كيف انتصرت المالية على الصناعة؟
في المرحلة الثانية ظهرت الأسهم العادية بوصفها محركا جديدا لجمع الثروات. على الرغم من أنها أكثر مخاطرة من السندات وغيرها من الاستثمارات البديلة إلا أنها أصبحت وسيلة للمساواة يستطيع بها الموطن الأمريكي العادي الحصول على عائدات أعلى من الاستثمار. وبدأت الإجراءات الرقابية لحماية المستهلكين في الظهور تدريجيا في أوائل القرن العشرين, ما شجع على المضاربة.
تمثل المرحلة الثالثة التطور السريع لصناعة سمسرة الأوراق المالية, التي بدأت بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية, حيث اشترى الملايين من المستثمرين الأمريكيين سندات من الحكومة الأمريكية لتمويل الولايات المتحدة في الحرب. وقامت شركات السمسرة في الأوراق المالية التي باعت سندات الحرب بابتكار أنواع أخرى متشعبة من الأوراق المالية.
خلال هذه المراحل الثلاث، بذلت الحكومة جهودا كبيرة لتقييد السلطات الاحتكارية، ولا سيما في صناعة السكك الحديدية, ما أدى بشكل غير مباشر إلى المبادرات التشريعية لحماية المستثمرين من وسطاء الأوراق المالية معدومي الضمير.
في القرن الـ 19 كانت فكرة التحول هي التعاون بين الشركات وليس مجرد التنافس. لكن مع بداية 1880 بدأ بعض خبراء الاقتصاد في انتقاد مفهوم رفع الأيدي الذي يدعو إلى التقليل من التدخل الحكومي في الاقتصاد والقطاع الخاص. وبدأوا في دعوة الحكومة إلى وضع قواعد جديدة لتحقيق التعاون بين الشركات.
في ذلك الوقت كان خبراء الاقتصاد ذوو النظرة الأبعد يقترحون تنظيمات حكومية جديدة وواجهت الشركات عقوبات حكومية تحد من التعاون بين الشركات ومن ثم تحد من النمو. ثم تم السماح بإنشاء الشركات القابضة باعتبارها وسيلة قانونية للاستحواذ على الشركات وتعزيز الصناعات.
شهدت الفترة من عام 1897 إلى 1903 نشاطا مكثفا في دمج الشركات وزادت أسعار الأسهم إغراء للمستثمرين في سوق الأسهم. لكن تفشى التلاعب في أسعار الأسهم وتصاعدت الأصوات الداعية لتنظيم سوق الأسهم.
شهدت سوق الأسهم ازدهارا في عام 1918 حيث بدأ المستثمرون في بيع السندات الحكومية واستخدام عائداتها في شراء أسهم مرتفعة العائد. وفي مواجهة انخفاض الطلب على السندات الحكومية، حاولت الحكومية الأمريكية بسط سيطرة أكبر على عملية تخصيص رؤوس الأموال بين القطاعين العام والخاص, لكن بصفة مؤقتة.
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، كفت الحكومة الأمريكية عن التحكم المباشر في سوق المال وتم وضع النظام الأساسي لسوق الأوراق المالية وظهرت طبقة وسطى كبيرة من المستثمرين المضاربين وترسخت لوائح حماية المستهلك.