ماليزيا تبلغ دول الخليج رسميا رغبتها الدخول في مفاوضات للتجارة الحرة
أبلغت ماليزيا أمس دول مجلس التعاون الخليجي رسميا رغبتها الدخول في جولة مفاوضات حول اتفاقية لإنشاء منطقة للتجارة الحرة. ومعلوم أن دول الخليج تجري عدة مباحثات مع عدد من الدول والاتحادات الاقتصادية بهدف إبرام اتفاقيات تجارة حرة، وتمثل الخطوة مع كوالالمبور تحديدا دعما لدول المجلس في إطار إعادة رسم خريطة توجهاتها الاقتصادية الخارجية، وتوجهها نحو دول شرق آسيا.
وتسلم عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أمس رسالة خطية من داتو سري مصطفى محمد وزير التجارة الدولية والصناعة الماليزي، تتعلق برغبة ماليزيا الدخول في مفاوضات تجارة حرة مع دول المجلس، والتي سلمها بدوره البروفيسور سيد عمر السقاف سفير ماليزيا لدى المملكة.
ويأتي هذا التوجه من قبل دول مجلس التعاون الخليجي نحو البحث عن المجموعات والتكتلات الاقتصادية خصوصا في دول شرق آسيا في الوقت الذي تشهد فيه مفاوضات الخليجيين مع الاتحاد الأوروبي تراخيا ومماطلة من الأوروبيين في إتمام اتفاقية التجارة الحرة، والتي أصبحت بحسب وصف مسؤولين خليجيين بالثانوية حاليا، ولم تعد تحظى بحماس دول المجلس كما كان في السابق. والمعلوم أن الجانب الخليجي علق مفاوضات التجارة الحرة نهاية العام الماضي 2008 نظرا لتمسك الجانب الأوروبي بمطالب سياسية تعتقد دول المجلس أنها لا ترتبط بالاتفاقية.
وقال وزير التجارة والصناعة الماليزي في وقت سابق، إن اتفاقية التجارة الحرة ستفتح المجال أمام سبل توسيع وتعزيز التنمية الاقتصادية والتجارية بين ماليزيا ودول المجلس، موضحا أن دول الخليج تعد من الوجهات التجارية العالمية. وأشار الوزير الماليزي في هذا الصدد إلى أن عديدا من الشركات الماليزية اتجهت إلى ترويج منتجاتها وصناعاتها في أسواق دول الخليج ولاسيما في منتجات «الحلال». وتابع أن دول المجلس تعد الأقل تأثرا بالأزمة المالية العالمية بالإشارة إلى الاحتياطي المالي الكبير للاستثمار، مضيفا أن دول مجلس التعاون من أهم الشركاء التجاريين بالنسبة لبلاده ولاسيما بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، علاوة على انتمائها إلى منظمة المؤتمر الإسلامي.
كما تعد ماليزيا ودول الخليج إحدى ركائز سوق الصكوك أو السندات الإسلامية حيث تشكل دول مجلس التعاون 55.5 في المائة من قيمة الصكوك المصدرة بالدولار الأمريكي، في حين تشكل ماليزيا 36.3 في المائة منها. وعلى الرغم من أن التبادلات التجارية والاستثمارية بين ماليزيا ودول مجلس التعاون الخليجي شهدت نموا ملحوظا خلال السنوات العشر الماضية، إلا أن حجم التجارة والاستثمارات لا يزال متواضعا مقارنة بالأقاليم الأخرى. وتتركز الصادرات الماليزية إلى دول مجلس التعاون على المجوهرات والأدوات الكهربائية والمنتجات الإلكترونية، فيما تتركز وارداتها على النفط ومشتقاته.
وتتجه دول الخليج الست لإعادة رسم خريطة توجهاتها الاقتصادية الخارجية، بالاتجاه نحو الاستثمار في دول جنوب شرق آسيا وإقامة مناطق تجارية حرة مشتركة وتعزيز حجم التجارة معها، وهي الأمور التي برزت أهميتها في ضوء ما كشفت عنه الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وما أعقبها من انهيارات متعاقبة ومكثفة للمؤسسات المالية العالمية، ولاسيما الأمريكية والأوروبية منها. كما يحمل المستقبل فرصًا جديدة للتعاون في ضوء مشروع (الآسيان + 3) بانضمام كل من اليابان والصين وكوريا الجنوبية للرابطة، ولاسيما مع ارتباط دول الخليج بعلاقات اقتصادية واسعة مع الدول الثلاث، حيث يمثل النفط الخليجي نحو 51 في المائة من إجمالي واردات الصين النفطية من العالم الخارجي، كما تحصل اليابان على نحو 90 في المائة من إجمالي احتياجاتها النفطية من منطقة الشرق الأوسط، توفر دول المجلس نحو 76 في المائة منها.