الموسوس والكاسيت

أصبح معرض الكتاب فرصة يمكنك من خلالها أن تلتقط الكتب الحديثة التي تصدر لعدد من مثقفينا وأدبائنا.
في كتابه الجديد والثري (السعودية: سيرة دولة ومجتمع) يقدم عبد العزيز الخضر قراءة في تجربة ثلث قرن من التحولات الفكرية والسياسية والتنموية.
وفي الكتاب يلامس الخضر سطوة ثقافة الكاسيت على جيل الثمانينيات ومنافسة الكاسيت الذي يحمل مضمونا دينيا وطغيانه على الكاسيت الغنائي. بل إن الصورة المظهرية أخذت شكلا جديدا وبعد أن كان المجتمع بكل أطيافه يدين التطرف، بل إن العامة يطلقون على من يغالي في تدينه حتى يصل مرحلة الغلو بـ «الموسوس».
لكن هذه النظرة المتزنة، وهذا التعامل المتسامح مع التدين باعتباره سلوكا ومعاملة وليس تنطعا، تلاشى في فترة من الفترات لتسود ذهنية جديدة أعطت مساحات غير مستحقة لممارسات ليست من الدين في شيء.
وكان أن دفع المجتمع ثمن التغاضي وغض الطرف عن هذه الظاهرة، حتى أفضت بنا بعد أزمة الخليج إلى سلسلة من الممارسات الإرهابية التي طالت المجتمع واستهدفت مؤسساته ومواطنيه.
من المؤكد أن في الكتاب الذي تتجاوز صفحاته الـ 800 صفحة الكثير من النقاط التي تتفق فيها مع الكاتب وهناك نقاط أخرى تختلف معه فيها، لكنك لا تملك سوى أن تحترم هذا الجهد والدأب في الرصد والتسجيل والتحليل.
لقد استطاع الكاسيت أن يرسم ذهنية جيل وأن يشكلها بطريقة غريبة جدا. ولا تزال ذاكرتي تكتنز سلسلة من الصور حول الاستريو الكبير في مدينتي الذي قرر صاحبه أن يقسمه نصفين، نصف يستهدف فيه جمهور الفن، والنصف الثاني يستهدف فيه جمهور الصحوة. ولكنه لم يصمد طويلا فأصبح الاستريو كله مخصصا للأشرطة الصحوية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي