كيف يقرض صندوق النقد الدول المأزومة؟
توفر القروض التي يمنحها صندوق النقد الدولي إلى دوله الأعضاء مثل الذي يتوقع منحه إلى اليونان، للدول المأزومة سيولات بنسبة فوائد متميزة مقابل فرض إجراءات تقشفية. وتعتبر اليونان من الدول ذات الدخل بين المتوسط والعالي، وهي معنية بالإجراء الذي يطلق عليه اسم ''اتفاق التأكيد''. وتبلغ مدة تلك القروض إجمالا سنتين مع تسديدها على فترة تراوح بين ثلاثة إلى خمسة أعوام وتتمثل في منح أموال تطابق حجم اقتصاد البلاد وحاجاتها، بنسبة فائدة واحدة تتغير حسب نسب أخرى.
وقد استخدم الإجراء في الفترة الأخيرة مع ثلاث دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي وهي: المجر في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، ولاتفيا الشهر التالي، ورومانيا في أيار (مايو) 2009. وأنشئت هذه الآلية للتضامن الدولي بعد تأسيس صندوق النقد الدولي سنة 1944 بهدف تفادي تكرار أزمة الثلاثينيات التي أدت خلالها الردود القومية إلى إغراق الاقتصاد العالمي في الانكماش. وكانت فرنسا أول من استفاد منها سنة 1947. ويمنح القرض بناء على طلب من الدولة المعنية بعد تدارس وضعها وبشروط تتم مناقشتها بين مديرية الصندوق والحكومة. ويقول الصندوق إنه يريد بذلك ''استعادة ظروف نمو اقتصادي دائم''.
ويطرح بعد ذلك على مصادقة مجلس الإدارة، وهو أعلى هيئة قرار تصوت فيها 24 دولة ومجموعة من الدول. ويراد من هذه ''الشروط'' إعطاء طابع استثنائي لمساعدة المؤسسة التي تضم 186 دولة عضوا. وتقتضي تطهيرا لاقتصاد البلد يتمثل في خفض كبير في عجز ميزانيتها وانعدام توازناتها الخارجية وإعادة تكوين مخزون من العملة وربما رفع نسب الفائدة مجددا لخفض الهجمات على العملة. ويدفع الصندوق بعد ذلك القرض جزئيا كل ثلاثة أو ستة أشهر مبدئيا مع التدقيق في احترام الأهداف التي يحددها البرنامج الاقتصادي الذي التزمت به الدولة المعنية. وتعتبر هذه الإجراءات مؤلمة في زمن الأزمة. وفي بعض بلدان إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا تسببت توصيات صندوق النقد الدولي في انعكاسات اجتماعية جلبت استياء الرأي العام لمدة طويلة. ويحاول الصندوق أخذ تلك الانتقادات في الاعتبار ويصر منذ سنوات على ضرورة صيانة النفقات الاجتماعية.