العراق «تسونامي» النفط في 2010.. هل يعود إلى مظلة الحصص في «أوبك»؟
من الممكن أن تضرب العاصفة التي تلوح في الأفق منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» بشأن مستقبل إنتاج النفط العراقي في وقت أقرب مما ترغب. ولم تدرج «أوبك» الملف العراقي في جدول أعمال اجتماعها المقرر في 17 آذار (مارس) بيد أنها قد تحتاج لأن تفعل ذلك في غضون عامين.
وقال ليو درولاس من مركز الدراسات العالمية للطاقة «هناك قضية واحدة لكنها قضية كبيرة. إنها تسونامي.. العراق»، وبعد سنوات من العقوبات والحرب فإن العراق مستثنى من نظام الحصص الإنتاجية لـ «أوبك»، الذي تستخدمه المنظمة للتحكم في مستويات المعروض، بيد أنه مع شروع العراق في تطوير غير مسبوق لقطاعه النفط سيتعين على «أوبك» في مرحلة ما إدراج العراق مجددا في نظام الحصص الإنتاجية لمنع تدفق ملايين من براميل النفط إلى المعروض قد تعرقل جهود المنظمة لإيجاد توازن في الأسواق.
ويقول مسؤولو «أوبك» ومحللون إن هذه القضية ليست ملحة، إذ ربما يستغرق الأمر سنوات قبل أن يضيف العراق كميات مؤثرة من النفط إلى إنتاجه الحالي البالغ 2.5 مليون برميل يوميا. وزاد من هذه الشكوك إخفاق بغداد في السابق في الوصول إلى أهدافها الطموحة.
ويجمع المحللون على أن الأمر سيستغرق خمس سنوات قبل أن يعزز العراق الإنتاج بما يراوح بين مليون برميل ومليون ونصف مليون برميل. لكن مسؤلا تنفيذيا بارزا في إحدى شركات النفط العاملة في العراق قال «يمكنك أن تتطلع إلى مليون ونصف مليون برميل في غضون عامين. هذا قد يخلق اختلافا كبيرا في ميزان العرض والطلب. هل سيزيد الطلب بوتيرة مماثلة في هذا الإطار الزمني»، ويستهدف العراق من الصفقات التي عقدها مع الشركات الأجنبية إلى زيادة طاقته الإنتاجية إلى 12 مليون برميل يوميا في غضون سبع سنوات ليلاحق السعودية التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 12.5 مليون برميل. ويواجه العراق تحديات سياسية وأمنية ولوجستية هائلة في الوصول إلى ذلك الرقم المستهدف. ويتمثل الاختبار الأول في كيفية تعامل الحكومة التي ستفرزها الانتخابات مع العقود التي وقعتها شركات النفط.
لكن مع افتراض أن تلك الاتفاقيات سيتم إقرارها في شكلها الحالي وأنه سيمكن الشروع في العمل فإن حقول النفط العراقية تمثل صعوبات فنية كبيرة أمام شركات التنقيب الكبرى التي اضطرت للعمل في مناطق كالمياه العميقة والمناطق القطبية للوصول إلى الاحتياطيات النفطية، ولن تجد الشركات الدولية موقعا في العالم أرخص تكلفة ووفرة في الاحتياطيات من العراق. والوصول إلى مستوى 12 مليون برميل في غضون سبع سنوات يبدو غير محتمل لكن شركات النفط تعتقد أن تحقيق أرباح سريعة سيكون أمرا يسيرا.
وتشجع بنود العقود العراقية الشركات على زيادة الإنتاج سريعا كي تستعيد التكاليف فمبجرد أن ترفع الشركات الإنتاج في الحقول المنتجة بنسبة 10 في المائة تبدأ الشركات في جني العوائد. وقال بيل فارين- برايس الخبير في مؤسسة بتروليوم بولسي انتيليجنس «الصيغة التي بني عليها التعاقد تشجع على تقدم سريع... أشعر بتفاؤل مبرر بأننا سنرى إنتاج النفط العراقي يرتفع على مدى الشهور الاثني عشر المقبلة بفضل دخول مشاريع كالرميلة وغيرها الخدمة».
وقال العراق إنه يتوقع 200 ألف برميل يوميا إضافية من حقول نفطية تم تأجيرها طبقا للعقود الجديدة هذا العام. ومن المنتظر أن يرتفع إنتاج حقل الرميلة ـ وهو الأكبر في العراق ـ 100 ألف برميل يوميا بحلول تموز (يوليو). وفازت شركتا «بي بي» و»سي أن بي سي» بعقد لزيادة الإنتاج في حقل الرميلة - قاطرة صناعة النفط العراقية ـ إلى 2.85 مليون برميل يوميا من 1.07 مليون برميل يوميا.
ومن المرجح أن تؤجل «أوبك» التى تغلبت على كثير من الصعوبات منذ تأسيسها قبل 50 عاما بما في ذلك حرب مريرة بين العراق وإيران المفاوضات بشأن كيفية التعامل مع عودة ارتفاع إنتاج العراق لأطول وقت ممكن. ويتوقف موعد دعوة المنظمة للعراق للعودة إلى نظام الحصص الإنتاجية على الكيفية التى سينتعش بها الطلب على النفط بعد عامين من الانكماش نتيجة الركود الاقتصادي العالمي. وتقول بغداد إنها تعتقد أنه يتعين على «أوبك» أن تسمح لها بضخ المزيد من دون فرض حصة إنتاجية بعدما فقدت نصيبها في السوق وعائدات لمصلحة أعضاء آخرين في المنظمة عندما منعت سنوات من العقوبات العراق من إنجاز طاقته الإنتاجية.
وقال مسؤولون في «أوبك» إنهم بحاجة للتفكير في مسألة الحصص الإنتاجية بمجرد أن يظهر العراق قدرة على ضخ متسق للنفط من ثلاثة ملايين إلى 3.5 مليون برميل يوميا. ويقول البعض إن المنظمة ستحتاج لبحث هذه القضية في حال اقترب إنتاج العراق من خمسة ملايين برميل يوميا ليتقدم على إيران ويصبح ثاني أكبر منتج بين بلدان «أوبك» بعد السعودية. وقال إدوارد مورس رئيس المركز العالمي لأبحاث السلع في بنك كريدي سويس «حال تجاوز العراق بشكل مؤثر حصة الإنتاج الإيرانية ستزداد المشكلات المحتملة لـ «أوبك». وبالاتفاقيات التي عقدها عزز العراق موقفه للمفاوضات في المستقبل. وكانت أهداف الإنتاج السابقة تستند إلى الاحتياطيات. وتقل احتياطيات العراق من النفط بنسبة قليلة عن إيران لذا من المتوقع أن تكون الحصة المتوقع تحديدها مستقبلا للعراق شبيهة بحصة إيران. وتبلغ حصة إيران 3.34 مليون برميل يوميا رغم أن إيران تتبرم منها وتنتج حاليا 3.75 مليون برميل يوميا. لكن من المرجح أن يرفض العراق أن يحصر نفسه في تلك المقارنة لأن الصفقات التى أبرمها ستجعله يتساوى من حيث الطاقة الإنتاجية مع السعودية بغض النظر عن احتياطياته. ويقول محللون إن من المرجح أن يستغل ذلك كنقطة انطلاق للمفاوضات.