البيانات الاقتصادية القوية تمنح دفعة إيجابية للبورصات

البيانات الاقتصادية القوية تمنح دفعة إيجابية للبورصات

الارتفاع الثاني في الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو، ووصول وول ستريت إلى رقم قياسي جديد يوم الخميس هو الأعلى منذ 17 شهراً، شكَّلا خلفية إيجابية للأسواق العالمية يوم الجمعة، لكن هذا البعد الإيجابي تعرض للضعف بعد صدور التقرير الأمريكي الذي أظهر مستويات ضعيفة من ثقة المستهلكين.
وسجل مؤشر فاينانشيال تايمز العالمي زيادة مقدارها 0.5 في المائة، وهبط الدولار وتراجع مؤشر فيكس إلى المستوى المتدني إلي سجله منذ عامين، وذلك مع انتعاش الآمال في النمو الاقتصادي العالمي، ما أقنع المتداولين بتعزيز الكثير من الرهانات الخطرة.
وبدأ المتداولون جلسة التعاملات العالمية وهم يشعرون بالبهجة بسبب قدرة المؤشر القياسي الأمريكي ستاندارد آند بورز 500 أخيراً على اختراق حاجز جديد للدورة، فوق مستوى 1150 نقطة. وأشار كثير من المحللين إلى أنه حين يتم اختراق هذا المستوى فإن من شأن ذلك إرسال إشارة عن قوة وتحمل السوق، وبالتالي تشجيع المتداولين والمساعدة في دفع الأسهم إلى الأعلى نحو مستويات جديدة. ويصاحب ذلك زيادة في شهية المخاطر.
وقال جوردان كوتيك، من باركليز كابيتال، في مذكرة صباحية: ''أجمع المحللون على أن سوق الأسهم ستشهد تصحيحاً نحو الأدنى في الربع الأول من العام، لكن في الوقت الذي نقترب فيه من نهاية الربع الأول فإن أكثر ما يلفت النظر هو المدى الجيد الذي تتمتع به تلك الفئة من الموجودات.. على ما يبدو فإن الثقة الكامنة للمستثمرين هي الآن في ازدياد''.
علامات التحسن الاقتصادي في أوروبا، واقتران ذلك بتراجع المخاوف حول مشاكل المالية العامة في منطقة اليورو، أسهمت في هذا المزاج الإيجابي.
وقال ماركو فالي، الاقتصادي لدى بنك يوني كريدت في ميلانو: ''النقطة الرئيسة التي نستفيدها من تقرير اليوم حول الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو هو أن الانتعاش الصناعي تبين أنه أقوى مما كنا نظن سابقاً. وليس السبب في ذلك هو مفاجأة اليوم بقدر الحقيقة التي تقول إن التصحيحات الإيجابية الكبيرة للغاية التي أُدخِلت على البيانات السابقة تجعل الصورة الصناعية تبدو أقوى بكثير مما كانت تبدو قبل بضعة أسابيع''.
وتعزز المزاج العام أكثر من ذي قبل بفعل بيانات مبيعات التجزئة، التي فاقت التوقعات بكثير، عن شباط (فبراير)، والأنباء القائلة إن شركة كولبيرج كرافيس كولبيرج KKR تعتبر أن الظروف في الوقت الحاضر قوية على نحو يجعلها تفكر في إطلاق الاكتتاب العام الأولي وتحويل نفسها إلى شركة عامة في بورصة نيويورك، وهو الأمر الذي تم تأجيله من قبل لعدة سنوات.
لكن المزاج العام المتفائل تأثر سلباً في مرحلة لاحقة بفعل الهبوط الخفيف في ثقة المستهلكين بالولايات المتحدة. واضطر مؤشر ستاندارد آند بورز 500 ليشق طريقه وسط الخسائر السابقة ليستعيد مستوى 1150 نقطة (الذي سجله يوم الخميس)، وهبطت أسعار السلع والعوائد على سندات الخزانة القياسية.
واقتفت البورصات الأوروبية أثر المزاج المتقلب للعقود الآجلة الأمريكية وبعد ذلك أثر وول ستريت نفسه. وارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بنسبة 0.3 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في لندن سجل زيادة مقدارها 0.2 في المائة، حيث تلقى العون في ذلك من أسهم البنوك التي انتعشت بالآمال التي ترجو أن يكون القانون الأمريكي الجديد حول تنظيم القطاع المالي حميداً نسبياً، وبعد أن اعتدل وضع شركات التعدين التي عوضت خسائرها السابقة.
واستمر الاتجاه العام الذي كان سائداً معظم الأسبوع الماضي في أسواق الأسهم الآسيوية في نشاطه. وسجل مؤشر فاينانشيال تايمز لمنطقة آسيا – الباسيفيك زيادة بنسبة 0.5 في المائة، ليصل بذلك إلى أعلى مستوى له منذ سبعة أسابيع، لكن مستويات الأداء كانت متباينة. وفي طوكيو ارتفع مؤشر نيكاي 225 بنسبة 0.8 في المائة، وهو كذلك أعلى مستوى له منذ سبعة أسابيع. وكان المستثمرون يشترون أسهم شركات التصدير على أمل أن تعمل الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي الياباني في تقديم المزيد من التسهيل في السياسة النقدية ستعمل على إضعاف الين، وهذا المنطق ساعد أسواق الأسهم اليابانية على التمتع بالأسبوع الـ 11 على التوالي من التدفقات، وفقاً لبيانات مؤسسة إي بي إف آر جلوبال EPFR Global.
بالمقابل خسرت بورصة شنغهاي 1.2 في المائة لتسجل رقماً قريباً من أدنى معدل لها منذ ثلاثة أسابيع، على اعتبار أن المستثمرين ظلوا يشعرون بالقلق من إمكانية قيام بكين بتشديد السياسة النقدية لتهدئة بعض الجوانب الساخنة في الاقتصاد. وفي هونج كونج هبط مؤشر هانج سينج بنسبة 0.1 في المائة.
وسجلت العوائد على السندات الحكومية في البداية زيادة طفيفة، على اعتبار أن الشهية نحو المخاطر تعززت، كما أن بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية أشارت إلى أن الاقتصاد ربما يكون في وضع أقوى مما كان يُظَن في السابق. لكن هذه المكاسب انقلبت في الوقت الذي خسر فيه وول ستريت موقعه. وهبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 3.7 في المائة، وهبط العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات نقطة أساس واحدة ليصل إلى 3.1 في المائة. وشهدت السندات الحكومية اليونانية بعض المشترين، وهبط العائد على السندات لأجل عشر سنوات بنسبة عشر نقاط أساس ليصل إلى 6.21 في المائة. لكن هذه السندات القياسية أضافت 30 نقطة أساس منذ إنجاز بيع السندات لأجل عشر سنوات في مزاد الأسبوع الماضي بقيمة خمسة مليارات يورو، وهو توجه يشير إلى أن المستثمرين لا يزالون يشعرون بالقلق حول قدرة اليونان على التصدي لصعوبات التمويل لديها. ولم يتحسن الوضع بصورة عامة، بسبب الاشتباكات الجديدة التي وقعت في شوارع أثينا يوم الخميس.
وكانت الفروق بين العوائد على سندات الخزانة الألمانية والسندات الحكومية اليونانية تحوم حول 300 نقطة أساس. يذكر أن هذه الفروق هي علامة على النسبة الإضافية التي تريد السوق الحصول عليها بسبب المخاطر التي تترتب على اقتناء السندات اليونانية. أما نسبة التأمين المتقابل على السندات اليونانية فقد ظلت ثابتة عند 303 نقاط أساس.

الأكثر قراءة