رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


تأخرنا في الطاقة البديلة سيزيد الضغوط ويؤثر سلبا في احتياطينا النفطي

هيمن النفط خلال ما يزيد على القرن كمصدر أساسي للطاقة دون أي مُنافس، نظراً لتدني أسعاره وسهولة نقله وإمكانية تحويله إلى مُشتقات تُناسب رغبة المستهلك. وقد أسهم مساهمة فاعلة ومباشرة في دعم الحضارة الحديثة وتطور الثورة الصناعية والتقدم التقني الهائل والرفاهية البشرية، حتى وصل الاستهلاك العالمي للنفط مرحلة الإسراف الذي لا تُحمد عواقبه.

ولعل المظاهر الحالية للحياة مثل وجود العدد الكبير من المركبات الفخمة ووسائل النقل الأخرى والاستهلاك الفاحش للطاقة الكهربائية والرفاهية الزائدة التي تتمتع بها فئة كبيرة من أبناء البشر، لدليل واضح على ما للطاقة النفطية الرخيصة من أثر في حياتنا المعاصرة.

وعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة لتوافر مصدر رخيص ومُعتمد لتوليد الطاقة التي تُسيِّر وتُسهِّل أمور حياة الإنسان، إلا أن كون هذا المصدر قابلا للنضوب يجعل الاعتماد عليه حتى قرب النهاية دون البحث عن بديل مصدراً للقلق، ونخشى أن يقود ذلك إلى حدوث كوارث اقتصادية وفوضى سياسية تُؤدي إلى نشوب حروب مُدمرة.

والسبب هو غياب التخطيط المبكر لما بعد النفط، بصرف النظر عما يدور بين المؤيدين والمعارضين لتوقيت وصول الإنتاج العالمي إلى الذروة، وهي المرحلة التي يبدأ إنتاج النفط بعدها في التراجع.

وفي هذ المقام سنتحدث عن بدائل مصادر الطاقة الرئيسة المتوافرة لدينا اليوم بأسلوب مُبسط لغير المُتخصصين وعن إمكانية تأديتها للدور الذي تقوم به الطاقة النفطية.

وسنستثني من ذلك الغاز الذي يعتبره البعض بديلاً للنفط، وهو في الواقع أحد المشتقات النفطية ونضوبه سيكون مُتزامناً مع نضوب النفط.

وبدائل مصادر الطاقة لها صفتان، فبعضها من معين لا ينضب، كما سنرى لاحقاً، والبعض الآخر مثل النفط له عمر محدود.

## الطاقة النووية

توليد الطاقة من التفاعل النووي هو الأكثر جاذبية ولمعانا في المجتمعات الدولية، نظراً لارتباط إنشاء مرافقها وتشغيلها بالتقنيات الحديثة العالية.

ونحن نرى أن بناء المرافق النووية لتوليد الطاقة لا يُناسب إلا الدول التي تمتلك على أرضها التقنية والأيدي الفنية المُدرَّبة، بصرف النظر عن النواحي الاقتصادية.

وهذا يعني بطبيعة الحال أنَّ الطاقة النووية يجب ألا تكون ضمن خياراتنا في دول الخليج إلا في الحالات القصوى التي لا نرى لها اليوم ما يُبررها.

وإن اختارت إحدى الدول الخليجية مسار الطاقة النووية لتوليد حاجتها من الكهرباء، فإنها بذلك ترهن مستقبل توليد الطاقة الاستراتيجي في أيد أجنبية لعشرات السنين، وهو أمر لا نؤيده، إذا توافرت بدائل أفضل وأيسر وأكثر أمانا.

ويعتقد البعض أن تكلفة بناء المرافق النووية وصيانتها والعناية بمخلفاتها المُشعة تُنافس مرافق توليد الطاقة الأخرى.

وهذا التصور بعيد جداًّ عن الواقع، إذا أخذنا في الحسبان الضمانات الأمنية التي تتطلبها لمنع حدوث أي خلل فني أو تخريبي قد يتسبب في كوارث مُكلفة في الأرواح والأموال ــ لا قدر الله ــ ولذلك فإن بناء المرافق النووية في الدول الغربية المتقدمة تخضع مباشرة لإشراف الدولة المُضيفة نفسها وتتحمل ضمنياًّ جزءاً من التكلفة الكلية.

ولهذا السبب، لا تجد من يُعطيك التكلفة الحقيقية لبناء وتشغيل المرافق النووية نظراً لتداخل المصالح بين الدولة وأصحاب محطات التوليد النووية، وهذا مُغاير لما يُشاع بأن التقدم العلمي قد ساعد على تخفيض التكلفة وأن مرافقها أصبحت أكثر أماناً.

وربما أن القصد هو الأمان الذي يُقلل من حدوث خلل فني في أجهزة التحكم وضوابط السلامة.

أما عن خطورة تعرض المرافق النووية لعمليات تخريبية، فنخشى أن يكون ذلك أمرا يصعب التحكم فيه أو القضاء عليه، نظراً لتنامي العمليات الإرهابية بكل أشكالها وأنواعها خلال السنوات الأخيرة.

ونستطيع أن نُعرِّف محطات توليد الطاقة النووية بأنها قنابل ذرية موقوتة. والطاقة النووية ليست مُستديمة دوام البشر على الأرض، فعمرها أقصر مما يتصوره البعض، كونها تعتمد في توليد الطاقة على عنصر اليورانيوم الموجود حالياًّ في الطبيعة بكميات محدودة.

ويُقدر بعض الخبراء الكميات المُتبقية من اليورانيوم في المناجم المعروفة بما يكفي لاستهلاك أقل من 100 عام حسب معدل الاستهلاك الحالي.

http://www.lbst.de/publications/studies__e/2006/EWG-paper_1-06_Uranium-R... .Energy_03DEC2006.pdf

وهذا يعني أننا لو ضاعفنا مرافق التوليد النووية خلال السنوات المقبلة، وهو أمر وارد، لانتهى اليورانيوم في خلال 50 عاماً، مما يدعو إلى التساؤل عن مستقبل أسعار عنصر اليورانيوم عندما يزيد الطلب ويقل المعروض.

إذ لا شك أنها ستتضاعف مع مرور الوقت إلى مستويات غير مقبولة، وربما أنه ينضب قبل أن نستهلك العمر الافتراضي للمرافق المُتأخرة.

ولا نريد هنا أن نَضيف تخمينات حول إمكانية اكتشاف مصادر جديدة لليورانيوم أو طرق أخرى غير تقليدية لتوليد الطاقة النووية، فما يهمنا هو الواقع المعروف لدينا اليوم والمعلومة الثابتة. وإلى جانب الخطورة الكبيرة التي تُحيط بإنشاء المرافق النووية وتهديدها الدائم للسلامة البشرية، فإن التخلص من مُخلفاتها المُشعة مُقلقة ومُكلفة في الوقت نفسه.

ومن المعروف أيضا أن إنشاء مرافق توليد الطاقة النووية يستغرق أكثر من ثلاثة أضعاف الوقت الذي يستغرقه بناء محطة توليد تقليدية. ولو كانت تكلفة الطاقة النووية قد تراجعت وأصبحت مقبولة، وتشغيلها صار آمناً، وعنصر اليورانيوم مُتوافرا بكميات كبيرة، لتسابقت الدول الغربية والشرقية إلى الإكثار من بناء المرافق النووية وقللت اعتمادها على النفط الأجنبي الذي ما برحت تلك الدول تُردد خوفها من هيمنته على اقتصادياتها وارتفاع أسعاره.

## الفحم الحجري

عُرف الفحم الحجري كمصدر للطاقة قبل اكتشاف النفط، واستُخدم في تسيير السفن والقطارات التي كانت تسير بواسطة البخار، قبل وجود المشتقات النفطية، ومن ثم استُخدم في توليد الطاقة الكهربائية التي لا تزال تستهلك كميات كبيرة منه، وذلك على الرغم من التأثير السلبي لعملية الاحتراق في الغلاف الجوي للأرض لاحتوائه على نسبة عالية من ثاني أكسيد الكربون.

وتكوَّن الفحم الحجري من بقايا النباتات التي ترسبت في قاع المستنقعات منذ مئات الملايين من السنين، ويوجد في الطبيعة في حالة صلبة وعلى مسافات قريبة نسبياًّ من سطح الأرض، أي أقل عمقاً من الطبقات الحاملة للنفط، حيث يسهل الوصول إليه عن طريق حفر الأنفاق, والكميات المُكتشفة من الفحم الحجري محدودة وقابلة للنضوب.

ويُقدر الاحتياطي الثابت وجوده من الفحم بما يُقارب 950 مليار طن متري، أي ما يكفي لـ 130 عاما حسب الاستهلاك الحالي الذي يُمثل تقريباً 27 في المائة من مجموع توليد الطاقة عالمياًّ، ويزيد استهلاك الفحم الحجري سنوياّ بمقدار 2 إلى 3 في المائة, فهو لذلك لا يُعتبر بديلاً مِثالياًّ للنفط، إلا ربما في الحالات التي لا يجد الإنسان بديلاً آخر.

أضف إلى ذلك ارتفاع تكلفة نقل الفحم كونه يحتاج إلى فراغ كبير، مقارنة بعملية نقل السوائل النفطية.

ولعله من المناسب أن نذكر أن المتبقي من احتياطي الفحم الحجري يحتوي على كميات أكبر من الكبريت والشوائب الأخرى التي تجب إزالتها قبل الاستخدام، وهو ما سوف يرفع تكاليف الإنتاج، مقارنة بالكميات التي أنتجت خلال السنين الماضية.

## الحجر النفطي والنفط الرملي

ويوجد في الطبيعة بكميات كبيرة في حالة صلبة، وربما يصل الاحتياطي النفطي منه إلى أكثر من الاحتياطي النفطي السائل المعروف، والذي يُقدَّر بتريليون و200 مليار برميل.

ونسبة كبيرة من احتياطي الحجر النفطي والنفط الرملي يستوطن أمريكا وكندا وفنزويلا. وبطبيعة الحال فإن عملية استخراجه كما هو مُتوقع عالية التكاليف، فهو يستهلك كمية كبيرة من الطاقة ومن الماء أثناء عملية فصل المادة النفطية عن الحجر والرمل.

وغالباً ما يكون الماء الذي يُستخدم لمعالجة هذين المصدرين مُلوثاً بمواد سامة وبقايا معادن ثقيلة مُضرَّة بالبيئة ويصعب التخلص منها، مما يُضيف إلى التكاليف الإجمالية لعملية الإنتاج.

ولا يُمثل إنتاجه في الوقت الحاضر أكثر من مليون برميل في اليوم.

## طاقة الرياح

الطاقة المُتولدة من حركة الرياح مثالية من حيث عدم تأثيرها في البيئة واعتدال تكلفة إنتاجها وعدم انتهاء مفعولها على مدى الدهر، ولكنها مصدر محدود للطاقة نظراً لاعتمادها على السرعة المرتفعة للرياح التي لا تتوافر إلا في أماكن قليلة من سطح الأرض.

ومهما حاول العالم من إكثار مرافق التوليد فلن تضيف إلى مجموع استهلاك الطاقة إلا جزءا يسيراً، ومع ذلك فنحن نتمنى أن يتم استغلالها بقدر الإمكان ولكن في أماكن بعيدة عن المناطق المأهولة لتكون أكثر أماناً.

#3#

## الطاقة الحيوية أو الوقود الحيوي

ما يُسمى بالطاقة الحيوية يُنسب إلى سائل الإيثانول الذي ينتج من عملية تكرير حديثة لمحصول زراعي مثل الذرة وقصب السكر وفول الصويا. ويُعتبر الإيثانول من المنتج الزراعي أقل تأثيراً على البيئة من المشتقات النفطية.

