة وخلق روح التنافس والتعددية كفيلان برفع جودة الرعاية الصحية وتقليل تكاليفها فحرية الاختيار ثقافة وقيمة ومبدأ من مبادئ الديمقرطية. لكن هذا المبدأ وهذه القيمة المتأصلة في الثقافة الأمريكية انعكست سلبيا على التكلفة العلاجية انعكاسا على طريقة تطبيق التأمين الصحي ففي دراسة قام بها باحثون من جامعة هارفرد قبل قرابة خمس سنوات أن تعقيدات تكلفة الرعاية الصحية كلفت الولايات المتحدة قرابة 399 مليار دولار. الدراسة قدرت أن التأمين الصحي الحكومي قد يحفظ على أقل تقدير 286 مليار دولار سنويا من التكلفة الإدارية. هذا المبلغ كاف لتغطية كل غير المشمولين بالرعاية الصحية (أكثر من 46 مليون مواطن) من غير المؤمنين صحيا وتزويد كل مواطن أمريكي بالعلاج. لذا نجد أنه أخيرا تعالت أصوات المطالبين بتوسيع خدمة المديكير لتكون أكثر شمولية لكن تعقيدات الأنظمة الصحية المختلفة وتسلط شركات التأمين وشركات الأدوية كانا يحولان عادة دون ذلك.
لكن توقيت إقرار النظام الصحي الجديد يدعو للخوف بسبب التداعيات المالية وانعكاسها على توافر الدعم المالي الكفيل بنجاح هذا القانون فباعتقادي لو أن إقرار هذا القانون كان في وقت الرئيس السابق بيل كلينتون لكن تطبيق هذا القانون بصورة أفضل خصوصا أن الميزانية الأمريكية وقتها كانت تمتاز بوفرة مالية عالية.
على أي حال القانون الجديد لا ينص على إنشاء صندوق عام للرعاية الصحية لكنه يجبر كل شخص على التأمين أو دفع غرامة تبلغ 5.2 في المائة من دخله، فالقانون الجديد لا أحد يستطيع الجزم بأنه النموذج الأفضل كما أن بعضهم لا يعتبره أولوية شعبية بسبب تداعيات الأزمة المالية. لكن الجميل في القانون أن المميزات المنصوص عليها في هذا التشريع سيتم التعامل معها كمثل برامج الرعاية الصحية الأخرى كبرنامج الرعاية الطبية لكبار السن Medicare. هناك انعكاسات للقانون الجديد على المدى القصير خصوصا على فئة الشباب، كما أن هناك انعكاسات للقانون الجديد على المدى الطويل خصوصا على الشركات والمؤسسات والعاملين فيها وهو ما سنتحدث عنه في مقال لاحق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي