أجندة البيانات الأمريكية هذا الأسبوع تبشر بأخبار إيجابية للاقتصاد العالمي
يشهد هذا الأسبوع وابتداء من غد الثلاثاء إعلان عدد من البيانات الاقتصادية المهمة التي تشير في مجملها إلى تحسن الاقتصاد الأمريكي منذ مطلع هذا العام، وسيتم الإعلان عن مؤشر ثقة المستهلك لشباط (فبراير) 2010، الذي يتوقع وصوله لمستوى 55.3 نقطة مقارنة بـ 55.9 نقطة لكانون الثاني (يناير).
وفي 24 شباط (فبراير) الجاري سيتم الإعلان عن طلبات شراء البيوت الجديدة لشباط (فبراير)، التي يتوقع وصولها إلى 351 ألفا مقارنة بـ 342 ألفا في كانون الثاني (يناير). وفي 26 شباط (فبراير) سيتم الإعلان عن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الرابع من عام 2009 الذي يتوقع أن يبلغ 5.6 في المائة.
ويركز المستهلك الأمريكي على بيانات معدل البطالة وسوق العمل أكثر من أي بيانات أخرى مثل حالة الاقتصاد أو معدلات التضخم. وما يسهم في مؤشر ثقة المستهلك هو أسعار المنتجات النفطية كالجازولين، الذي يعتبر أكبر عامل استهلاكي في حياة المستهلك في الولايات المتحدة.
ومن الواضح أن الارتفاع الأخير في أسعار الجازولين بدأ يأخذ حصة وافرة من دخل المستهلك الأمريكي. زد على ذلك تذبذب أسواق الأسهم الأمريكية، الذي يعد أحد مرافق الاستثمار للمستهلك الذي قد يشير إلى عدم تحقيق المستهلك عوائد جيدة ترفع من مصادر الدخل. وما يجري أخيرا من عقبات سوق الرهن العقاري قد يدفع حجم الإنفاق الاستهلاكي إلى الانخفاض ويزيد من وضع حالة سوق العمل المشدودة كمعطيات تفيد باستمرار تضايق الفجوة الممنوحة لاحتواء القوى العاملة في سوق العمل.
ويعتبر بقاء المؤشر فوق 55 نقطة إنجازا طيبا للاقتصاد الأمريكي بالمقارنة بمستواه الذي بلغه أثناء الأزمة وهو 20 نقطة. إلا أن مؤشر ثقة المستهلك لا يرتبط مباشرة بالإنفاق الفردي، حيث إن هذا الإنفاق يرتبط أكثر بالدخل، ولكنه يعكس وعي الأفراد بمؤشرات إيجابية أخرى مثل معدل البطالة وأسعار الغاز وغيره. ولكن المؤشر بالطبع لا يزال دون المستوى الذي كان عليه قبل الأزمة، الذي كان يلامس 140 نقطة، مما يعني أن المستهلك الأمريكي لا يزال قلقا بشأن التعافي الاقتصادي وتحسن أعمال الشركات وتوافر الفرص والدخل.
وفيما يخص طلبات شراء المنازل الجديدة، فإن تغيرات الطقس تدرج في أجندة المراقبين، حيث يلاحظ بعض الارتفاع بسبب اعتدال الطقس ما أدى إلى تعزيز حركة التجول والبحث عن المنازل ولكن لا يعود هذا الارتفاع بالضرورة إلى تطور أو نمو في قطاع الإسكان. ولهذا يفترض إضافة بيانات الطقس الحالية وتوقعاتها في المستقبل حتى نتمكن من الحصول على استطلاع أكثر دقة في الفترة المقبلة. وهذا يتضح من خلال اختلاف بيانات مبيعات المنازل الجديدة وبيانات المنازل الموجودة. هذا الاختلاف مازال تحت تأثير الطقس فقط ولم نلحظ آثارا أخرى تساهم في خلق تباين في تلك البيانات كما هي الحال في تغيرات الطقس.
غير أن مبيعات أو شراء المنازل الجديدة يرتبط أيضا بتحسن شروط الرهن العقاري. كذلك تؤثر في المبيعات معدلات التضخم السائدة. ويعكس التحسن الراهن تحسنا في هذه المعطيات كافة. وكان يتوقع ارتفاع معدلات الشراء بشكل أكبر في نهاية العام الماضي عندما تم تحديد موعد أقصى للاستفادة من الإعفاء الضريبي على شراء المنازل الجديدة، لكن هذه المهلة تم تمديدها إلى نيسان (أبريل) 2010، مما يعني أن الأشهر المقبلة قد تشهد نموا أكبر في هذا المؤشر.
وتظهر بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.6 في المائة (التوقع السابق كان 5.7 في المائة) تعافي الاقتصاد الأمريكي بوتيرة أسرع مما كانت عليه توقعات السوق التي توقعت نموه ما بين 4.5 في المائة -4.8 في المائة، ويعد هذا النمو ربع السنوي الأكبر منذ الربع الثالث لعام 2003، البالغ نسبته 6.9 في المائة.
يذكر أن الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي مضى في طريقه نحو الارتفاع على مدار ربعين متتاليين، وروجعت قراءة الربع الثالث بواقع 2.2 في المائة، فيما وصلت قراءة الربع الحالي إلى 5.6 في المائة بعد عام كامل من الانكماش بدأ منذ الربع الثالث من عام 2008.
وأشار التقرير الصادر عن وزارة التجارة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي على مدار عام 2009 وصل في النهاية إلى الهبوط بواقع 2.4 في المائة وذلك بعد استبعاد السحب من المخزونات. ويعد انكماش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2.4 في المائة عام 2009 بكامله هو أكبر انكماش منذ عام 1946 العام الأول بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2009 زاد إنفاق المستهلكين بمعدل سنوي بلغ 2 في المائة انخفاضا من 2.8 في المائة في الربع السابق عندما لقي إنفاق المستهلكين دفعة من برنامج حكومي للدعم المالي. وفي الربع الأخير بلغت مساهمة إنفاق المستهلكين في الناتج المحلي الإجمالي 1.44 نقطة مئوية.
وتباطأ إنفاق المستهلكين - الذي يشكل في العادة نحو 70 في المائة من النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة - بسبب أسوأ سوق للعمالة في ربع قرن، ونمت استثمارات الشركات في الربع الأخير للمرة الأولى منذ الربع الأخير من 2008 مع تعويض إنفاق قوي على المعدات والبرمجيات وتراجع في سوق العقارات التجارية. وزادت استثمارات الشركات بمعدل 2.9 في المائة بعد أن هبطت 5.9 في المائة في الربع الثالث. وتراجع نمو الإنفاق على تشييد المساكن الجديدة بشدة في الربع الأخير إلى معدل سنوي قدره 5.7 في المائة من معدل بلغ 18.9 في المائة في الربع الثالث.