قراءة في مسيرة حوكمة الشركات والمساءلة

في إصدار خاص من مجلة Accounting, Auditing & Accountability Journal, التي خصصت أحد أعدادها لعام 2008 لمناقشة التطورات البحثية في دراسة موضوع حوكمة الشركات والمساءلة Corporate governance & Accountability خلال العقدين الماضيين، ولرسم خريطة طريق لتوجيه الأبحاث التالية للسير في نسق تصاعدي لتطوير هذه المفاهيم وطرق مجالات البحث التي لم تحظ بفرص الدراسة والتحليل المناسبة. قام بإعداد هذه الدراسة كل من Niamh Brennar & Jill Solomon تحت عنوان Corporate Governance, accountability and mechanisms of accountability: an overview. هذا البحث أوجز طريقة التعامل الأكاديمي في البحوث مع موضوعات حوكمة الشركات والمساءلة ويراد له أن يسهم في رسم بعض النقاط الاسترشادية لمستقبل البحث في هذا الشأن.
هذة الورقة جُزئت إلى جزءين, اهتم الأول بالدراسة التحليلية لمجموعة من الدراسات والبحوث السابقة بناء على النظريات المستخدمة، آليات المساءلة، المنهجية المتبعة للبحث، القطاع الذي تشمله الدراسة والتطور الزمني لمفهوم الحوكمة والمساءلة مع التوجه السائد نحو العولمة.
أما الجزء الآخر من الدراسة فقد اهتم بتحليل الأبحاث الأكاديمية التي نُشرت في ذلك العدد من المجلة التي غلب عليها طابع التخصص لمناقشة ومعالجة مشكلة العدد من خلال التعرف على مدى مساهمة كل باحث في تطوير موضوع البحث.
هذه القراءة كما ذكر سابقاً تصل بالقارئ إلى تكوين صورة عن تاريخ حوكمة الشركات والمساءلة ومستقبل الأبحاث فيها لتساعد الباحثين الجدد على تحديد مواقعهم من خريطة البحث والدراسة في هذا الموضوع. ولتساعد على فتح آفاق جديدة للباحثين للتطرق لموضوع حوكمة الشركات والعوامل المؤثرة فيها وللاستفادة من توفير كم لا بأس به من المراجع للقارئ.
خُتمت هذه الدراسة بالدعوة إلى تبني منهجية أوسع لدراسة موضوعات حوكمة الشركات والمساءلة بما يساعد على تخطي الحدود السابقة في الأبحاث التي سبقت هذا التاريخ والتي غلب عليها التركيز على البحوث الكمية Quantitative research. كما أوصت الدراسة بإدراج وتبني نظريات بحثية مختلفة ومحاولة اختبارها للتعرف على مدى مساهمتها في فهم الظواهر المرتبطة بموضوع حوكمة الشركات والمساءلة، واستخدام أساليب بحثية متطورة أو ما يمكن وصفه بالطرق قليلة التوظيف في الأبحاث المالية والإدارية. وهذا يعكس التوجه العام لتبني فكر الدراسات الكيفية للظواهر والمشكلات البحثية أو ما يعرف بـ Qualitative research.
قارئ هذه المقالة سيخرج بتصور جديد أو فهم أعمق لما هي عليه أبحاث حوكمة الشركات والمساءلة، التي قد تساعده على تبني أو توسيع مجالات البحث لديه ليسهم في تعميق وتأصيل المعرفة.
ختاماً.. مع أن المؤسسات العلمية الدولية تهتم بكل موضوعات البحث في كل تخصص إلا أنها تخصص بعض الجهود للتركيز على موضوعات ذات صلة بالحياة والمؤثرات الخارجية، نتمنى أن نرى جامعاتنا وقد تبنت مثل هذا المفهوم من خلال الإصدارات البحثية المشتركة للمساهمة في حل المشكلات العلمية بشكل عام والمحاسبية والإدارية المعاصرة في بيئتنا بشكل خاص.