البورصات العالمية تستعيد توازنها بعد تعافي اليورو

البورصات العالمية تستعيد توازنها بعد تعافي اليورو

استطاع اليورو يوم الجمعة العثور على قدم ثابتة واندفعت الأسهم الآسيوية، حيث عبر المتداولون عن ارتياحهم لأن بلدان منطقة اليورو وافقت أخيراً على صفقة إنقاذ لليونان، لكن الأسواق وجدت مشاعر جديدة للقلق في التداولات المتأخرة.
وهبطت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات للمرة الأولى منذ أربعة أيام، وهو أمر استُقبِل على أنه علامة على تحسن الأحوال وارتفاع الأسعار، حيث إنه يمثل تراجع مشاعر القلق عند المستثمرين حول الاختلال في أسواق الدخل الثابت.
من جانب آخر لم تكن البورصات العالمية على هذا النحو من التفاؤل، حيث ارتفع مؤشر فاينانشال تايمز للأسهم العالمية بنسبة 0.2 في المائة يوم الجمعة على الرغم من الارتفاع الحاد في هونج كونج واليابان، وتراجع الأسهم الأوروبية، وبقاء الأسهم الأمريكية على حالها بعد الأرقام المخيبة للآمال نوعاً ما حول الناتج المحلي الإجمالي.
وكان المتفائلون يأملون في أن الاتفاقية التي تم التوصل إليها لمساعدة اليونان من شأنها أن تخلق عارضة لاحتواء الحالات الجديدة من اندلاع وباء السندات السيادية في المستقبل، لكنها على ما يبدو لم تبعث مشاعر الاطمئنان التام لدى المستثمرين القلقين.
وقال جون ستولتزفوس، كبير المحللين الاستراتيجيين للسوق لدى شركة تيكونديروجا للأوراق المالية Ticonderoga Securities: «الأسواق تنظر إلى المرحلة المقبلة، أي أنها تتساءل عن تكاليف المسؤولية في المالية العامة. سواء كان الموضوع هو التعامل مع السندات السيادية اليونانية التي ستصدر في نيسان (أبريل)، أم الموقف الذي يجب اتخاذه بشأن موظفي الحكومة الذين يجدون أنفسهم أمام التقليص الذي لا يستهان به في برامج العوائد والمستحقات، فإن هذه الحقيقة بعثت القشعريرة في أوروبا، التي امتدت بعد ذلك إلى الأسواق الأمريكية».
كذلك فإن اختفاء اليونان عن الرادار لا يعني أن المرحلة المقبلة ستكون إبحاراً هادئاً دون عواصف. هناك مصدر جديد للقلق، وهو التوتر العسكري، أطاح بالمزاج العام، بعد غرق سفينة من كوريا الجنوبية، حيث تشير الأصابع إلى كوريا الشمالية، رغم أن السبب في غرقها غير معروف في الوقت الحاضر.
والواقع أن المستثمرين ربما كانوا يبحثون عن عذر لجني الأرباح بعد أسبوع قوي. الحقيقة التي تقول إن المؤشرات قريبة من مستوياتها المرتفعة التي سجلتها في مرحلة ما بعد الأزمة ربما تستثير مشاعر اللبس، وهو ما يُفهم من الزيادة التي سجلها مؤشر فيكس، المعروف بأنه مؤشر الخوف في وول ستريت، بنسبة 5 في المائة على مدى الأسبوع، التي تعد علامة على الوجهة التي ستذهب إليها السوق انطلاقاً من المرحلة الحالية.
وقال زاك باندل، الاقتصادي لدى بنك نومورا سيكيورِتِز في نيويورك: «سيكون هناك اختبار كبير أمام الانتعاش الاقتصادي خلال الربعين المقبلين. التوقعات الاقتصادية تشير ضمناً إلى أن الأسواق الخاصة ستكون قادرة على توجيه الدفة واكتساب الزخم. لكن ليس من الواضح حتى الآن إن كان هذا الافتراض صحيحاً. إن مدى قابلية النمو للاستدامة هو أمر لا يزال دون جواب».
