أزمة هوية

تحقيقان صحافيان قرأتهما خلال يوم واحد في صحيفتين يوميتين، الأول يناقش انتشار استعمال الحقائب اليدوية الشبيهة بالحقائب النسائية بين الشباب، وهي الظاهرة التي تقول الصحيفة إنها أصبحت أمرا ملحوظا في المولات وأماكن الترفيه. أما التحقيق الآخر, فيرصد من مدارس ثانوية للبنات انتشار بعض الممارسات الشاذة، وبعض هذه الممارسات عبارة عن نوع من الاختلال في الهوية الأنثوية، إذ تلمح أن هناك نوعا من التمرد على هذه الهوية واستنساخا لهوية ذكورية.
الحقيقة أن نعومة بعض الشباب التي تتجاوز الحدود، وخشونة بعض الفتيات أيضا، لا يمكن فصلهما عن سياق تواصلنا الاجتماعي بشكل عام. تضاؤل دور الأسرة، وتقلص دور المدرسة في التأثير، جعل من يمارس هذا الدور في مستوى أكثر قربا وأكثر مصداقية بالنسبة للفتيات والفتيان.
من هنا يبدو من الضروري إعادة صياغة سبل الخطاب مع هذا الجيل. وأولى الخطوات تتمثل في الاعتراف بوجود هذه المشكلة التي تعاني منها كل المجتمعات من حولنا. ثم تأتي بعد ذلك خطوات تستهدف إعادة الاعتبار إلى شخصية الشاب والفتاة، وإشعار من يعاني مشكلات اجتماعية أو سلوكية أنه جزء مهم في نسيج الأسرة والمجتمع. الإرشاد الاجتماعي والنفسي لا يزال متخلفا لدينا، وطبائع الحياة وتغيراتها جعلت هذا العلم من أكثر العلوم ضرورة في هذا العصر. هؤلاء الشباب إذا لم يجدوا في مدارسهم من يتحدثون معه بأريحية ورحابة، سيعيدون اكتشاف ذواتهم وفقا لما يتيحه لهم الإعلام الجديد بكل ما فيه من معلومات غير خاضعة لأي رقابة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي