«بقالة عالمية»
يستوقفني كثير من التجاوزات التسويقية والتجارية التي يتبناها ملاك بعض المشاريع الصغيرة، بل إن الأمر تجاوز تلك المشاريع من مثل ''السوبرماركات'' أو ''مكتب عقار'' إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي أعتقد أنه يجب التوقف عندها كثيرا ومعالجتها وفق الطريقة الملائمة.
التجاوز هو أن أي زائر أجنبي لكثير من شوارعنا سيعتقد أنه في وادي السليكون في أمريكا أو على شواطئ هونج كونج أو في ''مدينة علي'' الإماراتية، لكثرة اللوحات التي تحمل اسم «العالمية»، فمن ''أسواق دبي العالمية للتسوق العالمي'' و''متجر جبران العالمي''، و''ركن الخياطة العالمية'' التي هي عبارة عن ''بقالات'' أو سوبر ماركات في أفضل حالاتها، أو محل لخياطة الثياب الرجالية إلى مكتب عقار تحت اسم ''التسويق العقاري العالمي''.
تشعر وأنت تقرا تلك اللوحات أوالمسميات للمشاريع المتناهية الصغر التي تعلو تلك المحال على طول الشارع، أن تجارتهم دولية أو أن عملاءهم من كل أصقاع العالم، فيما الحقيقة أن زبائنهم هم أبناء الحي.. وتجارتهم لا يتعدى رأسمالها 200 ألف ريال.
في الحقيقة ليست لدي فكرة عن المسؤول المباشر عن انتشار مثل هذه المسميات والفائدة التسويقية أو التجارية منها.. وبالتأكيد أنه ليس هناك ضوابط محددة من البلديات أو الغرف التجارية المسؤولة عن مثل تلك الأمور.. ولكن الأهم أن ذلك تصرف يحمل في طياته نوعا من الخداع.. ومضحك في أحيان كثيرة.
لكن الأدهى كما قلت في بداية المقال أن تنتقل المسألة إلى الشركات الجديدة والمبتدئة وذات رأس المال المتوسط والذي لا يتجاوز رأسمالها 20 مليون ريال، حيث شرعت هي الأخرى وبلا رقيب في ''لصق'' صفة ''العالمية'' على شركاتها المحلية والتي في الغالب لا تخرج دائرة نشاطها عن حدود المنطقة.. بمعنى آخر يمكنك تقبل أن تكون إقليمية ..لكن عالمية..لا أعتقد.
المشاريع العالمية والشركات العالمية وفق الأعراف الاقتصادية الدولية هي تلك الشركات التي ترتبط أنشطتها وتجارتها بعدد كبير من بلدان العالم سواء على صعيد الاستيراد أو التصدير..أو تلك التي لها فروع منتشرة في جميع أنحاء العالم، ومنها بالتأكيد الشركات العملاقة على شاكلة شركات النفط والسيارات والأغذية والإنشاءات أو الشركات متعددة الجنسيات أو العابرة للقارات كما تسمى أحيانا.. بمعنى أن هناك شركاء في التأسيس والانتشار من دول عدة وعوائدها السنوية بمليارات الدولارات.. وليست بقالة يملكها مواطن ويديرها ثلاثة مقيمين ولا تتجاوز مبيعاتها اليومية ثلاثة آلاف ريال كحد أقصى..فهل من مصحح؟