نحو تنظيم وتقنين تدريب المدربين وإعداد القياديين (2 من 2)
المشكلة تكمن في أن منح الرخصة بمزاولة المعهد أو المؤسسة أو الشركة للتدريب لا يتبعه مراقبة لتقييم أداء مؤسسة التدريب، ولا تطبيق لاختبارات ومقاييس عالمية لتحديد مستوى الاستيعاب والحرص على الاستزادة والتمكن المهاري للمتدرب، ولا فحص وتقييم لمحتوى الحقائب ومواءمتها للتطور السريع في ميادين العمل كافة. من ناحية أخرى لا يوجد نظام للتصنيف سواء للمدربين أو المؤسسة نفسها لتبيان مواءمة المحتوى لما هية الحاجة ومستواها بالنسبة لفئات المتدربين من أي قطاع. بالطبع لا نريد استيعاب أكبر عدد ممكن بالدورة فقط، أو القدرة على إقامتها في عدة مناطق في آن واحد، أو غير ذلك دون أن يكون هناك مردود فعلي على الملتحقين بالدورات التطويرية والتأهيلية. فالأجهزة المختلفة وضعت الخطط التطويرية للعمل والعاملين، وفرغت المنسوب لتطوير ذاته فكريا ومهاريا، وانتظرت الوقت اللازم للتأهيل، وصرفت المبالغ اللازمة على أمل مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية بكوادر أكثر استعدادا لتحمل المسؤولية. لذلك أتمنى أن تتلمس الجهات المعنية الحلول والبدء في تبنيها، ويكون لذلك دعم كامل لتحقيق الغرض من إقامة الدورات المتخصصة. يمكن اتخاذ التدابير اللازمة بـ (1) التأكد من وضوح رؤية ورسالة وأهداف مؤسسة التدريب، (2) القدرة على تصميم البرامج المتخصصة وتنفيذها، (3) توافر الدعم العلمي والفني والمهني مع إمكانية توفير مصادر المعلومات الحديثة دائما، (4) التميز في تقدير وتقييم مستوى الأداء والتحصيل ذاتيا، (5) مراجعة محتوى الحقيبة وتمكن المدربين الذين يعملون تحت مظلتها من المادة والقدرة على الحوار وإيصال الرسالة. (6) القدرة على التمييز والاختيار الصحيح عند التعاقد أو توظيف الكفاءات التدريبية والمفترض أن تكون متمكنة ولديها الخبرة الكافية. من ناحية أخرى، (7) لا بد أن يتوافر لدى الجهة المخولة بالإشراف على مؤسسات التدريب في السوق برنامج للمتابعة والتقييم ومن ثم المراجعة مع توافر امكانات إدارية قيادية تصر على اتباع برامج الجودة النوعية في هذه المؤسسات التي تعتبر ناشئة في مجال التدريب.
إن مجرد رغبة المتدرب في الاستمرار في القراءة أو الاطلاع على ما كل يستجد في هذا الفرع من العلوم أو ذاك يعني تأصيلا وتبنيا لنمط حياتي يساعد على تطوير الذات وتجويد الإنتاج بشكل مستمر ودائم. في هذه يمكن التأكيد على أن هذا من مهام المدرب وبرنامج التدريب أن يتم ترسيخه في أذهان المتدربين «المدربين مستقبلا». أما من ناحية تدريب المرأة عن طريق المرأة، فلا بد أن نضع أيدينا على مكامن القوة والضعف في كل برنامج ولكل مشروع لتكون الرسالة مباشرة والتقييم واقعي والتقارير المرفوعة محددة لحجم المكتسبات في كل دورة. لذلك فإعداد وتدريب «المدربات» من النساء لن يكون مشروعا سهلا وبالذات في المجالات العلمية الميدانية والعملية. اعتقد أن هناك حاجة إلى تكثيف الإشراف والمتابعة لمثل هذه الدورات فما زالت العاطفة والشخصية تؤثران في القرارات، وهذا لن يكون مفضلا على المدى البعيد.
أعتقد أن هناك حاجة إلى وضع خطة تستمر على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة تقودها الجامعات والهيئات المتخصصة بالتكليف أو بالتعاون مع مؤسسات عالمية متخصصة، فعملية التقييم لا بد أن تنتهي في المؤسسة إلى نتيجة إيجابية فليس من المعقول أن نبني موظفا يقود مؤسسة على أساس هش، وتكون حجتنا أننا وفرنا التدريب وصرفنا المبالغ واستفاد الموظف من «كوب» مطبوع عليه اسم المؤسسة. كما أن استخدام التقنية ليس شعارا ولا شهادة حضور، إنما هو وسيلة مطورة لتناول مسألة، أو أداء عمل، أو القيام بالتواصل. حري بالجهات المعنية أن تؤكد على ذلك وتحرص عليه لأهمية توافر جميع العوامل والعناصر في إقامة الدورة نظرية كانت أم عملية، لصغار السن أم الكبار، ولصغار الموظفين أم كبارهم. إن تدريب المدربين في بعض الجهات الخدمية، كالقطاع الصحي، يحتاج إلى تضافر وتكامل جهود من نوع خاص جدا، فالمأمول أن يشهد القطاع التطور النوعي كافة على كل المستويات وفي كل جهاز في القطاع، لا أن يكون جزرا مترامية لا ترتبط ببعضها بعضا ولا يكون غرسها موحدا أو ثمارها متجانسة، فتكون النتيجة إصابة هذه المؤسسات بـ «التوحد».
بالبحث في كيفية التغلب على جوانب عدة في مثل هذه المشكلات وجدت أن مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني أصدر ونشر باللغة العربية لإحدى الدورات، وثيقة للمدربين تكاد تكون منهاجا في كثير من التخصصات؛ تساعدهم على تخطي المشكلات الشخصية، وتضع أمام المؤسسة المتخصصة في التدريب نقاطا تذكرها بما هية دورها وكيفية الحرص عليه لتجويد أدائها بأمانة أمام الراغبين في تطوير أدائهم كافة كأفراد أو مؤسسات. لا شك أن مثلها كثير ولكن قد أجد هذه تغني عن عشرة غيرها إنشائية. كما أني قد أجد آلافا مثلها، وقد تكون ذات ميزة وتوجه جيدين، إلا أن هذا الإصدار باللغة العربية وليس بأي لغة ثانية وهذا أيضا ما يميزها أكثر. أتمنى أن نحرص على أن تؤدي المؤسسات وشركات التدريب ما يساعد القطاع الخدمي على القيام بدوره في هذه المرحلة الانتقالية المهمة من مسيرة التنمية في السعودية. وأن تكون الجهات المعنية بالترخيص والإشراف والتصنيف والتأهيل في متابعة مستمرة لأهلية هذه المؤسسات للقيام بهذا الدور المهم. والله المستعان.