ولكن إنتاجه بكميات كبيرة يضُرُّ كثيرا بمصادر الغذاء العالمي ويستهلك كميات كبيرة من الماء والوقود، وربما أن التوسع في إنتاجه يتطلب إزالة مساحات هائلة من الغابات الخضراء، وهو ما سوف يعود على البيئة بعواقب غير مرغوبة.

ومن الممكن أن نعزو الاهتمام غير العادي بإنتاج الإيثانول من المصادر الزراعية، خصوصاً في الولايات المتحدة، إلى دوافع سياسية وليست اقتصادية، بقصد تقليل الاعتماد على استيراد النفط من دول أجنبية، وهو منطق مرفوض لأن تبادل البضائع المختلفة بين الدول هو أمر طبيعي، بصرف النظر عن نوعية السلع المُتبادلة.

ولهذه الأسباب مُجتمعة، فليس مُحتملاً أن يحتل الوقود الحيوي مكاناً بارزاً في مجال مصادر الطاقة المستديمة وحتماً سيظل إنتاجه محدوداً.

## الطاقة الهيدروجينية

لقد ذكرنا هنا كلمة الطاقة تجاوزا، وفي الواقع أن الهيدروجين ناقل للطاقة وليس مصدراً للطاقة كما يظن الكثيرون.

وغاز الهيدروجين لا يُوجد مُنفرداً في الطبيعة بل متحد مع عناصر أخرى مثل الأوكسجين ليكونا الماء الذي يُمثل ثلاثة أضعاف الكرة الأرضية.

ومن أجل الحصول على الهيدروجين نحتاج إلى طاقة كبيرة تفصله عن الأوكسجين عن طريق التحليل الكهربائي للماء. وبعد هذه المرحلة يكون الهيدروجين جاهزاً للاستخدام كمصدر للطاقة التي لا تزيد، بل تنقص كميتها عن مقدار الطاقة التي أودعناها عملية الفصل بين الهيدروجين والأوكسجين.

ويتميز الهيدروجين بارتفاع تكلفة نقله من مكان إلى آخر، نظراً لإمكانية تسرب كميات كبيرة منه أثناء مرحلة النقل من خلال مسام معظم صهاريج نقل الغازات. ولذلك فلا نعتقد أن يكون للهيدروجين دور فاعل في مستقبل الطاقة.

وإذا كانت هناك مميزة إيجابية لاحتراق الهيدروجين فهي عدم تأثيره في البيئة لأن ناتج الاحتراق هو اتحاده مرة ثانية مع الأوكسجين ليكونا معاً الماء.

## طاقة الأمواج البحرية أو المد والجزر

هذا المصدر من مصادر الطاقة المستديمة النادرة الموجودة على سطح الأرض، وهي لم تُستغل بعد، ربما بسبب توافر الطاقة النفطية الرخيصة. وطاقة المد والجزر التي من الممكن استغلالها كمصدر لتوليد الطاقة موجودة أيضا في أماكن محدودة من المناطق البحرية.

واستغلالها يكون بتركيب «توربينات» توليد الطاقة الكهربائية في وسط حركة الأمواج التي تعمل على تشغيلها.

ونتوقع ألا يلجأ إليها المجتمع الدولي إلا في الحالات التي تكون فيها أسعار الطاقة بوجه عام في مستوى مرتفع يسمح للاستثمار في مشاريع الطاقة البحرية.

## الطاقة الحرارية الأرضية

مصدر توليد الطاقة هنا هو الحرارة المنبعثة من باطن الأرض، إما على شكل ينابيع طبيعية حارة أو عن طريق حفر الآبار إلى أعماق مُعينة يُضخ من خلالها الماء، ومن ثم إنتاجه من آبار أخرى مُجاورة بعد أن يكون قد اكتسب حرارة عالية قد تصل إلى 200 درجة مئوية وتحول إلى بخار يُدير مُحركات توليد الطاقة الكهربائية.

وعلى الرغم من كون هذه العملية مصدراً نظيفاً للطاقة المُتجددة، إلا أننا نشك في أن يصبح مصدراً دائماً.

فقد يتطلب الأمر تغيير الموقع من وقت إلى آخر عندما تبرد الطبقات الأرضية التي يُمرَّر من خلالها الماء ومن ثم نقل مُعِدات المرافق إلى الموقع الجديد، وهو ما سوف يُضيف إلى تكاليف المشروع.

## الطاقة المائية أو الهيدروجية

هذه الطاقة مُتوافرة فقط في الأماكن التي تجري فيها الأنهار، بشرط توافر مُنحدرات عالية أو مسقط مياه.

وهي طاقة رخيصة ونظيفة، وتقريباً مُستديمة ما دام النهر يجري بقوة الدفع نفسها. ويتم إنشاء مُولدات الطاقة الكهربائية في وسط المنحدرات، حيث يعمل التيار المائي القوي على تشغيلها.

وهذا يتطلب أيضا وجود مساحات واسعة على حافة مُنحدر النهر، غير مُستغلة ولا مسكونة، يتجمع فيها الماء الذي يُغذي مُولدات الطاقة الكهربائية.

#2#

## الطاقة الشمسية

لقد قصدنا وضع الطاقة الشمسية في نهاية القائمة لتكون مسك الختام، وقد سماها البعض بالطاقة المُهدرة، وهي دون أي شك الاختيار الأمثل بالنسبة لنا في دول الخليج من بين البدائل الأخرى.

وكما هو معلوم لدى الكثيرين، فالطاقة الشمسية عنصر أساسي في تكوين معظم مصادر الطاقة التي نحن نتحدث عنها، بما فيها الطاقة النفطية. ولكن بحثنا اليوم سيتطرق إلى استخدام الأشعة الشمسية التي تسقط على الأرض من أجل توليد التيار الكهربائي مباشرة.

وهذا يحصل عن طريق التحويل الكهروضوئي والتحويل الحراري. ففي الحالة الأولى، تقوم ما يُسمى بالخلايا الشمسية أو الفوتضوئية بتحويل ضوء الشمس المباشر إلى كهرباء.

وفي الحالة الثانية، تتولد حرارة كبيرة من انعكاس الأشعة الشمسية فوق مُجمعات ألواح زجاجية عاكسة وتعمل على تسخين الماء وتحويله إلى بخار يُدير «توربينات» توليد التيار الكهربائي.

وفي كلتا الحالتين، لا بُدَّ من وجود عملية تنظيف مستديمة للزجاج وعلى فترات قصيرة من أجل استمرارية فعالية توليد الطاقة، وخصوصاً في المناطق الصحراوية التي يكثر فيها الغبار والتلوث الجوي.

وتوليد الطاقة من الأشعة الشمسية مُلائم لطبيعة بلادنا الصحراوية، حيث الشمس الساطعة معظم أيام السنة وتوافُّر المساحات الواسعة التي تتطلبها تلك المشاريع. ونأمل أن تكون منطقة الخليج في يوم ما، وليس بعيداً ــ إن شاء الله ــ مُكتفية ذاتياً من الطاقة الشمسية وتُصدِّر الفائض من الكهرباء إلى الخارج.

 ولعل أهم المآخذ التي تُحسب على مصادر الطاقة الشمسية، هي أنها في الوقت الحاضر لا تُولد الطاقة إلا خلال وقت النهار.

ولكن المهتمين بشؤون الطاقة الشمسية يأملون أن يتوصل العالم إلى إيجاد طريقة عملية ومعتدلة التكاليف لتخزين الطاقة الحرارية واستخدامها بعد غياب الشمس.

ولكن علينا أن نتذكر أن ذروة الاستهلاك في بلادنا تحدث وسط النهار، وهو ما يجعل التوليد من الطاقة الشمسية مُناسبا لمتطلباتنا.

 ونحن نعلم الآن أن الحل في المستقبل يكمن في الاستثمار في الطاقة الشمسية، ومع ذلك فإن الكثيرين منا لم يقتنعوا بعد بأهمية، بل بحتمية البدء في بناء مرافق توليد الطاقة الشمسية التي ستُساعدنا على توفير كميات كبيرة من المشتقات النفطية القابلة للتصدير بأسعار تفوق أكثر من عشرة أضعاف الأسعار المحلية المُخفَّضة.

أضف إلى ذلك أن إنشاء تلك المرافق وتشغيلها مُبكراً سيُعطينا خبرة ثمينة قبل التوسع في بناء ما نحتاج إليه في المستقبل من مُتطلبات الطاقة الكهربائية.

ولكن هناك عامل اقتصادي مُصطنع يعمل على إعاقة تنفيذ مشاريع الطاقة البديلة، وهو أن دراسة الجدوى الاقتصادية لمرافق الطاقة المتجددة في بلادنا،غالباً ما تُبنى على أساس أسعار المشتقات النفطية المحلية المخفضة، بدلاً من استخدام الأسعار العالمية، كما يُمليه علينا المنطق السليم.

وبما أن أسعار النفط مُرشحة للارتفاع خلال السنوات القليلة المقبلة، فإنه يجب أن يُعطينا ذلك دفعة إلى الأمام لصالح بناء مرافق الطاقة الشمسية.

ومن الميزات الكثيرة لتبني مشاريع الطاقة الشمسية، إمكانية تصنيع معظم مُكونات مرافقها محلياًّ وسهولة تشغيلها وصيانتها، مما يُوفر عشرات الآلاف من الوظائف للشباب السعودي.

ولنتخيل لو لم تكن الطاقة الشمسية من فضل الله أحد الخيارات المُتوافرة لدينا، وانتهى عصر النفط، ما الذي يمكننا أن نفعله على ظهر هذه الصحراء القاحلة؟ لا شك أننا سنُعاني وضعا حرجا، فلنحمد الله ولنسارع في استغلالها قبل أن نفقد فائض الدخل الذي نتمتع به اليوم، وهو دون أي شك استثمار مُربح وفي محله.

والطاقة الشمسية هي الوحيدة بين جميع البدائل الرئيسة التي يُتوقع أن تنخفض تكلفتها مع مرور الوقت وتقدم تقنيتها.

 وإذا استثنينا الطاقة الشمسية التي من المُتوقع أن تلعب دوراً رئيساًّ في مجال توليد الطاقة الكهربائية عالمياًّ وعملية تحلية مياه البحر محلياًّ في الدول الخليجية، فإن البدائل الأخرى كما ذكرنا، إما أن تكون محدودة الاستخدام بسبب عوامل طبيعية وعالية التكلفة أو أنها قابلة للنضوب في المستقبل القريب، ومنها ما يحتاج نفسه إلى طاقة كبيرة لإنتاجه.

والذي نُحاول أن نصل إليه هو أن العالم يجد نفسه اليوم رهينة لمصادر الطاقة النفطية التي لا تزال رخيصة إذا قورنت بالمصادر الأخرى.

وتبعاً لذلك، فقد بني أساسات البنية التحتية لجميع شؤون الحياة، من وسائل النقل ومصادر الغذاء وحياكة الملابس والأثاث إلى تعبيد الطرق على رهان وجود النفط.

وها هو اليوم مُهدد بحدوث نقص مُريع في إمدادات الطاقة خلال العقود القليلة المقبلة، بداية من أوائل العقد المقبل، بسبب الاستهلاك الجائر لمصادر الطاقة الحالية واستمرار زيادة الطلب، في وقت لا أحد يستطيع أن يتنبأ بكل تأكيد بما يخبئ لنا القدر.

ولكن المؤكد هو أن الإمدادات النفطية لها نهاية، وأنه يجب على جميع سُكان المعمورة أن يتخذوا الاحتياط اللازم لحماية أنفسهم من عواقب عدم المبالاة.

