أوروبا تطبخ «صندوق نقدها» على نار هادئة بعيدا عن أعين أمريكا

أوروبا تطبخ «صندوق نقدها» على نار هادئة بعيدا عن أعين أمريكا

تزايدت الأصوات في منطقة اليورو لتأسيس صندوق نقد أوروبي، لم تتضح معالمه حتى الآن لكن فيما يبدو أنه يجري ترتيبه على نار هادئة، وهو ربما يأتي على خلفية الأزمة العالمية وما تركته من آثار في بعض دول المنطقة ومن أبرزها اليونان.
وجددت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل القول إن إنشاء صندوق نقد أوروبي فكرة جيدة لكن كملاذ أخير وإن الأدوات المتاحة في معاهدة الاتحاد الأوروبي غير كافية للتعامل مع أوضاع كالتي تشهدها اليونان.
وقالت ميركل في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون، إن الوضع في اليونان يتطور بشكل إيجابي فيما يبدو وإن الدولة المثقلة بالديون العضو في منطقة اليورو لم تطلب مساعدة مالية.
وأضافت قائلة «نرحب بحقيقة أن اليونان تصرفت بتصميم مع برنامجها للمدخرات». وقالت المستشارة الألمانية إن معاهدة الاستقرار الأوروبية يجب ألا تضعف وإن إنشاء «حكومة اقتصادية أوروبية» لن يتطلب تغيير معاهدة الاتحاد الأوروبي.
وانتهز الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أزمة اليونان لإحياء أفكار لإنشاء «حكومة اقتصادية أوروبية» تتولى تنسيق السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء وإبقاء سعر صرف اليورو منافسا للدولار والين.
وقالت ميركل إنها تؤيد مطلب فرنسا لمناقشة قضية الاختلالات العالمية مع الولايات المتحدة والصين في قمة مجموعة العشرين.
في الوقت ذاته، قال جان كلود يونكر رئيس مجموعة اليورو إنه سيتم في مرحلة ما تأسيس صندوق نقد أوروبي لمساعدة الدول المتعثرة في منطقة اليورو لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت كي يأخذ شكلا معينا ويبدأ عمله. وأضاف يونكر الذي يرأس الاجتماع الشهري لوزراء مالية دول منطقة اليورو البالغ عددها 16 دولة أن الفكرة لن تطرح على جدول أعمال اجتماع هذا الأسبوع.
وأبلغ الصحافيين «لن تكون ضمن جدول أعمال اجتماع الإثنين لأنه يجب أن ننتظر اقتراحا رسميا من المفوضية الأوروبية والألمان والفرنسيين وآخرين ليكون لدينا صورة واضحة عما يعنيه هذا بالفعل». لكنه أبدى تأييده للفكرة وقال «نعم أعتقد .. إنه سيتم تأسيس صندوق نقد أوروبي بشرط أن توضع المبادئ على المسار الصحيح».
وساندت ميركل فكرة تأسيس صندوق إنقاذ جديد يمكن اللجوء إليه لمساعدة دول اليورو المتعثرة ماليا بالرغم من أن استجابة قادة أوروبين كبار آخرين كانت أكثر فتورا. وقالت المفوضية الأوروبية إنها على استعداد لاقتراح إقامة مثل هذا الكيان، وأشار جان كلود تريشيه رئيس المركزي الأوروبي إلى أن البنك لا يعارض الفكرة لكنه يحتاج للتعرف على مزيد من التفاصيل.
من ناحية أخرى قال رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه، إن البنك لا يرفض فكرة إنشاء صندوق نقد أوروبي لكنه بحاجة لبحث الاقتراح بعمق.
واضاف تريشيه قائلا للصحافيين في فرانكفورت: «المجلس الحاكم لم يدرسه بعد.. لكننا لا نرفض الفكرة في هذه المرحلة. «أتفهم الفكرة وهي أن تكون هناك شروط قوية جدا لدعم دولة بعينها».
وفضلا عن تأييد ميركل لفكرة الصندوق الذي قد يستخدم لمساعدة الدول المتعثرة ماليا قالت المفوضية الأوروبية إنها على استعداد لاقتراح إنشاء مثل هذه الهيئة.
وفي واشنطن قال رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أمس، إنه إذا واصل المضاربون إجبار اليونان على دفع تكاليف اقتراض مرتفعة فسيكون الاتحاد الأوروبي مستعدا للتدخل في الأسواق.
وأضاف قائلا للصحافيين «إذا استمرت المضاربة ضد اليونان فستناقش أفكار في أوروبا لأن «يتدخل» الاتحاد الأوروبي في الأسواق.
من جانبه، أوضح وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله، أن فكرة إنشاء صندوق نقد أوروبي قد يتمثل «حلا أخيرا» لتوفير سيولة عاجلة لإقراض دول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات مالية، مع فرض قيود قاسية عليها.
وقال شويبله، أحد أوائل المسؤولين الذين طرحوا فكرة إنشاء هذا الصندوق، في مقال في النسخة الألمانية لـ «فايننشال تايمز»، إن «مساعدة محتملة (من هذا الصندوق) يجب أن تكون الحل الأخير» وأن «تقتصر على الحالات الطارئة التي لا يمكن تجنبها في مجمل منطقة اليورو». وأضاف الوزير الألماني أن هذا الصندوق «يمكنه أن يؤمن للدول الأعضاء سيولة عاجلة لتجنب العجز عن الدفع. وفي الوقت نفسه يجب وضع إطار صارم وأسعار باهظة».وتابع إن «الحصول على سيولة عاجلة يجب ألا يكون مضمونا بأي حال من الأحوال ويجب أن تبقى إمكانية إفلاس دولة قائمة». وأكد شويبله أن «إمكانية الحصول على مساعدة عاجلة ترافقها إجراءات اقتصادية تصحيحية ومالية قاسية، ستعزز ثقة أسواق المال وستمنع تفاقم الأزمات وتجعل لجوء دول منطقة اليورو إلى صندوق النقد الدولي غير ضروري». ويقترح الوزير الألماني في الوقت نفسه فرض «عقوبات معززة» تشكل غرامات تسدد في نهاية برنامج المساعدة ولا يمكن إعادتها.
كما يقترح شويبله تعليق حق التصويت الذي تملكه أي دولة تخالف «عمدا» القواعد الأوروبية، «لمدة عام على الأقل». وفي نهاية الأمر يمكن طرد بلد من منطقة اليورو لكنه يبقى عضوا في الاتحاد الأوروبي.

الأكثر قراءة