وفي أوروبا كانت الحركة أكثر تحفظاً، على اعتبار أن جلسة التعاملات شعرت بالآثار المترتبة على عجز وول ستريت عن الاحتفاظ بمكاسبه التي سجلها صبيحة يوم الخميس. وتراجع مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بنسبة 0.5 في المائة، وتراجع مؤشر فاينانشال تايمز 100 في لندن بنسبة 0.4 في المائة.
وقفز سوق الأسهم في أثينا بنسبة 4.1 في المائة عقب الأنباء التي ذكرت أنه تم التوصل إلى اتفاقية مع بلدان منطقة اليورو، حيث قفزت أسهم القطاع البنكي أكثر من 7 في المائة في بداية التعاملات.
وكانت أسواق الأسهم الآسيوية صاحبة رد الفعل الأول على الأنباء التي أكدت التوصل إلى الاتفاقية. وارتفع مؤشر فاينانشال تايمز لمنطقة آسيا – الباسيفيك بنسبة 1 في المائة، حيث كان المستثمرون يأملون في أن التركيز يمكن أن يتحول الآن باتجاه آفاق النمو في الاقتصاد العالمي.
واستجابت السندات الحكومية اليونانية إلى اتفاقية بلدان منطقة اليورو. وهبط العائد على السندات لأجل عشر سنوات بنسبة 8 نقاط أساس ليصل إلى 6.19 في المائة، وهو مستوى لا يزال مرتفعاً، إلى درجة أن أثينا تكرر بصورة مستمرة أن هذه النسبة لا تتفق مع خطط الميزانية لديها.
وما يؤكد ذلك هو أن الفرق في العوائد بين السندات الحكومية الألمانية واليونانية، أي المبلغ الذي تفرضه السوق مقابل شراء السندات اليونانية، لا يزال فوق مستوى 300 نقطة أساس. في السنوات الخمس السابقة على بداية الانقباض الائتماني في صيف 2007 كان متوسط الفرق المذكور في العوائد هو 20 نقطة أساس.
لم يطرأ تغير على نسبة التأمين على السندات اليونانية ضد الإعسار (البالغة 313 نقطة أساس)، عند قياسها بعقود التأمين المتقابل على السندات.
من جانب آخر فإن العوائد على السندات الحكومية البرتغالية، التي يشير البعض إلى أنها مجال آخر مثير للقلق في قطاع السندات السيادية، هبطت بنسبة 9 نقاط أساس لتصل إلى 4.28 في المائة.
تحسن الطلب على سندات الخزانة الأمريكية بعد المزاد السابق الذي كان أداؤه ضعيفاً، وكانت السندات في ذلك المزاد هي سندات لأجل سبع سنوات بقيمة 34 مليار دولار، وهذا ما ساعد على دفع العوائد على سندات الخزانة القياسية لأجل عشر سنوات إلى مسافة قريبة من 4 في المائة، وهو أعلى مستوى لها منذ ثمانية أشهر تقريباً.
ويوم الجمعة ساعد صائدو الصفقات على دفع العوائد على السندات لأجل عشر سنوات بمقدار 3 نقاط أساس لتصل إلى 3.85 في المائة. كذلك ضاقت الفروق مع السندات لأجل سنتين إلى أدنى مستوى لها منذ أسبوعين، ما يشير إلى التحسن في شهية المخاطر.
وفي طوكيو قفز مؤشر نيكاي 225 بنسبة 1.6 في المائة، ليستقر عند مستوى قريب من 11000 نقطة، وهو أعلى مستوى له منذ 18 شهراً. وساعد مرة أخرى الين الضعيف أسهم شركات التصدير، في حين أن الأنباء القائلة إن الانكماش الاقتصادي مستمر في عرقلة اليابان لم يكن لها أثر يذكر على المزاج العام. وانضمت الصين إلى الحركة القوية، حيث ارتفع مؤشر شنغهاي المركب ومؤشر هانج سينج في هونج كونج بنسبة 1.3 في المائة.

الأكثر قراءة