وقد يظن البعض أن هذا القول يُمثل تشاؤماً ليس له ما يُبرره. وبالمنطق نفسه، نقول إن التفاؤل المبني على الظن وبعيدا عن الواقع و الحقائق الملموسة أكثر خطورة على مستقبل البشرية، ولا يصلح أن يكون أساساً لرسم خُطط مستقبل الأجيال المقبلة.

 ونود هنا أن نُوضِّح موضوعا مُهما حول التعبير الذي دائماً يتردد على المسامع ونقرؤه في الصحف والمجلات، وهو يتعلق بنضوب النفط.

فهناك منْ يُحذر بشدة من خطورة تأثير قرب حدوث شح في المصادر النفطية على الاقتصاد العالمي، وضرورة البدء في استخدام البدائل المناسبة.

ثم يُصرِّح طرف آخر بأن النفط باق لعشرات السنين وأنه سيظل المصدر الرئيس لتوليد الطاقة في العالم ربما لنهاية القرن الحالي, وليس هناك تناقض بين الموقفين.

فصاحب الرأي الأول يقصد أن إنتاج النفط الذي كان يرتفع خلال السنين الماضية تلبية للطلب العالمي سوف يصل، بعد مدة ربما لا تكون طويلة، إلى مستوى ما يُسمى بذروة الإنتاج، وهي المرحلة التي يبدأ خلالها الإنتاج النفطي في الانخفاض، بينما الطلب العالمي يستمر في الارتفاع، فيحدث عدم توازن في السوق النفطية يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار وربما يُولد ذلك خوفاً قد يصل إلى مرحلة الهلع من عدم وضوح الرؤية بالنسبة لمستقبل مصادر الطاقة في حالة عدم وجود ما يُعوِّض عن النقص في الإمدادات النفطية.

وعلى الرغم من تلك الحال، فإن دور النفط كمصدر للطاقة سيظل لمئات السنين ولكن بكميات محدودة، إلى جانب المصادر الأخرى المُتجددة التي من المفروض أن تبدأ الآن بأخذ دورها.

وبدا واضحاً أن بدائل مصادر الطاقة المعروفة اليوم لن تُؤدي الدور نفسه الذي يقوم به النفط منذ ما يزيد على القرن.

وسنضطر مُكرهين للتكيف مع المصادر الجديدة وتحمُّل ارتفاع تكلفتها، مُقارنة بما تعودناه خلال زمن النفط الرخيص الذي أوشك نجمه على الأفول.

وكان منطقياًّ لو أن العالم كان أكثر وعياً وقادة الدول المستهلكة أقلَّ تأثراً بالمصالح والاعتبارات السياسية، فيسمحون باستخدام بعض مصادر الطاقة المتجددة إلى جانب المصادر النفطية وإيجاد توازن بينهما من أجل أن يطول عُمر النفط ويُخفف من صدمة المرحلة الانتقالية ويسمح ببناء بنية تحتية موازية، حتى ولو كان ذلك على حساب زيادة تكلفة الحياة. فالزيادة التدريجية في شؤون المعيشة تكون أهون وقعا من صدمة الكوارث الاقتصادية.

وليسمح لي القارئ الكريم بأن أعيد طرح وجهة نظر كنت قد ذكرتها في أكثر من مناسبة حول ما يعتقده البعض من أنه ليس من صالحنا كدولة تمتلك أكبر احتياطي في العالم من النفط أن نُشجع أو أن نقبل ببدائل الطاقة المتجددة التي قد تستولي على مكانة نفطنا.

وكما تم توضيحه آنفاً، فإنه من المُؤكد أن النفط سيظل المصدر المفضل للطاقة والأرخص ثمناً في المدى المنظور.

ولكن الأهم من ذلك بالنسبة لمستقبل بلادنا، هو أن التأخير في استخدام المصادر البديلة سيزيد من الضغوط الدولية علينا من أجل زيادة الإنتاج إلى مستويات قد تُؤثر سلباً في عمر الاحتياطي النفطي، وهو ما لا نرغب حدوثه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي