نظام الغرف ونظرة نحو التغيير
يتفق معي الجميع على أن تغيير الأنظمة والقوانين التي مضى على وضعها عدة عقود، دائما ما يصب في مصلحة الجهة التي تنتظم بهذه القوانين أو هذه الأنظمة، وذلك لمواكبة التطور والنمو، ومجاراة معطيات العصر الذي تخدمه تلك الجهات، من خلال ما تقنون به، وتنتظم إليه.
وبالعود إلى انتخابات الغرف التجارية الصناعية في المملكة التي شهدت تغييرا واضحا في بعض مواد اللائحة التنفيذية لنظام الغرف من خلال إلزام الناخبين بالتصويت لمرشح واحد فقط، ما أدى بدوره إلى عدم وجود التكتلات وإعطاء الفرصة لمختلف الشرائح، يعد إضافة كبيرة من وزير التجارة والصناعة نحو التغيير الإيجابي، الذي سيلمس الجميع آثاره مستقبلا، من خلال انضمام وضخ دماء جديدة من الشباب السعودي لمجال إدارات الغرف التجارية والصناعية، لتكون تلك المجالس خليطا بين الخبرة من رجال الأعمال المخضرمين ورجال الأعمال الشباب، وسيدات الأعمال، وليس حكرا على شريحة معينة فقط، وبالتالي إنتاج عمل يتوافق مع جميع الأطياف، ويخدم جميع المستويات من أصحاب المال والأعمال.
لقد كانت خطوة وزير التجارة والصناعة في تغيير بعض مواد اللائحة التنفيذية لنظام الغرف التي مضى عليها أكثر من 40 عاما جريئة جدا، ومدروسة في الوقت نفسه، وشاهدنا آثارها في انتخابات بعض الغرف التجارية والصناعية في المملكة، ومدى الإقبال من شباب الأعمال الذين كانوا يفتقرون للفرصة الكبيرة للدخول في هذه الانتخابات لوجود تكتلات كبيرة لرجال أعمال لهم وزنهم في الساحة التجارية والصناعية، مما يؤدي بدوره إلى ضعف فرص الفوز لدى هؤلاء الشباب، وبالتالي عزوفهم عن المشاركة، التي قد تحرم الغرف التجارية والصناعية في المملكة من عقليات طموحة تساند رجال الأعمال في مجالس إدارات الغرف التجارية والصناعية.
ومع هذا التغيير إلا أننا نطمح أيضا أن تكون هناك مبادرة من قبل وزارة التجارة والصناعة، لإعادة النظام الجديد الذي تمت دراسته في مجلس الشورى في وقت سابق، مع التركيز على المادتين 16 و21 المتعلقتان بشروط المرشح والناخب، والإضافة إليهما بما يتلاءم مع الوضع الحالي للاقتصاد الوطني وعضوية المملكة في منظمة التجارة العالمية، حيث تتضمن هاتان المادتان مثلا أن يكون شرطا على المرشح أن يجيد القراءة والكتابة، فلا يوجد اليوم والحمد لله في بلادنا الغالية من لا يجيد القراءة أو الكتابة إلا في حالات نادرة لا تكون لها علاقة في مثل هذه المجالات، ومن ثم إضافة شروط جديدة تصب في مصلحة مجالس إدارات الغرف، كأن يكون إلزاما على المرشح لانتخابات الغرف التجارية والصناعية ممارسة العمل في لجانها مدة زمنية معينة يتم الاتفاق عليها من قبل لجنة تضم ممثلين عن جميع الغرف في المملكة، كذلك مشاركة المرشح لأغلب فاعليات تلك الغرف، والتي يكون من خلالها قد اكتسب خبرة لا بأس بها في عمل الغرف، وبالتالي خدمة المشتركين، وتحقيق الأهداف التي أنشأت من أجلها غرفهم، إلى جانب الخبرة في كيفية الإضافة إلى اقتصادات المناطق التي تنتمي إليها الغرف، والاقتصاد الوطني عموما.
إن محاولة التطوير والسعي إلى إيجاد الأصلح تقود دائما إلى النجاح في صنع الأنظمة والقوانين المنظمة لمجال معين، وبالتالي تقديم الخدمة على أعلى مستوى من قبل تلك الجهة التي أنشأت من أجلها في مختلف المرافق.