رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل «الموساد» هو ذلك «المجهول»..؟

على خلفية جريمة «الموساد» الصهيوني في دبي، وضمن تداعيات دخول عناصره، مستخدمين جوازات سفر لدول يفترض أن تكون محترمة ومنضبطة وتضع ضوابط شديدة على وثائقها الرسمية ومنها وثائق السفر للإمارات بصفتهم سياحاً وزواراً عاديين منهم من انتحل المواطنة الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية أو الأيرلندية أو الأسترالية، وقاموا بتنفيذ عملية اغتيال في أحد فنادقها، ثم تسللهم الواحد بعد الآخر خارج البلاد بدم بارد، تدفع بنا للتفكير بطريقة أخرى لتفسير كثير من جرائم الاغتيالات والتفجيرات التي شهدتها منطقتنا العربية خصوصاً على مدى السنوات الماضية مما استعصى فهمها وتتبع مرتكبيها ومنفذيها حتى الآن.
جريمة اغتيال الشهيد محمود المبحوح - رحمه الله - كان يمكن أن تقيد ضد ذات «المجهول» الذي قيدت ضده معظم جرائم الاغتيال والتفجيرات من لبنان إلى العراق، وكان يمكن في ظل الانقسام الفلسطيني الحاد أن تتحول مادة للاتهامات المتبادلة كما حدث في لبنان ويحدث في العراق، بينما الفاعل الحقيقي يتفرج من بعيد بعد عدم تركه أي أثر يدل عليه.
في لبنان مثلاً، جميع جرائم التفجيرات والاغتيالات بدءا من اغتيال الرئيس رفيق الحريري - رحمه الله - سجلت ضد مجهول، وهذا المجهول «فص ملح وذاب» كما يقول المثل الدارج، وهو نفس الشيء الذي كان سينطبق على جريمة دبي لولا توفيق الله ثم يقظة جهاز أمن دبي واستخدامه التكنولوجيا في المتابعة والمراقبة والتصوير، والذي كشف وبسرعة وبالأدلة القاطعة الأشخاص المؤكد أنهم مرتكبو تلك الجريمة، وهو نفس ما يحدث في العراق من تفجيرات واغتيالات دون أن يتم التوصل للفاعلين والمنفذين، حيث يكتفى فقط بتوجيه الاتهامات وتبادلها بين الأطراف العراقية أو مع دول مجاورة، مع ملاحظة مهمة يجب ألا تغيب عنها الطريقة التي استخدمت في دبي، وهي أن اغتيالات وتفجيرات لبنان حدثت في ظل رقابة أمنية لم تعد تحت الوصاية السورية بعد الخروج السوري من لبنان، وما يعانيه العراق من عمليات عنف يومية، تجري وهناك أكثر من 170 ألف جندي أمريكي، ووجود سياسي وأمني واستخباري أمريكي مكثف، ومع هذا لا يترك الفاعلون - سبحان الله - أثراً، بينما تعرفت الولايات المتحدة على مرتكبي حوادث أيلول (سبتمبر) خلال 24 ساعة وعرضت صورهم وجوازات سفرهم وأسماءهم كاملة، مع أن الطائرات وركابها صهروا ولم يبق لهم أثر بعد عين ..!!.
انكشاف منفذي جريمة دبي وكونهم عملاء لعصابة «الموساد» الصهيونية، وخلية النخبة فيها وممن يكلفون بتنفيذ العمليات الصعبة والمعقدة والقذرة من ناحية، واستخدامهم جوازات سفر أوروبية يفترض ألا تثير الريبة ولا الشك فيمن يحملها من جهة أخرى، يستدعي فعلا وجديا إعادة التفكير في كل حوادث الاغتيالات والتفجيرات التي ما زالت غامضة والتي حدثت هنا وهناك، ومحاولة استقراء الجهة المحتمل تورطها فيها، حتى يمكن فك طلاسمها وألغازها بعد أن فكت شرطة دبي شفرتها السرية.
على خلفية ذلك كله، علينا الآن وبجدية ودون خوف من أن نتهم بالتهويل والوقوع في أوهام نظرية المؤامرة، أن نوجه أصابع الاتهام لجهاز عصابة «الموساد» بأنه المتهم الأول في اغتيالات وتفجيرات لبنان، وكذلك في العراق والمنطقة العربية كلها، بل حتى حوادث أيلول (سبتمبر) الأمريكية، فالغموض الذي لف كل تلك الحوادث، والقدرة العجيبة على عدم ترك الفاعل لأثر يدل عليه رغم التحقيقات المكثفة لأشهر وسنوات، يؤكد أن الفاعل يملك أساليب متطورة وفاعلة في إخفاء أثره وإبعاده عن التهمة، ولهذا تبقى تلك الجرائم تستعصي على أعتى أجهزة التحقيقات وتتوه في افتراضات واتهامات غير قاطعة ولا مثبتة، ولا يستطيع فعل ذلك إلا جهاز لديه إمكانات عالية وتوفر له تسهيلات كبيرة ويحظى بحماية سرية، ولا يملك مثل هذه الإمكانات النادرة والاستثنائية إلا عصابة «الموساد» الصهيوني، كما فضحت ذلك جريمة دبي.
ألا يحق لنا بعد انكشاف أساليب «الموساد» في جريمة دبي توجيه أصابع الاتهام له بأنه هو من يقف خلف جرائم الاغتيالات والتفجيرات الغامضة التي شهدتها منطقتنا العربية السنوات الماضية؟ وأنه الجهة التي توفر للإرهاب الدعم والرعاية لاستخدامه والذي ضرب في كل العالم ما عدا كيان العدو ..؟ وأنه هو ذلك الفاعل «المجهول» الذي تقيد دوما ضده كل جرائم الاغتيالات والتفجيرات ..؟
هذا احتمال وارد لكون من مصلحة كيان العدو الصهيوني الاستراتيجية زعزعة الأمن القومي العربي من داخله، وتغذية الصراعات والخلافات الداخلية، وتشجيع تصفية الحسابات من خلال اغتيالات وتفجيرات تؤجج الخلافات وتدفع لإثارة الفتن العرقية والمذهبية حتى السياسية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي