رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


السوق المالية السعودية.. تنمية التفاؤل

أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي تقريره السنوي حول التنمية المالية في مجموعة من دول العالم. هدف التقرير إلى تقييم مستوى التنمية المالية في دول العالم المختلفة من خلال تحليل العوامل المحددة للتنمية المالية التي تساعد على تشجيع النمو الاقتصادي.
خلص التقرير إلى حساب ما يسمى بمؤشر التنمية المالية, ويعد المؤشر نتاج 119 عنصر قياس تحدد في مجملها درجة التطور المالي للدول التي يشملها التقرير مقسمة إلى سبعة محاور رئيسة. تركز المحاور الثلاثة الأولى، ''البيئة المؤسساتية''، ''بيئة الأعمال''، و''الاستقرار المالي'' على مدى تقدم عملية التنمية المالية في السياسات، والإجراءات، والمؤسسات ذات العلاقة بالتنمية المالية.
وتركز المحاور الثلاثة التالية، ''الخدمات المالية المصرفية''، ''الخدمات المالية غير المصرفية''، و''الأسواق المالية''، على مدى تقدم عملية التنمية المالية في أجهزة ومؤسسات الوساطة المالية. ويركز المحور الأخير، ''الانتشار المالي''، على مدى انتشار الخدمات المالية وجدوى تلبيتها للاحتياجات المالية للأفراد والشركات.
شمل التقرير تحليل وتقييم عملية التنمية المالية في 55 دولة عام 2009 و52 دولة عام 2008, وحصلت المملكة المتحدة على المركز الأول في مؤشر التنمية المالية عام 2009، متقدمة على أستراليا، صاحبة المركز الثاني، والولايات المتحدة ، صاحبة المركز الثالث.
شهد ترتيب المراكز تغييرات عن ترتيب مراكز 2008. حيث حصلت الولايات المتحدة على المركز الأول في مؤشر التنمية المالية عام 2008، متقدمة على المملكة المتحدة، صاحبة المركز الثاني، وألمانيا، صاحبة المركز الثالث.
أتت التنمية المالية في السعودية عام 2009 في المركز الـ 24 من أصل الـ 55 دولة. ويعد هذا الترتيب تقدما في المراكز عن ترتيب 2008، والذي سجلت فيه التنمية المالية في السعودية المركز الـ 27.
وعلى الرغم مما يبدو أنه تقدم من 2008 إلى 2009 في مركز التنمية المالية في السعودية، إلا أنه في حقيقته تأخر عطفا على أن مجموع درجات التنمية المالية في 2009 شكل تراجعا عن مجموع الدرجات المسجلة في 2008 بمقدار 0.01 نقطة.
يعد المحوران الخامس، ''الخدمات المالية غير المصرفية'' والسادس ''الأسواق المالية'' المحورين ذاتي العلاقة المباشرة بتنمية السوق المالية. فمحور ''الخدمات المالية غير المصرفية'' يندرج تحت مظلته أربعة محاور فرعية''، هي ''الطرح الأولي''، ''الاندماجات والاستحواذات''، و''التأمين''، و''التورق''. ترتبط جميع هذه المحاور بتنمية الخدمات والمنتجات الاستثمارية المختلفة، كالتريتب، والمشورة، والتداول، وإدارة الأصول المقدمة من شركات الوساطة المالية المختلفة.
ويندرج تحت محور ''الأسواق المالية'' أربعة أنواع من الأسواق المالية: ''أسواق الصرف الأجنبي''، ''أسواق المشتقات المالية''، ''سوق الأسهم''، و''سوق الصكوك والسندات''. ترتبط جميع هذه الأسواق بتنمية آليات ربط هذه الأسواق الأربعة تحت مظلة مشتركة من شأنها توفير انسياب الخدمات، والمنتجات، والرساميل الاستثمارية بكل مرونة ويسر.
عديدة هي الفوائد عندما نشاهد واقع عملية تنمية السوق المالية السعودية من منظور هذين المحورين بناء على تقرير مؤشر التنمية المالية عام 2009. ففي هذه المشاهدة ما قد يساعد على التعرف إلى أهم التحديات التي تواجه عملية تنمية السوق المالية السعودية والإنجازات المرجوة من التطورات التي تستجد بين فترة وأخرى.
خلصت المشاهدة إلى وجود أربعة تحديات وإنجازين. التحدي الأول تواضع نشاط ''الاندماجات والاستحواذات'' في السوق السعودية. لعل السبب الرئيس خلف ذلك هو ضعف مساهمة سوق الاندماجات والاستحواذات في السوق السعودية كماً وكيفاً في إجمالي الناتج المحلي.
والتحدي الثاني تواضع نشاط ''التورق'' في السوق السعودية. لعل السبب الرئيس خلف ذلك هو تواضع مساهمة منتجات وخدمات التورق المالي المقدمة من القطاعات المالية السعودية كماً وكيفاً في إجمالي الناتج المحلي.
والتحدي الثالث تواضع نشاط التداول في ''أسواق الصرف الأجنبي'' في السوق السعودية, ولعل السبب الرئيس خلف ذلك هو تواضع حجم عمليات صرف الريال السعودي الآجلة مقابل العملات الأخرى.
والتحدي الرابع تواضع نشاط ''المشتقات المالية'' في السوق السعودية, ولعل السبب الرئيس خلف ذلك هو ضعف فاعلية أسعار الفائدة على اتفاقيات المبادلة الاستثمارية بين شركات الوساطة السعودية ومثيلاتها الأجنبية. لم يخل تقرير التنمية المالية وعلى الرغم من جميع هذه التحديات من تسجيل مجموعة من الإنجازات على صعيد تنمية السوق المالية السعودية. حيث أسهمت تطورات السوق المالية السعودية خلال 2009 في تحقيق إنجازين. الإنجاز الأول فاعلية عمليات ''الطرح الأولي'' في السوق المالية السعودية. لعل الدافع الرئيس خلف هذا الإنجاز التوسع السريع في عمليات الطرح الأولي من كمية كانت أو نوعية التي شهدتها السوق المالية السعودية مقارنة بالسنوات السابقة.
والإنجاز الثاني فاعلية عملية تنمية ''سوق الأسهم'' في السوق المالية السعودية, ولعل الدافع الرئيس خلف هذا الإنجاز زيادة مساهمة قيمة الأسهم المتداولة عام 2009 في إجمالي الناتج المحلي, مقارنة بالسنوات السابقة.
أكملت السوق المالية السعودية أربعة أعوام منذ تطورات شباط (فبراير) 2006. فترة زمنية كفيلة بمعالجة تحديات شباط (فبراير) وتحويلها إلى إنجازات. مجموعة من الجهود بذلت في سبيل معالجة التحديات، ومجموعة أخرى من الإنجازات تحققت. وعلى الرغم من ذلك، فما زالت السوق في انتظار مزيد من الإنجازات, بعضها قد يسلك طريقا طويلا حتى يصل سالماً وغانماً بما يحمله من بشائر, وقليل قد يثنيه الجهد عن الوصول, مرحلة فنية أوشكت على نهايتها من ترتيب أوراقها قبل أن تستقبل الإنجازات. مرحلة جديدة ستمكنها، بعون الله تعالى، من المضي قدما بشكل متوازن نحو التقدم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي