الاتحاد الأوروبي في امتحان «الوحدة» أمام أزمة اليونان
تباينت آراء المسؤولين الأوروبيين حول موقفهم من أزمة اليونان قبل انعقاد قمتهم هذا الأسبوع في بروكسل، حيث تؤيد دول المساعدة المالية فيما تتحفظ دول أخرى وترى أن أثيناء تملك القدرة على الخروج من الأزمة بمساندة أوروبية غير مباشرة. وتقول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس إن اليونان ليست في حاجة لأي مساعدة مالية وأنه يجب على قادة الاتحاد الأوروبي ألا يجعلوا من قضية مساعدة الدولة المثقلة بالديون محورا لقمتهم التي ستعقد هذا الأسبوع في بروكسل.
وفي مقابلة مع إذاعة دويتشلاندفونك قالت ميركل إنها تخشى التسبب في اضطراب في الأسواق المالية بإثارة ''توقعات زائفة'' عن تقديم مساعدات لليونان. وأكدت مجددا أنه يجب على اليونان معالجة قضايا ديونها بنفسها لمصلحة العملة الأوروبية الموحدة.
وكان رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو قد حث أعضاء الاتحاد على الموافقة على إعداد حزمة مساعدات لليونان خلال قمة تعقد في بروكسل يومي 25 و26 آذار (مارس) بعد أن قالت أثينا إنها قد تضطر إلى اللجوء لصندوق النقد الدولي طلبا للمساعدة. وقالت ميركل ''ليس هناك إعسار وشيك، لا أظن أن لليونان احتياجات مالية ملحة من المجتمع الأوروبي وهذا هو ما يؤكده لي رئيس الوزراء اليوناني''.
ويوم الجمعة قال باروزو إنه يجب على دول منطقة اليورو وعددها 16 الاستعداد لتقديم قروض ثنائية منسقة لليونان لمساعدتها في تقليل عجز الميزانية وإعادة تمويل ديونها التي تقترب من 120 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي خطوة يبدو أنها تستهدف دفع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للتحرك وكسب تأييد ألمانيا على وجه الخصوص لحزمة إنقاذ قال باروزو إنه لا يجب السماح بإطالة أمد الوضع الحالي وإن هناك حاجة ماسة للتحرك بسرعة. لكن ميركل عارضت ذلك بلهجة واضحة بصورة غير معتادة. وأردفت ''أعتقد أن اليونان ليست بحاجة إلى أموال في الوقت الراهن والحكومة اليونانية أكدت ذلك. لهذا أطالب بعدم إثارة اضطرابات في الأسواق بإثارة توقعات زائفة لأجتماع يوم الخميس''.
وتابعت ''أعتقد أنه طالما أن اليونان ليست في حاجة للمساعدة فلا يجب أن تأتي هذه المسألة على رأس محادثاتنا...لن تطرح المساعدات على جدول أعمال اجتماع الخميس لأن اليونان بنفسها تقول إنها لا تحتاج إلى المساعدة حاليا. ''لكنني سأكررها ثانية.. الحل الأمثل لليورو هو أن تحل اليونان مشاكلها بنفسها.. بالطبع بدعم سياسي من القادة الأوروبيين''.
من جانبه، صرح رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني أمس لـ ''رويترز'' بأن بلاده ''تؤيد تماما'' تقديم مساعدة أوروبية لليونان. وردا على سؤال عما إذا كانت إيطاليا تعتقد أنه يجب على الاتحاد الأوروبي مد يد العون لليونان قال برلسكوني ''نؤيد ذلك تماما''. وأضاف برلسكوني على هامش اجتماع انتخابي حاشد في بولونيا أن من السابق لأوانه القول ما إذا كانت أزمة ديون أثينا ستمثل محور القمة الأوروبية التي تعقد في بروكسل هذا الأسبوع ''لم نناقش الأمر بعد''.
وقال رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو إن بلاده اتخذت الخطوات اللازمة لمعالجة أزمتها المالية وأنها لن تتعثر في سداد ديونها. ويناقش قادة الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل خطة مساعدات مالية لليونان وتضغط الحكومة اليونانية باتجاه إقرار الاتحاد الأوروبي حزمة مالية احتياطية بهدف خفض تكلفة خدمة الديون الخارجية على اليونان.
وتقوم أثينا حاليا بدفع مبالغ كبيرة لخدمة ديونها الخارجية تقدر بنحو ضعف ما تدفعه دول مثل ألمانيا. ويتوقع أن يناقش قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمتهم التي ستعقد في بروكسيل يومي 25 و26 آذار (مارس) الجاري برنامج مساعدات مالية لليونان.
وتقول اليونان إنها قد تطلب مساعدة صندوق النقد الدولي في حال أخفق الاتحاد الأوروبي في تقديم المساعدات الضرورية لتحسين سمعة اليونان المالية الدولية ما قد يفاقم أزمة الديون المتراكمة عليها. وقال باباندريو ''ليتأكد الجميع من أن اليونان لم ولن تتعثر في سداد ديونها. اليونان لديها حكومة قوية وشعب شجاع. نحن تتجه للعودة إلى طريق الاستقرار الاقتصادي''.
وطالب رئيس الوزراء باتخاذ خطوات لإنهاء المضاربات التي أضرت بسندات الدين الحكومية التي تصدرها اليونان. وكشف باباندريو أن بلاده تنسق مع شركائها في داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه لوضع قيود على المضاربات. وكان وزراء مالية اليورو، قد تعهدوا قبل أيام بمساعدة اليونان ماليا إلا أنهم رفضوا إعطاء تفاصيل إلا بعد صدور قرار نهائي من قبل قادة دول الاتحاد على صفقة الإنقاذ المالي.
من جانب آخر، أعلن وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله أن بلاده ستوافق على مساعدات ثنائية من الدول الأوروبية لليونان دون أن يوضح ما إذا كانت برلين ستشارك في مثل هذه الآلية. وقال الوزير في حديث لأسبوعية بيلد أم سونتاج نشرت مقتطفات منه السبت ''لا توجد أداة جماعية لتقديم مساعدات من الاتحاد الأوروبي لليونان. وعلى كل الأحوال يمكن أن تكون هناك مساعدات ثنائية منسقة على أساس طوعي''. وتحتاج اليونان إلى 74 مليار دولار العام الجاري، منها نحو 20 مليار لشهري نيسان (أبريل) وأيار (مايو)، لسد الفجوة المتسعة بين الإيرادات والنفقات، واضطرت إلى عرض معدلات فائدة مرتفعة للحصول على قروض من مستثمرين.