خادم الحرمين والجوائز الثلاث
كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قد أقر قبل أكثر من عام جائزة الملك عبد العزيز للترجمة، وقبل أيام أقر جائزتين عالميتين هما جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز للثقافة، وجائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز للتراث.. ثلاث جوائز كبرى تشكل فعلا دعما حيويا للتنمية الثقافية في بلادنا وتشجيعا لها.
لقد راد خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز المهرجان الوطني للتراث والثقافة ''الجنادرية'' منذ البداية فكرة، تنفيذا، متابعة ورعاية، كذلك دعّم وموّل ورعى صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الأمير سلطان بن عبد العزيز مشروعين ثقافيين عظيمين هما: ''الموسوعة العربية العالمية - 30 مجلدا -'' و''موسوعة الملك عبد العزيز.. حياته وفترة حكمه في الوثائق الأجنبية - 20 مجلدا –'' كما موّل ورعى صاحب السمو الملكي مساعد وزير الدفاع والطيران الأمير خالد بن سلطان إصدار ''موسوعة الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية - 12 مجلدا.
وإذا كان من نافلة القول أن الأولى بالجوائز المشار إليها أعلاه هم أصحاب الفضل في أساس الرعاية والدعم والتمويل والتشجيع، فإنه مما لا شك فيه أن هذه المقامات الرفيعة التي دأبت على إدامة الفضل يسعدهم أن تذهب هذه الجوائز لمن أخلصوا في إنفاذ التوجيهات عمليا وكانوا محل الثقة في إنجاز ما أوكل إليهم من مهام وساروا بالشوط إلى منتهاه في إخراج هذه النفائس الثمينة على نحو مشرف.. وهم: الدكتور أحمد الشويخات الذي رأس تحرير الطبعة الأولى من: ''الموسوعة العربية العالمية''، والدكتور سعد البازعي الذي رأس تحرير الطبعة الثانية لهذه الموسوعة أيضا، أما ثالثهم فهو الدكتور سعد الصويان الذي رأس تحرير ''موسوعة الملك عبد العزيز.. حياته وفترة حكمه في الوثائق الأجنبية'' و''موسوعة الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية''.
هذه المشاريع الثقافية الثلاثة الكبرى هي بحق مراجع ثرية معتبرة في الثقافة العالمية وفي مفردات تراثنا الوطني وباتت علامات فارقة في ثقافتنا المحلية كما هي، في الوقت ذاته، إضافة نوعية للثقافة وللمكتبة العربية وهي وإن كانت مدينة بوجودها للمقامات الرفيعة التي وقفت خلفها وبذلت ورعت، فقد يكون فضاء هذه الجوائز مناسبة لأن يكافأ هؤلاء بجوائز الترجمة والثقافة والتراث التي أقرها خادم الحرمين، وطبعا كل في مجاله وأن تكافأ معهم مؤسستان ثقافيتان وطنيتان كبيرتان قدمتا على مدى الأعوام السابقة أعمالا مميزة في مجال الترجمة هما ''مكتبة جرير'' و''مكتبة العبيكان''، فقد كرستا جهودا مثابرة مشكورة لبناء قنطرة حية وجسر من التواصل بين الثقافة الأجنبية (خصوصا الإنجليزية)، وثقافتنا العربية وعمدتا إلى ترجمة روائع الكتب الحديثة مما يحتل صدارة الإقبال عليه عالميا، فضلا عن أن هاتين المكتبتين كانتا تزودان القارئ بفيض من الإصدارات العربية في مختلف فنون المعرفة.
إن الدكاترة الثلاثة الأفاضل وهاتين المكتبتين قد صبت جهودهم واهتماماتهم في مجرى الترجمة والثقافة والتراث، وكان الحصاد من النوع الذي لم يتم التفريط فيه بالجودة والنوعية والإتقان، فمن يطالع تلك الموسوعات المدهشة، ومن يقرأ ما تنشره مكتبتا جرير والعبيكان من ترجمات بديعة يدرك أن صناعة الثقافة في بلادنا لا تتجاسر إلا على التحدي في أن تكون منافستها على الامتياز، وأن من توكل إليهم مهام ثقافية كبرى كهذه إنما يصدرون عن ثقافة وعلم وخلق وإحساس عميق بالمسؤولية، وإنهم معنيون بالإبداع ورفعة المنتج، لذلك يصعدون إلى ذروة تحقيقه على نحو يليق بنبل الهدف والغاية وبرفعة الوطن وشموخه!!
وإذا كان الأمر كذلك، فلعلي أقترح على اللجنة أو الجهة المعنية بهذه الجوائز النظر في إمكانية أن تذهب هذه الجوائز الثلاث إلى أولئك الدكاترة الأفاضل وإلى هاتين المكتبتين. فقد عملوا ما هو جدير حقا بتكريمهم بها!!